أكد مسؤول كبير في مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، احدى كبريات المؤسسات العالمية للخدمات الاستثمارية والتصنيف الائتماني، متانة الأوضاع المالية، الداخليةوالخارجية، لغالبية الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط، وعزا السبب الى التحسن الراهن في أسعار النفط وفي درجة أكبر الى "الادارة المالية الحصيفة"، لكنه نبه من أن بطء مسار الاصلاح السياسي والاقتصادي يقيد التقويمات الائتمانية السيادية لحكومات هذه الدول. ذكّر المدير العام في "ستاندرد آند بورز" جون تشيمبرز في كلمة أمام رؤساء العشرات من المصارف العربية والأميركية الذين حضروا الاجتماع السنوي لجمعية المصرفيين العرب في أميركا الشمالية في نيويورك الاسبوع الماضي بأن الحرب التي شنتها أميركا على العراق أزاحت عن المنطقة تهديداً عسكرياً كان يمكن أن يصبح أكثر خطورة لو أن نظام صدام حسين حصل بالفعل على أسلحة الدمار الشامل. لكن تشيمبرز الذي يرأس لجنة التقويم السيادي في مؤسسة "ستاندرد آند بورز" شدد على أن التطورات الايجابية التي سجلتها التقويمات الائتمانية السيادية لعدد من الحكومات العربية في الآونة الأخيرة لم يكن دافعها الرئيسي الاطاحة بنظام صدام حسين وزوال المخاطر الجيوسياسية عن المنطقة بل ارتبطت بشكل أكبر بالسياسات الداخلية التي انتهجتها هذه الدول، سيما في مجال الاصلاح االسياسي والاقتصادي. وتعكس التقويمات الائتمانية السيادية وجهة نظر المحللين في مؤسسات التقويم في شأن الأوضاع المالية للدول وتعتبر مقياساً لعافية الاقتصادات الوطنية ومدى تأثرها بالمخاطر الجيوسياسية، الحاصلة والمتوقعة، وتلعب دوراً حاسماً في تحديد قدرة الحكومات على الحصول على التمويل لمشاريعها عبر المصارف أو اصدار السندات في الأسواق المحلية والدولية. وكانت "ستاندرد آند بورز" حذرت في بيان نشرته قبل أسابيع قليلة من بدء الأعمال العسكرية ضد العراق في 20 آذار مارس الماضي بأنها قد تعيد النظر في التقويمات الائتمانية السيادية للدول المجاورة للعراق طبقاً للنتائج المحتملة للحرب وان كانت توقعت أن تكون المعارك قصيرة وحاسمة وذات آثار سلبية محدودة. ولفت مسؤول "ستاندرد آند بورز" الى أن التقويمات السيادية لدول المنطقة قبل الحرب وبعدها تظهر ارتفاع التقويم الائتماني لقطر، وتحديداً بالنسبة للقروض والسندات المقومة بالعملات الأجنبية، بمقدار درجتين وارتفاع تقويم الحكومة الاردنية بمقدار درجة واحدة، علاوة على أن تقويم الآفاق الطويلة الأجل للبحرين سجل تحسناً ملموساً مرتفعاً من "مستقر" إلى "موجب" بينما احتفظت الدول الأخرى بتقويماتها باستثناء مصر التي تراجع تقويم آفاقها من مستقر الى سالب. وقال تشيمبرز في كلمته التي خصصها للحديث عن أثر الحرب في التقويمات الائتمانية لحكومات الدول المجاورة للعراق ان "اسقاط حزب البعث العراقي بعد 40 عاماً من السيطرة على المقاليد السياسية في العراق يعتبر أمراً ايجابياً، خصوصاً بالنسبة للشعب العراقي لكن أهميته بالنسبة للتقويمات الائتمانية السيادية لدول الجوار في المنطقة العربية لم تكن في درجة أهمية السياسات المحلية لهذه الدول". ورفعت "ستاندرد آند بورز" التقويم الائتماني السيادي وتقويم الآفاق الطويلة الأجل لقطر عملات أجنبية من -أ موجب في أيار مايو عام 2002 الى "أ مستقر في 15 تموز يوليو 2003. وعزت السبب الى عدد من العوامل أهمها انتهاج قطر سياسة مالية حصيفة ساهمت في استمرار تراجع الدين الحكومي المتعلق بتمويل المشاريع الذي يتوقع أن ينخفض الى 78 في المئة من اجمالي عوائد الصادرات بنهاية السنة الجارية مقارنة ب167 في المئة عام 1997. ولفت تشيمبرز الى الانتخابات البرلمانية وتبني دستور جديد في قطر وكذلك البحرين، التي رفعت "ستاندرد آند بورز" تقويمها المتعلق بالآفاق الطويلة الأجل للاقتراض بالعملات الأجنبية من -أ مستقر في 15 تموز 2002 الى -أ موجب في الثاني من كانون الأول ديسمبر الماضي. وقال: "من الملاحظ أن التقويم الائتماني السيادي لقطروالبحرين في تحسن وأعتقد بأن جزءاً على الأقل من هذا التحسن يعود الى احراز تقدم في مجال الاصلاح السياسي". وأوضح مسؤول "ستاندرد آند بورز" أن الاصلاح السياسي، وخصوصاً الانتخابات البرلمانية، ساهم في رفع التقويم السيادي للأردن من - ب ب مستقر في 30 نيسان ابريل عام 2002 الى ب ب مستقر في تموز عام 2003، مشيراً الى أن التقويم الائتماني للأردني استفاد من نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي والوضع المالي العام وذلك على النقيض من مصر التي انخفض تقويمها المتعلق بالآفاق الطويلة الأجل من " ب ب مستقر في 22 أيار 2003 الى " ب ب سالب في آب اغسطس 2003. ونبه تشيمبرز من بطء مسار الاصلاح السياسي في المنطقة، لافتاً الى أن التقويمات الائتمانية للدول الخليجية تواجه معوقات بسبب قلة التنوع الاقتصادي وشدة اعتماد مداخيل الحكومات على عوائد النفط، لكنه أبرز متانة الأوضاع المالية لهذه الدول، مشيراً بشكل خاص الى أن الأصول المالية للحكومات الخليجية تفوق ديونها ما يضعها في موقع فريد بين الغالبية العظمى من الدول المدرجة في التصنيفات الائتمانية لمؤسسة "ستاندرد آند بورز".