شدد مسؤولو التقويم الائتماني في مؤسسة "ستاندرد آند بورز" على مدى التباين في الأوضاع الائتمانية للمصارف العربية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتوقعوا أن تشهد سنة 2004 اتساع الهوة بين الأقوى والأضعف، لكنهم حذروا من تشكل "فقاعة أصول" في أسواق المال والعقار في الدول الخليجية. قال المحلل في قسم التقويم الائتماني امانويل فولان في تقرير نشرته "ستاندرد آند بورز" من مقرها الرئيس في نيويورك إن "المصارف الخليجية تستفيد من آفاق اقتصادية جيدة ونمو سريع في خدمات التجزئة المصرفية وأسواق مال مزدهرة بينما تعاني المصارف التونسية والمغربية والمصرية من بطء الاصلاحات الهيكلية ومحدودية فرص الاقراض الجيدة". وذكر فولان في توقعاته لسنة 2004 أن مصارف الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي السعودية والكويت والامارات والبحرينوقطر وعمان ستحافظ على قوة أدائها وأصولها وسيولتها وستتعزز قدرتها على جني الأرباح بارتفاع هوامش الربح وانخفاض كلفة رأس المال والعمالة، علاوة على غياب ضريبة الدخل، مما يجعلها تبدو محصنة ضد الأزمات. لكنه حذر من أن الانتعاش القوي الذي سجلته أسواق المال والعقار الخليجية في العام الماضي يحمل مخاطر، لافتاً الى ان "الارتفاع الحاد في مؤشرات أسواق المال ونشاط الأسواق العقارية يعكس تراجع المخاطر الجيوسياسية وارتفاع مستويات السيولة وحدوث بعض التحسن في الاقتصاد الكلي، إلا أن استمرار هذا الاتجاه ينذر بتشكل فقاعة مالية". وتوقعت "ستاندرد آند بورز" أن تستمر المصارف الخليجية في زيادة نشاطها خارج أسواقها المحلية، مؤكدة أن التطورات المستجدة في القطاعات المصرفية لبلدان مثل سورية وليبيا والعراق ستتيح لهذه المصارف فرصة جديدة للتوسع. وقالت إن المصارف الكويتية على وجه الخصوص ستجد في قربها الجغرافي من عملية اعادة الاعمار في العراق وسيلة للخروج من ضيق سوقها المحلية. كذلك توقعت المؤسسة تزايد نشاط التعاون ومشاريع الاندماج بين المصارف الخليجية انسجاماً مع أهداف مجلس التعاون الخليجي المتمثلة بمشروعي الاتحاد الجمركي والعملة الموحدة. وأكد المحلل الائتماني أنور حسون في توقعاته لسنة 2004 أن المصارف الخليجية ستجد مساندة لنشاطها في نمو اقتصادي ينتظر أن يكون قوياً، مشيراً الى أن أسعار النفط ليس من المتوقع أن تنخفض بحدة وأن الاستثمارات الأجنبية ستستمر بالتدفق بقوة الى عدد من دول المنطقة وخصوصاً قطر والكويت والبحرين. وشدد حسون على أن تعزز ربحية المصارف الخليجية سينعكس في نهاية المطاف على التقويمات الائتمانية لهذه المصارف ولاسيما السعودية، لافتاً الى أن قطر التي يتجه اقتصادها الى تحقيق نسبة نمو تزيد على 7.5 في المئة وعمان التي تعلم قطاعها المصرفي كثيراً من مشاكله السابقة في مجال الاقراض للشركات يتوقع أن تقدما أداء قوياً السنة الجارية. وأبرزت "ستاندرد آند بورز" الدور الذي يلعبه تطور النشاط المالي الاسلامي في نمو القطاعات المصرفية في المنطقة، لاسيما مساهمته بتعزيز موقعي البحرين والامارات كمركزين ماليين اقليميين رئيسين، لكنها أكدت في هذا المجال على أهمية تحقيق المزيد من الاصلاحات السياسية والاقتصادية، خصوصاً أن دول المنطقة مازالت تعتمد بشكل كبير على النفط وتواجه تحدي نمو سكاني سريع من شأنه أن يضع ضغوطاً شديدة على أسواق العمل.