أوردت "الحياة" في الأول من كانون الثاني يناير 2004 خبراً بعنوان "عائلات ايرانية: "مجاهدين خلق" تمنع أولادنا من العودة الى ايران". فقبلت الصحيفة مع الأسف، مسرحية نظمتها وزارة استخبارات نظام الملالي، لا علاقة لها بالواقع. ولم تقم، قبل نشر هذا الموضوع، بأي استفسار من "المجاهدين". ان "مجاهدين خلق" حركة يعمل من يعمل فيها بتطوع كامل. وان هذه الحركة لها جذور في المجتمع الايراني. وعلى رغم أن الملالي أعدموا وقتلوا حتى الآن، عشرات الآلاف من أعضائها وأنصارها فإن هذه الحركة بقيت، كما كانت، التهديد الرئيس لكيان النظام الحاكم في ايران. وذلك ما يعترف به النظام نفسه. ولم ينضم أحد الى صفوف هذه الحركة قسراً، كما ان أحداً لم يبق فيها خلافاً لرغبته. لكن تمسك "المجاهدين" بالنضال من أجل تحرير وطنهم حق لا أحد يستطيع أن يسلبه منهم. وإذا تمكن مراسلكم في العراق من ان يجلب موافقة السلطات الأميركية التي تشرف على معسكر أشرف، ففي استطاعته ان يجلس ويتحدث، كيفما أراد، مع الذين جاء بأسمائهم في مقاله، حتى يدرك الحقيقة والواقع. ان الهدف من هذه الحملة الكاذبة هو التمهيد لتسليم "المجاهدين" الى نظام الملالي بحسب الطلب الذي قدمه خاتمي مرات الى الأميركيين. لكنه واجه الاستنكار الدولي، والرد الحاسم السلبي من المواطنين العراقيين، وكذلك معارضة الحكومة الأميركية. ان تظاهرة آلاف من المواطنين العراقيين في بغداد وديالى، والعريضة التي وقعها ثلاثة عشر ألفاً من أبناء عشائر العراق، وكذلك المؤتمرات الصحافية لممثلي مختلف شرائح الشعب العراقي، في لندنوبغداد بتأييد "المجاهدين" ووجودهم في العراق، وادانة طردهم منه، هي ما دفع الملالي الى اختلاق مثل هذه المسرحيات. ان المؤامرات المستديمة التي يدبرها نظام الملالي ضد وجود "المجاهدين" في العراق هو أفضل دليل على خوف هذا النظام من مقاومة تعتبر أكبر تهديد لكيانه، والمانع الرئيس أمام تصدير الرجعية الخمينية والارهاب الى العراق، واقرار حكم "ديني" مستبد تبعي له في هذا البلد. وكان النائب العام في النظام قد أعلن في 22 كانون الأول ديسمبر ان "عودة "المجاهدين" الى البلاد تمت مناقشتها في مجلس أمن البلاد... وان المسؤولين في شؤون الاستخبارات والأمن والقضاء والأمن الداخلي شرحوا آراءهم في هذا المجال". وفي الوقت نفسه قامت وزارة الاستخبارات بإرسال مجموعة من وحداتها، بمرافقة عدد من العوائل، الى العراق للقيام بتظاهرات امام مكتب الأممالمتحدة والذهاب الى معسكر أشرف. كما ان وسائل إعلام النظام نقلت خبر ذهابهم الى المعسكر في 29 كانون الأول، وقبل ذهاب هذه المجموعات الى المعسكر. وتشير هذه العملية الى برمجة الذهاب مسبقاً من جانب وزارة الاستخبارات. وبفعل الضغوط والتهديدات والترهيب نُقلت خلال الأيام الماضية، مجموعات من عوائل "المجاهدين" في حافلات الوزارة الى معسكر أشرف. فأعلن مسؤولو "المجاهدين" ان بوابة معسكر أشرف مفتوحة، ليس أمام عوائل "المجاهدين" فحسب، بل أمام أبناء الشعب الايراني، لكن وكلاء الوزارة لا يحق لهم الدخول في معسكر أشرف. إذاً استقبل "المجاهدون" العوائل داخل المعسكر، من دون حضور وكلاء النظام. والعوائل بعد لقائهم بفلذاتهم وأعزائهم، وبعد أن ادركوا مدى اكاذيب النظام، وضعوا مختلف الوثائق تحت تصرف أبنائهم المجاهدين. وهذه الوثائق تكشف النقاب عن النيات المشؤومة لوزارة الاستخبارات. وكان من بين هذه الوثائق انذار صدر عن جمعية تمويهية للوزارة بعنوان "المكتوب السابع"، يشير الى "الخبر السار"، بشأن اصدار قرار طرد "المجاهدين"، ويضيف ان صدور هذا القرار من مجلس الحكم العراقي "بعث الأمل في نفوسنا بأنه بزوال التحصينات التنظيمية وتفكيك المنافقين، تزداد احتمالية عودة أبنائنا. وبعدما أصبحت منظمة "مجاهدين خلق" على أعتاب الانهيار والتفكك فيجب استخدام عزيمتنا القوية لفرض آخر ضغوط عليها". والكلام عن مجيد أميني عمره 19 عاماً وليس 15 عاماً، ابن سيدة ايرانية، وانه أُبقي من جانب "المجاهدين" رغماً عنه، اختلاق تماماً. انه كان من الأشخاص الذين انضموا مؤخراً الى المجاهدين، وكان في قسم التأهيل في معسكر أشرف لمدة أشهر فقط. كما انه، منذ مدة، ذهب وبطلب منه، الى القوات الأميركية. وعندما جاءت أمه، بمرافقة عناصر الاستخبارات، في شهر أيلول سبتمبر الماضي الى معسكر أشرف، فإن "المجاهدين" ادخلوها الى المعسكر، وكانت مع ابنها لمدة يومين. كما ان "المجاهدين" أكدوا لها انهم لن يعارضوا ذهاب ابنها الى ايران. لكن القوات الأميركية عارضت خروجه. ويمكن التحقيق في هذا الموضوع مع القوات الأميركية المرابطة في معسكر أشرف. وفي شهر تشرين الأول أكتوبر 2002 أقام الملالي تظاهرة مكونة من وكلاء وعملاء وزارة الاستخبارات، وتحت يافطة عوائل المجاهدين أمام مكتب الأممالمتحدة في طهران. وادعى النظام آنذاك انه يتم الامساك بأبناء هؤلاء في العراق، رغماً عنهم. وفي الوقت نفسه أعلنت المقاومة الايرانية انه لو كان النظام صادقاً في هذا الكلام، وجب عليه، أن يسمح لعوائل "المجاهدين" أن يأتوا الى العراق، ويزوروا أبناءهم. وكل من كان راغباً يستطيع ان يعود الى ايران بمرافقة عائلته. ان "المجاهدين" سيوفرون المصاريف، والتسهيلات اللازمة لهذه العودة أيضاً. لكن النظام لم يسمح، ولو لشخص واحد، بالقيام بمثل هذه الزيارة. وخلال الأشهر الأخيرة قامت مئات من عوائل "المجاهدين"، من داخل ايران وخارجها، بزيارة معسكر اشرف، وزيارة أبنائهم المجاهدين هناك. العراق - فريد سليماني