جزء ثان من ملف "التجديد الديني والثقافي بين التقدّم والتحديث" ضمّه العدد الجديد من مجلة "الاجتهاد" عدد مزدوج 59 - 60 بعد جزء أول في العدد الفائت. ومن محتويات الملف: تمهيد خطاب التجديد والتغيير والاستضعاف رضوان السيد، النخبة في المجتمع والدولة: أفكارٌ مقترحة للتجديد الفضل شلق، أصول ومراجعات بين الإبداع والاستتباع طه جابر العلواني، التجديد في الثقافة نقولا زيادة، الثقافة العربية والحداثة: جدليات الممانعة والاستقبال عبدالإله بلقزيز، الثقافة العربية الإسلامية والغرب كمال عبداللطيف، مأزق التجديد الديني في الإسلام الحديث محمد سيد رصاص، التجديد بوصفه سؤال العصر: مراجعة لقرنٍ مضى رضوان زيادة، خطاب الإصلاح الديني: نظرةٌ في أزمة الثقافة والمثقف أحمد الموصللي، المسيحيون العرب، وتجديد الخطاب الديني الأب مشير باسيل عون، جداليات الأصولية الإسلامية، وتحديات الثقافة الحديثة بسام طيبي ترجمة أبو بكر باقادر، الفكر المقاصدي ومناهج البحث في العلوم الاجتماعية قطب مصطفى سبانو، منظمات المجتمع المدني، ومناهضة الرأسمالية الفضل شلق. وكتب المفكر رضوان السيّد في تقديم العدد: "يوشك خطاب التجديد الذي بدأ في مرحلته الجديدة قبل عقدين، أن يتحول الى ارغام ايديولوجي تحت وطأة الهجمة التغييرية على العرب والإسلام في العامين الأخيرين. ولا يعني ذلك استنكار أن يكون للسياسة والشأن العام وقضاياهما تأثيراتٌ في التوجهات الدينية والثقافية. بل المقصود أنه من غير الممكن أن تصبح الثقافة والتغيير الثقافي رهناً بإرادات السياسات ورهاناتها" كما يراد لنا أن نصدق ونتحمس. فقد كانت الأصولية مقبولة بل مستحبة عندما كان ممكناً تسخيرها لمصارعة الشيوعية في الحرب الباردة" بينما صارت منذ أواسط التسعينات من القرن الماضي داعية خرابٍ وارهابٍ حين انقلبت على الذين استخدموها ضد خصومهم. فبعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001 كانت هناك دعوة قوية للتغيير التربوي والثقافي، وصلت قبل قليل على لسان وزير الدفاع الأميركي الى الدعوة لحرب أفكار. بيد أن نموذج الحرب على العراق، لا يمكن الحديث فيه كثيراً عن الثقافة" ولذلك قيل انه تحرير من أجل احلال الديموقراطية، وهكذا عاد الأمر ليستدير فيكون التغيير السياسي هو المدخل للتغيير التربوي والثقافي! ولا ندري هل كانت تلك التحولات نتيجة تخطيطٍ أم تخبط. لكن الذي ندريه ان استيلاء الدولة على قرار المرجعية الدينية التقليدية في الإسلام السني، كان بين أسباب ظهور الأصولية المتشددة أو المتمردة، والتي ما أمكن اخماد ثورانها حتى اليوم. والمعروف ان السلطات السياسية العربية قبل أربعين عاماً كانت لها شرعيتها القوية باعتبارها رأس الحربة ضد الاستعمار، ومع ذلك ما أمكن لها الاستيلاء على المؤسسة الدينية بدون آثار سلبية فاجعة: فكيف تستطيع سلطة تنتج في الخارج أو يراد لها أن تكون مفروضة منه، أن تضبط الشأن الديني والشأن الثقافي؟!... أما الاصلاح الديني فيبدأ اليوم بتصحيح علاقة الدين بالدولة بعد طول اضطراب. والحق ان هذا الاضطراب عائد ليس لإشكالية مواقف الدولة بالدين وحسب" بل للاختلال في وظائف الدولة ومهماتها المتعلقة بإدارة الشأن العام وتدبيره في ما يتعلق بالوجود والمصالح. والوجود نوعان: السياسي، والآخر الأخلاقي والرمزي أو الديني. أما المصالح فهي مدنية بحتة، وفيها يتجلى بوضوح نجاح الدولة أو فشلها. والواقع ان الاضطراب في المسألة السياسية سابق على الاضطراب في الشأن الديني. ثم كان الاختلال السياسي، سبباً من أسباب الاضطراب الديني، وما يزال الأمر على هذا النحو الى اليوم".