في "جيتكس دبي-2004"، رقص الروبوت "كيريو" QRIO، "عالواحدة ونص"، بعد ان رآه العالم قبل اشهر قليلة يقود عزف سمفونية لبيتهوفن! ولم يكن "هز البطن"، ولا التلويح بالرقبة في وصلة الرقص الخليجي، الكفاءات التي اضيفت للروبوت في زيارته الاولى للشرق الاوسط. فقد علمته شركة "سوني" ايضاً ان يتلفظ بجملتي "اهلاً وسهلاً" و"السلام عليكم"، بلسان عربي فصيح. قدم "كيريو" عرضه في "سوق الكومبيوتر" الذي رافق المعرض الرئيسي لجيتكس. وعندما عزفت اغنية "زينة"، للموسيقار فريد الاطرش، مال بجنبه وقدم كتفه ولوى رقبته، فأتخذ وضعية تذكر بسامية جمال او تحية كاريوكا او بالممثلة هند رستم، التي سجلت رقصها لهذة الاغنية سينمائياً. والحال انه انطلق في وقت مبكر من هذا العام، باداء راقص لايقاعات الروك، وبعزف على الساكسافون. باتت الروبوتات تسير وتصعد السلالم وتحيي وتنهض وترقص بتلوينات ثقافية مختلفة، اضافة الى اغترافها من ذكاء الكومبيوتر، بل انها تمثل النقطة الاعلى في تطور الذكاء الاصطناعي. تطور سريع جداً لنسل الآلات، خصوصاً اذا ما قورن بالتطور البطيء المشهور عن الكائن البشري! في اربعين سنة، قطعت الروبوتات اشواطاً من التطور، في الحركة والذكاء والنطق، يقتضي من البشر، لو انهم ارادوا "تقليده" آلاف السنوات! لعلها ليست فكرة سيئة ان يعمد البشر الى تقليد الآلات الذكية التي يصنعونها! فالحال ان الكومبيوتر، والروبوت مثال جيد على علومه، يسير في درب الذكاء بسرعة عالية. ترى هل تطور الذكاء البشري، خلال الاربعين السنة الماضية بالمستوى نفسه؟ الارجح ان الجواب لن يكون ايجابياً. الى اين تسير الحضارة الانسانية فيما هي تصنع الات ذكية، اي نسل متطور، لا تستطيع، اي البشرية، ان تجاريه في التطور؟ الى اين يصل السباق الخفي بين جنسين يقطنان كوكباً واحداً؟ في مطلع العام الحالي، سجلت الروبوتات سبقاً مذهلاً في الوصول الى المريخ، قبل البشر. وفي العام نفسه، شرعت الروبوتات في تطوير قدراتها في فن الترفيه Entertainment، الذي كان قبل ذلك، حكراً على الجنس البشري! الترفيه المنزلي في قلب الكومبيوتر دخلت الروبوتات الترفيه، لان الفن بات في صلب تطور صناعة الكومبيوتر راهناً. وفي "جيتكس" الراهن، ابدت شركة "انتل"، عملاق صناعة الرقاقات الالكترونية، اهتماماً لافتاً بالترفيه المنزلي. ونصبت في قلب منصتها كومبيوتر ترفيه، يديره برنامج من صنع شركة "اكتيف مانيا" Active Mania. ويمثل الجهاز ذوبان مهمات ادوات الترفيه، مثل الراديو والتلفزيون ومشغل الاسطوانات الرقمية DVD والفيديو ومشغل اقراص "سي دي"، في الكومبيوتر، الذي يستمر في اداء مهمات الحوسبة. وخصصت "انتل" ندوة للترفيه المنزلي، تحدث فيها ربال زوين، مدير شركة "اكتيف مانيا". وبيّن قدرة كومبيوتر الترفيه على الحصول على مواد الترفيه من الانترنت ايضاً. وتحدث بالتفصيل عن تحول البيت الى شبكة ترفيه الكتروني، يديرها الكومبيوتر الذي يعرض مواد الترفيه على شاشات متعددة في المنزل. وفصل شاراد غاندي، احد احفاد الراحل المهاتما غاندي، مفهومه للدور الذي يلعبه الترفيه راهناً في تطور صناعة الكومبيوتر. وفي لقاء مع "الحياة"، اوضح غاندي ان الالعاب الالكترونية تعتبر في القلب من صناعة الترفيه والكومبيوتر، في الوقت نفسه، ما يظهر واضحاً في تركيب الرقاقات الالكترونية المتطورة. ورأى ان الوضع الراهن يسمح للكومبيوتر ب"تقليد الخبرات التي نعيشها في الحياة اليومية كافة، مثل الالوان والصور والاصوات...البعض رأى ان الحل يكمن دوماً في صنع رقاقات فائقة التطور، بحيث سادت الخشية دوماً من وصول الرقاقات الى الحد الاقصى...هذا الانطباع ليس صحيحاً...فقد تمكن مهندسو الرقاقات دوماً من ايجاد المخارج... المحاكاة والحقيقة الافتراضية و"المحاكاة" تفرض تحدياً تقنياً خاصاً، لكنها تلزم لمن يصنع الافلام والالعاب، وليس كل الجمهور العام". تكررت النقطة التي شدد عليها غاندي في اللقاء مع كريس هوك، رئيس العلاقات العامة في شركة "ايه تي اي" ATI، التي عرضت في "جيتكس" بطاقة "اول ان وان واندر اكس 800 اكس تي" ALL-IN-ONE-WONDER X800 XT، التي تمكن الكومبيوتر من التناغم مع الالعاب الالكترونية للحقيقة الافتراضية. واوضح انه "في اوقات سابقة كنا نكتب المعلومات افقياً...وراهناً نكتبها بطبقات متعددة بعضها فوق بعض، مما يضاعف اداء الاجهزة الراهنة". ويصعب عدم الحديث عن اثر الترفيه في جديد "جيتكس" انظر المقال الثاني. وفي سياق مشابه، اطلقت "سامسونغ" Samsung كاميرا فيديو رقمية من نوع "في بي-دي 6050 أي" VP-D6050 I تحمل باليد ومزودة بعدسة مزدوجة. وتعتبر الاولى من نوعها في العالم. وتجمع بين القدرة على التقاط الصور الثابتة وتسجيل اشرطة الفيديو. وكذلك، اعلنت شركة "بلانيت اوبتيكال" Planet Optical العالمية انها ستقيم مصنعاً لانتاج اسطوانات الفيديو الرقمية "دي في دي" والاقراص المدمجة "سي دي" في المنطقة الحرة بمطار دبي، حيث المقر الاقليمي للشركة. وما سبق مجرد امثلة صغيرة على ان الترفيه صار في قلب صناعة الكومبيوتر راهناً. الم تكن الصفقة الاكبر، قبيل "جيتكس دبي" شراء شركة "سوني" لاستوديوات شركة "ام جي ام"، عملاق صناعة الترفيه في هوليوود؟ لقطات من المعرض... غطى سبعمئة صحافي اعمال الدورة 24 من معرض الكومبيوتر "جيتكس دبي 2004". وفي ظهيرة اليوم الثاني، دخل المركز الاعلامي زميل من جريدة "الرياض"، شاكياً منعه من طرح الاسئلة في مؤتمر صحافي لشركة معلوماتية ذات نفوذ هائل شرق اوسطياً وعالمياً. وعد انه سينشر الامر في صحيفته. استمع الى شكايته كاتب المقال وزميل من مجلة "تكنومانيا"، وربما اخرون. هل سينفذ الزميل وعده باطلاع الجمهور على امر يدخل في قلب العمل الاعلامي؟ إلى أي مدى يعتقد الناس ان ما تكتبه الصحافة يشكل سرداً كاملاً للحقيقة؟ اذا نبشت اجيال بعدنا وثائق "جيتكس" لهذا العام، بكل ما سيتوافر لها من تقنيات متقدمة في البحث عن وثائق الماضي، هل ستجد هذا الحادث، الذي يقول ان العلاقة بين الصحافة والشركات العارضة لم تكن كلها سمناً وعسلاً؟ اذا لم تجده، كيف بامكانها القول انها تعرف بدقة ما جرى، في ماسيكون بالنسبة اليها جزءاً مما مضى وعبر؟ كيف يخطر لنا ايضاً ان نتحدث عن الماضي، والحاضر، بكل ثقة؟ مرت تلك الاسئلة سريعاً في البال، عند سماعي شكاية الزميل. تذكرتها مرة اخرى عندما سمعت، بالصدفة، حواراً خلوياً متوتراً بين مصور من قناة فضائية عربية معروفة وممثل علاقات عامة لمجموعة من شركات المعلوماتية والاتصالات. بدا الزميل كأنه يقاوم ضغوط ذلك الشخص عليه لكي يصور تلك الشركات في صورة ابهى مما يفعل. الارجح ان احداً لن يوثق هذا الامر. سيتبدد. في اميركا، صارت الناس تميل إلى قراءة صفحات "بلوغرز" Bloggers على الانترنت، ربما لانها تعرف ان الصحافة والتلفزة لديها الكثير من الحسابات في تغطياتها. ولا تطاول تلك القيود ما يدونه "بلوغرز" الكترونياً. وتمتلئ تلك الصفحات بكل ما لا يقوله الاخرون. وتصنع رواية اخرى لما "يحدث". هل تعم هذه الموجة دنيا العرب؟ شخص يرتدي ما يشبه اردية قياصرة روما القديمة، وقد طُلي وجهه بلون فضي براق، شمل ثيابه كلها ايضاً. للوهلة الاولى، تحسبه العين تمثالاً. وسرعان ما يغمز بعينه او يصدر اشارة من طرف فمه. شكّل هذا "الشخص" جديد الشركات العارضة في استخدام الجسد الانساني للترويج لسلع المعلوماتية. واضيف الجسد المُخرَج من هويته الانسانية ليتماهى مع هوية الجماد، إلى سلسلة طويلة من ذلك الاستخدام، تضم الرجال الذين تعلو ظهورهم شاشات تلفزيونية تعرض اسم شركة ما ومنتجاتها، والمتزلجون على احذية بعجلات وقد ارتدوا بدلات تحمل شعارات ولوغوات لشركات عدة، اضافة إلى ما بات "مألوفاً" من استغلال الجسد النسوي في الترويج، بدءاً من العروض الراقصة وما يشبه عروض الازياء بالسلع، ومروراً بالاجساد التي تولت لفت الانظار إلى الكومبيوترات والشاشات والهواتف، ووصولاً إلى اللواتي قدّمن ما يشبه برامج التلفزة "توك شو"، مع شيء من الرقص ايضاً. لفت ان شركة "أي ام دي" AMD، المتخصصة في صنع الرقاقات الالكترونية، قدمت فرقة من اربع فتيات بارعات، بملامح الشرق الاقصى، عزفن موسيقى كلاسيكية اعيد توزيعها لتناسب العزف السريع على آلة الكمان، فيما انساب صوت نانسي عجرم وامل حجازي وروبي من كثير من شاشات التلفزة والكومبيوتر في القاعات. تمثلت مدينتا دبي للانترنت والاعلام بمنصة كبيرة، جاءت على شكل "نفق الزمان"، ربما لتشددا على انشعالها بمفهوم المستقبل، الذي بات مندمجاً راهناً، مع الكومبيوتر والشبكات. واطلقت "مدينة الانترنت" مسابقة، هي الاولى من نوعها عربياً، عن افضل موقع الكتروني في العالم العربي. من الاشياء التي عرضت للمرة الاولى، يأتي اولاً الحضور المتألق للروبوت "كيريو" QRIO، الذي تصنعه شركة "سوني" SONY اليابانية، وكومبيوتر محمول يعمل بنظام التشغيل المفتوح المصدر "لينوكس" من صنع شركة "نوفيل" Novell، وكومبيوتر محمول قارئاً للبصمات فيفتحه صاحبه باستخدام بصمة اصبعه، وهو من صنع شركة "أي بي ام" IBM، واول خلوي يعمل بنظام "لينوكس" Linux ايضاً، من صنع "نوكيا" Nokia، ومجموعة من الهواتف الذكية التي ذيلت بلوحة مفاتيح منزلقة صغيرة، مثل حال خلويي "أي مايت" I-mate و"تريو" TRIO الجديدين، وكذلك مجموعة من "كومبيوتر الترفيه" Entertainement Computers ، التي تمثل مفهوماً جديداً في الصناعة الرقمية، وقد عرضت شركة "انتل" واحداً منها على منصتها الكبيرة في "جيتكس" يعمل ببرنامج من صنع شركة "اكتيف مانيا" Active Mania اللبنانية، وكومبيوتر مزود بمجس للتعرف الى الكلام فيديره صاحبه باصدار اوامر بصوته الى ذلك الحاسوب، وخلوي يعمل برقاقة بيولوجية "بيوشيب" Biochip من صنع شركة "جي هانز أي ام اف تيليكوم" الالمانية، ووصفت الرقاقة بانها الاولى من نوعها عالمياً وانها لا تصدر اشعاعات مضرة، والالعاب الكترونية للملاكمة والبينغ-بونغ "تلعب" جسدياً مع مستخدمها، باستعمال اسلوب الحقيقة الافتراضية وغيرها. استهل "جيتكس" بافتتاح غابت عنه التقاليد التي درج عليها تقليدياً، خصوصاً في السنوات الاخيرة، لجهة الحضور الرسمي الكثيف. وادى الامر الى تهامس كبير بين اوساط الاعلاميين. وقريب في الذاكرة، ان احداث ايلول سبتمبر 2001 لم تمنع مواصلة هذا التقليد،اذ حضره في حينه، ريتشارد بوش، شقيق الرئيس الاميركي، اضافة الى جمع من الرسميين. وسرت اشاعة عن احتمال حضور الملك المغربي محمد السادس إلى "جيتكس". ولم يثبت الامر لاحقاً. ولم يمنع غياب التقليد الاحتفالي، من مواصلة الدعم الرسمي الكثيف للمعرض، الذي يعتبر الابرز من نوعه في الشرق الاوسط. وزاره الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، برفقة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولي العهد ووزير الدفاع، اضافة إلى مجموعة كبيرة من الرسميين الاماراتيين. وزار المعرض ايضا، وزير الاتصالات اللبناني جان لوي قرداحي. في اليوم قبل الاخير، زار الرئيس الارتيري اسياس افورقي المعرض. وقصد منصة "حكومة دبي الالكترونية"، حيث التقى الشيخة لبنى القاسمي، التي رافقت تأسيس تلك الحكومة، وكذلك عالم الفضاء المصري فاروق الباز. اشاد الباز بالمعرض، واعتبره فرصه للتعرف الى التكنولوجيا الحديثة. وفي اليوم نفسه، اعلنت حكومة دبي الالكترونية اطلاق برنامج "المواطن الالكتروني"، بالتعاون مع شركة "نيو هورايزن" الاميركية. ترى ما الذي يعنيه "المواطن الالكتروني" في بلد مثل ارتيريا، حيث الفقر والمجاعة والتشرد والاقتلاع القبائلي والنزاعات الدموية وما يشبهها تمثل هاجساً يومياً للمواطنين؟ اعلن احمد بن بيات، مدير عام "منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والاعلام"، ان دبي ستنطلق اقليمياً لانشاء مناطق لتكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية في الهند وباكستان وايران، ودول عربية عدة. والمعلوم ان منطقة دبي للتكنولوجيا تضم "مدينة دبي للانترنت" و"قرية المعرفة" و"مدينة الاعلام". وبين بيات ان "قرية المعرفة" تضم ستة آلاف طالب، يتابعون دروسهم في 15 جامعة عالمية. ما الذي حدث في العالم، في الاتصالات والمعلوماتية، عند ختام "جيتكس"؟ اعلنت وكالة الانباء "رويترز" انها بدأت في تقديم خدمة الاخبار مصورة على الفيديو لمستخدمي "مركز اعلام مايكروسوفت"، الذي تقرر اطلاقه هذا الاسبوع. وفيما فجر الرئيس جورج بوش حرباً بالطائرات المدنية مع اوروبا، والمقصود المعركة الاقتصادية ضد الدعم الاوروبي لمشروع طائرات "ايرباص"، اظهر استطلاع عالمي ان سياحة الفضاء لا تستحق الاموال التي تدفع فيها! واطلق موقع البحث "ياهوو!" Yahoo! خدمة جديدة مجانية تتمثل في تمكين المشتركين فيه من بناء ملفات شخصية خاصة لتجميع نتائج جولاتهم البحثية في الانترنت، وكذلك السماح لهم بتقاسم تلك النتائج، اضافة الى عناوين مواقعهم المفضلة على الشبكة، مع اصدقائهم. وعربياً، اطلقت "انتل" Intel موقعها باللغة العربية، www.intel.com/arabic واعلنت وزارة الشباب في مصر انها ستنشئ بوابة الكترونية في مطلع العام المقبل...