سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قلق في أوساطها واتجاهان أحدهما يدعو الى مقاطعة المحكمة الدولية والآخر للتعاون معها . حكومة شارون تأمر بإكمال جدار "حاضن القدس" خلال 6 شهور تخوفاً من عواقب رأي محكمة لاهاي
أصدرت الحكومة الاسرائيلية أوامر بتسريع العمل في بناء الجدار الذي تقيمه اسرائيل في محيط مدينة القدس تحديداً بوتيرة عالية تصل الليل بالنهار وذلك للانتهاء من هذا المقطع الذي يبلغ طول مساره 76 كيلومتراً في غضون ستة شهور. يأتي ذلك في الوقت الذي سادت فيه حالة من الارتباك والقلق الشديدين المحافل السياسية والقضائية الاسرائيلية مع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته المحكمة الدولية العليا للاطراف المعنية لتقديم مداخلاتها قبل النظر في الوضع القانوني لجدار الفصل الذي تقيمه اسرائيل داخل الضفة الفلسطينية المحتلة عام 1967 وسط انقسام اسرائيلي في شأن "مقاطعة" مجريات المحكمة الدولية. وصفت محافل اسرائيلية إحالة قضية "الجدار" الى المحكمة الدولية العليا في لاهاي بأنها "كمين" نصبه الفلسطينيون لاسرائيل التي تعاني من حالة "ارتباك" في أول قضية من نوعها تضعها وجها لوجه امام امكانية دفع استحقاقات "مقاطعة دولية" توازي تلك التي فرضها المجتمع الدولي على دولة جنوب افريقيا العنصرية في العقد الاخير من القرن الماضي. وذكرت مصادر صحافية اسرائيلية ان حالة من "القلق" تسود مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ووزارة الخارجية الاسرائيلية التي بدت منقسمة على نفسها بين اتجاهين احدهما ينادي ب"مقاطعة" المحكمة بشكل كلي، والثاني يدعو الى "التعاون" مع الهيئة الدولية باعتبار ان مجريات المحكمة ستتواصل سواء شاركت اسرائيل فيها او لم تشارك وان من شأن المقاطعة ان تفاقم صورة اسرائيل في المحافل الدولية. واشارت المصادر الى ان المؤيدين في وزارة الخارجية لخيار "المقاطعة" يبررون ذلك بالقول انه يحظر على اسرائيل ان تشارك في خطوة قضائية "لا تعترف بشرعيتها" في ظل التخوف الاسرائيلي من ان يؤدي الرأي الاستشاري "الذي طولبت المحكمة الدولية بإعطائه في شأن قانونية بناء الجدار الى قيام الجمعية العامة للامم المتحدة بمطالبة تل ابيب بتفكيك الجدار"، وان مقاطعة اسرائيل "ستنفي الشرعية الدولية لهذه الخطوة". وفي مقابل ذلك، يرى المستشار القضائي لوزارة الخارجية الاسرائيلية المحامي الين بيكر وقيادة الوزارة ان ليس امام اسرائيل سوى "التعاون والمشاركة" وذلك لأن "المقاطعة" ستشكل سابقة في القانون الدولي، اذ لم يسبق لأي دولة في العالم ان قاطعت المحكمة الدولية. ويدعم هذا الموقف وزارة القضاء والنيابة العسكرية الاسرائيليتان. وذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية ان مدير مكتب شارون المحامي دوف فايسغلاس الذي سيتولى مهمة التنسيق بين الطواقم القضائية - المهنية التي ستقود المواجهة في لاهاي سيعرض الخطة الاسرائيلية في نقاش مفتوح اليوم الاربعاء لوضع الخطوط العريضة ل"المداخلة" التي يفترض ان تقدمها اسرائيل قبل الثلاثين من كانون الثاني يناير الجاري. وتم تحديد رؤساء الطواقم المختلفة، حيث يقود الطاقم العسكري السكرتير العسكري لوزير الدفاع الاسرائيلي مايك هرتسوغ، ويقود يواف بيران المدير عام لوزارة الخارجية رئاسة الطاقم السياسي ويتولى الين بيكر وجدعون مئير نائب مدير وزارة الخارجية للشؤون الاعلامية رئاسة الطاقم القضائي. ووصفت المحافل الاسرائيلية استعدادات الفلسطينيين لجلسة المحكمة بقولهم انهم يبدون "كأنهم يستعدون لمعركة" مشيرة الى انهم جنّدوا "كل ممتلكاتهم" ووظفوا "عشرة ملايين دولار" للمعركة القضائية في لاهاي وجندوا خيرة الناطقين الدوليين لمساندتهم هناك وذلك للاستفادة من "فرصة نادرة لإظهار اسرائيل كمجرم حرب" في الثالث والعشرين من شباط فبراير المقبل. وتوقعت المصادر ذاتها ان يجلب الجانب الفلسطيني "شهوداً" لنقل وقائع المعاناة الفلسطينية جراء بناء هذا الجدار. غير ان تخوف الحكومة الاسرائيلية لم يثنها عن التسريع في فرض حقائق على الارض تضع دائما المجتمع الدولي تحت الأمر الواقع. فقد بدأت شركات المقاولات التي تشرف على بناء الجدار في المقطع الممتد شرق مدينة القدس بالعمل على مدار الساعة بناءً على توجيهات اصدرتها الحكومة الاسرائيلية الاحد الماضي، لإنجاز ما معدله نحو 11 كيلومتراً من مسار الجدار في الشهر الواحد. ويبلغ طول مسار الجدار في مقطع القدس الذي تطلق عليه اسرائيل اسم "حاضن القدس" 76 كيلومتراً تم الانتهاء من اقامة 25 كيلومتراً منها. واشارت مصادر فلسطينية واسرائيلية متطابقة الى ان جميع القرى والتجمعات الفلسطينية في محيط القدس التي سيشملها الجدار ستحاط بجدران اسمنتية مسلحة كما حصل في قريتي ابو ديس والعيزرية وان سكان هذه القرى سيعيشون في "معازل" سجناء قراهم ولن يسمح لهم بالخروج منها او الدخول اليها الا عبر بوابات حديدية مثلما باتت عليه الحال في بعض مدن شمال الضفة الفلسطينية مثل قلقيلية. وتعمل الحكومة الاسرائيلية على احاطة القدس بجدارين دائريين الاول يفصل القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس عن قلب المدينة المقدسة والثاني يعمل على ضم المستوطنات اليهودية المقامة خارج نفوذ بلدية القدس الاسرائيلية والممتدة شرقا حتى واد القلط باتجاه مدينة اريحا الحدودية مع الاردن شرق الضفة، بعمق يصل الى 15 كيلومتراً خارج نفوذ بلدية القدس وعلى حساب بقية اراضي الضفة الغربية. وتشمل هذه الدائرة مستوطنات "معاليه ادوميم" و"آدم" و"ميشور علمون" حتى الخان الاحمر على مشارف مدينة اريحا. وتصاعدت وتيرة العمل في اقامة الجدار في منطقة القدس وسط الضفة بالتوازي مع تلك التي تسابق اسرائيل فيها الزمن شمال الضفة الفلسطينية، في وقت امتنع فيه شارون في خطابه "السياسي" الاثنين امام البرلمان الاسرائيلي، عن ذكر خطتة المعروفة ب"فك الارتباط" او "الانفصال" التي أطلقها في مؤتمر هرتسيليا الشهر الماضي كما تجاهل ما كرره في الاسابيع الاخيرة عن "اعادة انتشار ونقل بعض المستوطنات" اليهودية. ويرى مراقبون ان شارون اتخذ قراراً ب"عدم مواجهة اليمين" في هذا الاطار لما قد يسببه ذلك من انهيار لحكومته سيما وان "الخطر" يهدده ليس فقط من قبل حزبي "مفدال" و"الاتحاد الوطني" اليمينيين المتطرفين والمشاركين في ائتلافه الحكومي وانما ايضاً من جانب اعضاء ووزراء في حزب ليكود الذي يترأسه. وبدلاً من ذلك، فضل شارون "تكثيف العمل على الارض والامتناع قدر الامكان عن الكلام".