في الوقت الذي رجحت فيه مصادر فلسطينية ان يكلف الرئيس ياسر عرفات رئيس المجلس التشريعي أحمد قريع أبو علاء تشكيل حكومة جديدة، ألقى رئيس الحكومة المستقيل محمود عباس ظلالاً من الغموض على موقفه من البقاء في الحكومة، إذ بعدما أعلن ان "استقالته نهائية"، لم يستبعد قيامه بتشكيل الحكومة الجديدة. وقال عباس رداً على اسئلة الصحافيين الذين سألوه إذا كان يقبل بتشكيل حكومة جديدة: "من السابق لاوانه الكلام في هذا الموضوع في هذا الوقت"، إلا أنه أضاف ان استقالته نهائية. وقالت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع ل"الحياة" ان الرئيس عرفات سيكلف "أبو علاء" تشكيل الحكومة الجديدة في غضون الأيام القليلة المقبلة، في ضوء المشاورات التي يجريها لهذا الغرض مع أوساط وجهات مختلفة. وأضافت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها ان اعلان تكليف "أبو علاء" لن يتم قبل موافقة اللجنة المركزية لحركة "فتح" التي يرأسها عرفات، تلك الموافقة التي ستصدر عن الحركة في اجتماع للجنة ليل الأحد الاثنين. وكانت مركزية "فتح" عقدت اجتماعاً أمس برئاسة عرفات وحضور غالبية نواب كتلة "فتح" في المجلس التشريعي. وتكمن أهمية تلك الموافقة في أن اللجنة المركزية، وهي أعلى هيئة قيادية في الحركة قبل المؤتمر العام، تشترط ان يسند منصب رئيس الوزراء الى أحد اعضائها فقط، خصوصاً أن الحركة تشكل العمود الفقري للسلطة الفلسطينية. وأكدت المصادر ان "أبو علاء" سيقبل تكليف الرئيس له، خلافاً لتصريحاته التي دأب على اطلاقها طوال الأشهر الماضية من عمر الحكومة الفلسطينية المستقيلة، والأزمة الحادة بين الرئيس عرفات و"أبو مازن". لكن قبول التكليف يتطلب استقالته من رئاسة المجلس التشريعي الذي شغله منذ انتخاب المجلس عام 1996، وهو الأمر الذي سيتم لاحقاً، ليخلفه في الرئاسة نائبه الأول ابراهيم أبو النجا. وأكدت المصادر ان هذا السيناريو سيسير على النحو المرسوم والمخطط له. وستجري مركزية "فتح" اجتماعات ونقاشات معمقة ومستفيضة في هذا الشأن، تلك اللجنة التي ألقى "أبو مازن" عليها بجزء من المسؤولية عن تقديمه استقالته والاحباط الذي أصابه وشل حركته. وكانت اللجنة تصدت أكثر من مرة خلال الأزمة الأخيرة بين الرئيس عرفات الذي يدين له معظم أعضائها بالولاء المطلق، ل"أبو مازن" و"عرقلت" مهمته، على حد قوله. وبرز دور اللجنة في حسم الصراعات والخلافات ابان هذه الأزمة التي بدأت بين اثنين من اعضائها هما هاني الحسن وعباس زكي وبين "أبو مازن" في اجتماع عقد قبل أكثر من شهر، أسفر عن تقديم الأخير استقالته منها. ولم يعد "أبو مازن" يحضر اجتماعاتها على رغم عدم قبول اللجنة استقالته. وبموجب النظام الداخلي لحركة "فتح"، فإن اللجنة المنوط بها تسيير أعمال الحركة بين مؤتمرين عامين، تتكون من 21 عضواً، ليشغل عدد منهم مواقع مهمة في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. ومن بين هؤلاء، رئيس الدائرة السياسية في المنظمة فاروق القدومي "أبو اللطف"، ووزير الشؤون الخارجية في السلطة نبيل شعث، وقريع، والحسن وزكي، والأمين العام للحكومة المستقيلة حكم بلعاوي، ووزيرة الشؤون الاجتماعية في السلطة انتصار الوزير أم جهاد. واستشهد من بين أعضائها خليل الوزير أبو جهاد وصلاح خلف أبو اياد وماجد أبو شرار وغيرهم. ولم تعقد الحركة مؤتمراً عاماً لها منذ نحو 15 عاماً لتجديد عضوية اللجنة المركزية وانتخاب اعضاء جدد للمجلس الثوري وباقي هيئات الحركة. دحلان لن يدخل في حكومة لا يشكلها عباس في غضون ذلك، قال وزير الدولة الفلسطيني للشؤون الامنية محمد دحلان امس انه لن يكون في حكومة لا يشكلها عباس في ظل اوضاع داخلية متردية وغياب الدعم الاميركي. وقال لوكالة "رويترز": "بالتأكيد لن اكون في حكومة لا يشكلها الاخ ابو مازن لأنني لا اريد ان اعيد التجربة السابقة… استقالة هذه الحكومة كانت فرصة لي للخروج من دوامة ومحاولات فرض الاقتتال الداخلي الفلسطيني". وحمل مسؤولين فلسطينيين المسؤولية عن توسع الفجوة بين عرفات وعباس، وقال ان هذا التدهور في الوضع الداخلي "بتأثير وبتحريض من بعض الاخوة الذين يبحثون عن موقع او عن مستقبل لهم في داخل الحكومة حتى لو كان ذلك على حساب الشعب الفلسطيني". واتهم الحكومة الاسرائيلية بأنها هدفت الى تخريب جهود حكومة عباس، بل ورغبت باحتدام الصراع الداخلي. وقال: "الحكومة استطاعت ان تنفذ البنود الامنية بطريقة هادئة. صحيح انها غير مرئية بالنسبة الى اسرائيل التي تريد ليس اقل من حرب اهلية… لكن ماذا نفذت اسرائيل… هي تتحمل المسؤولية الكبرى في اعاقة عملية السلام".