في افتتاح معرض الكومبيوتر "ترميوم بيروت -2003"، تميز حضور شركة "انتل" بإيفادها ستايسي سميث، نائب الرئيس والمدير العام للشركة في الشرق الاوسط وأفريقيا وتركيا، وهي منطقة تضم بليون شخص و67 دولة. وإضافة الى القائه كلمة في افتتاح المعرض، وقع سميث اتفاقية ثنائية مع الجامعة الاميركية في بيروت، لإقامة مركز متطور لابحاث الحلول الالكترونية لادارة الاعمال المالية. ويوفر المركز احدث التقنيات في هذا المجال امام طلبة الجامعة البيروتية، ما يفتح المجال امامهم لاختبار التكنولوجيا الاكثر تقدماً في الحلول المالية، وبالتالي تطوير ابحاثهم وحلولهم الخاصة عن الموضوع نفسه. وأبرم اتفاق مع وزير الاتصالات اللبناني جان لوي قرداحي، للسماح باختبار العمل على الشبكات الرقمية الصوتية من نوع "واي - فاي" Wi-Fi في مجموعة من المؤسسات التعليمية والفنادق. أعاد اللقاء مع سميث الى ذهني مقالاً قرأته اخيراً في مجلة "فورين افيرز"، وهي من ابرز مجلات النخبة السياسية الاميركية يتناول الدور المطلوب اميركياً وعالمياً تجاه "الدولة"، كمؤسسة، التي صارت موضع انهاك بفعل العولمة وأزمة الاقتصاد العالمي وفشل انماط كثيرة من تجارب التنمية وانفجار الازمات السكانية وتصاعد التوتر السياسي والنزاعات العسكرية، اضافة الى الاجواء التي تولدت من احداث 11/9 وما تلاها. ويرى شيستر كروكر، كاتب المقال الذي يعمل استاذاً للدراسات الاستراتيجية في جامعة جورجتاون، ان الولاياتالمتحدة يجب ان تحاول التعاون مع الدول القائمة راهناً في العالم، وخصوصاً البلدان النامية، بدلاً من محاولة تغييرها بالقوة، كما ينادي الكثير من صقور السياسة الاميركية راهناً. ما الذي يصل بين هذا المقال والحديث مع مدير في شركة "انتل"، كبرى شركات صنع رقاقات الكومبيوتر في العالم؟ الارجح انها موضوعة الدولة. ففي حديث خاص الى جريدة "الحياة"، شدد سميث على ضرورة ان تتنبه الدول العربية الى وضعها بالنسبة الى التطور المعلوماتي في العالم. وركز على اهمية ارساء بنية تحتية اساسية للمعلوماتية والاتصالات في هذه الدول. حمل هذا الحديث تغييراً مهماً. فقبل اعوام قليلة، زار لبنان روب ايكلمان، وهو من كبار مديري "انتل"، لاجراء نقاش مع الحكومة. وفي لقائه مع رسميين، شدد ايكلمان على ضرورة الخصخصة الفورية لكل قطاع الاتصالات. وكرر الطلب نفسه في لقاءاته الصحافية، ومنها حديث الى "الحياة" في ذلك الوقت. وبدا طلبه شديد القوة، وذا طابع تغييريٍّ تماماً. وفي زيارته الحالية للبنان، لم يرد على لسان سميث اي شيء مشابه لما سبق لايكلمان ان كرز به. وبدا هذا التغيير، وكأنه انتقال من الضغط على مؤسسة الدولة، في بلد عالمثالثي، الى التعاون معها، اي على طريقة المقال المشار اليه آنفاً في "فورين افيرز". لا حدود للتكنولوجيا وقبل اسابيع طرحت شركة "انتل" رقاقة "ايتانيوم -2" المتخصصة في عمل خوادم الانترنت، واستخدمت فيها تقنية "64 بايت" المتطورة. ومن دون الدخول في متاهة التقنيات، فإن تلك التكنولوجيا متقدمة تماماً، الى حد أن كثيراً من العاملين في صناعة رقاقات الكومبيوتر لم يكونوا ليتوقعوا وضعها في الاستعمال بهذه السرعة. ويعتبر هؤلاء ان تكنولوجيا "32 بايت" المستخدمة راهناً تكفي وتزيد. ولا بد من القول ان شركة "انتل" ليست الوحيدة في هذا الاستخدام. وعلى سبيل المثال، فإن شركة "ايه ام دي" تنتج رقاقات تعمل بتلك التقنية عينها. والحال ان "انتل" كانت سبَّاقة اليها. ويبدو ان صناعة الرقاقات الالكترونية هي في قفزات مستمرة، وهذا ما يوافق عليه سميث، الذي نبَّه الى ان الكثير من المزايا المتقدمة تجد طريقها سريعاً من الابحاث الى المصانع. وعلى سبيل المثال، فإن الميل الى الاتصال اللاسلكي مع الانترنت يتعزز باستمرار لدى الجمهور العام، خصوصاً مع الاتساع المطرد لشبكات الخلوي. وبين ان شركته تنبهت الى هذا الامر، ولاقت الميل الى الاتصالات اللاسلكية في تصميم رقاقة "سنترينو"، وهي الاحدث في الرقاقات المخصصة للاجهزة الشخصية والمكتبية، وتؤمن وفراً في الطاقة الكهربائية، اضافة الى سعرها المعتدل. وفي المقابل، يرى سميث ان رقاقات "ايتانيوم -2" تفيد عمل الخوادم التي تعمل مع قواعد معلومات ضخمة، وبالتالي تحتاج الى رقاقات تستطيع التعامل مع كمية كبيرة من الملفات في سرعة وكفاية. هل يأتي وقت تنتقل فيه تكنولوجيا متطورة مثل "64 بايت" لتصل الى الرقاقات التي تدير الكومبيوتر الشخصي والمكتبي؟ اثار هذا السؤال الكثير من الابتسامات لدى سميث. وركز على ان الرقاقات المستخدمة راهناً في تلك الاجهزة تفي باحتياجات المستهلك، خصوصاً مع استخدام تكنولوجيا "الخيوط الفائقة" Hyper Threading. وتعطي هذه التكنولوجيا القدرة على التعامل مع مواد اعلامية متعددة الوسائط "ميلتي ميديا". واعتبر سميث ان مواصفات الرقاقات الالكترونية التي تنتجها "انتل" للجمهور العام تتوافق مع توجه الجمهور الى صنع مواد "ميلتي ميديا" شخصية وأُسرية، اي ان ما يطلق عليه "المنزل الرقمي" Digital Home هو ضمن رؤية ما تنتجه "انتل". ماذا عن المستقبل الأبعد؟ يهز سميث رأسه. من يدري كيف تتطور الامور؟ الارجح ان الاحتمالات مفتوحة تماماً.