استمر الصحافي الاسباني من اصل سوري تيسير علوني قيد الاعتقال الانفرادي امس، بأمر من قاضي المحكمة الوطنية بالتاسار غارثون بعد اعلان سرية الملف. وستبدأ عملية استنطاقه غداً الاثنين بشأن علاقته بتنظيم "القاعدة" وزعيمها اسامة بن لادن الذي اجرى معه مقابلة لقناة "الجزيرة" القطرية في 7 تشرين الاول اكتوبر 2001، وما اذا كان يقوم بأعمال الدعاية والمساعدة في تمويل "القاعدة" ونقل المعلومات بين اعضائها. اذ تعتقد اجهزة الامن انه كان على علاقة بعماد الدين بركات ابو دحدح المعتقل في اسبانيا منذ اواخر عام 2001 وغصوب الأبرش الذي اعتقل في اسبانيا ايضاً ومأمون دركزنلي المعتقل في المانيا وجميعهم ينتمون الى "الاخوان المسلمين" في سورية. وأكدت زوجة علوني، الاسبانية فاطمة حميد اليازغي، ان افراد الاسرة كانوا يعتزمون السفر امس السبت الى مكان اقامتهم في الدوحةقطر، وان افراد الشرطة الثمانية الذين فتشوا المنزل واعتقلوا زوجها تصرفوا "بلطف". واشارت الى انهم كانوا يرتدون اللباس المدني ووصلوا الى المنزل ظهر الجمعة وبحوزتهم مذكرة اعتقال وتفتيش من قاضي المحكمة الوطنية غارثون فصادروا جهازي كومبيوتر واشرطة فيديو وكتباً بالعربية وبعض الصحف ووثائق خاصة بزوجها واشارت الى ان تيسير كان خضع لعملية في القلب في العراق وقد حمل ادويته وشهادة تثبت ذلك. ولم تكن عملية اعتقال علوني مفاجئة له ولزوجته فحسب بل فاجأت الاوساط الاعلامية في اسبانيا. وهو جاء الى اسبانيا اوائل شهر تموز يوليو، للمرة الاولى بعد حرب افغانستان التي برز فيها واصبحت له شهرة عالمية، وشارك في حلقات دراسية نظمتها جامعة مدريد وقام بنشاطات اعلامية مهمة على الصعيدين العربي والاسباني من دون ان يتعرض له احد. وكان علوني على وشك فتح مكتب لقناة "الجزيرة" يتسلّم مسؤوليته في اسبانيا يغطي منه ايضاً اخبار المغرب والبرتغال. بعد عودته من افغانستان فضل علوني التريث في العودة الى اسبانيا، على رغم انه يحمل جنسيتها، وطلب من زوجته واولاده الالتحاق به في قطر. وكان يتوقع ان الاستخبارات الاسبانية مهتمة باجراء لقاء معه، اذ أكد في اكثر من مناسبة لقريبين منه ان اجهزة استخبارات غربية عدة حاولت الاتصال به، ومنها البريطانية التي قصدته الى قطر واجتمع طويلاً بممثليها. وروى احد القريبين انه اجرى اخيراً لقاء طويلاً مع مسؤول دولي سابق لبثه في "الجزيرة" وسأله المسؤول في نهايته "هل تمكنت من حل قضيتك؟". كما انه اجرى قبل مجيئه الى اسبانيا اتصالات ديبلوماسية على أعلى المستويات فأكدت له انه "غير مطلوب". لذلك طرح اعتقاله تساؤلات كثيرة منها: اذا كان فعلاً على علاقة بتنظيم "القاعدة"، لماذا لم يقبض الاميركيون عليه عندما كان في العراق بعد الاحتلال؟ وهل ان لسورية علاقة في عملية اعتقاله للوصول الى رفاقه من الاخوان المسلمين؟ وهل ستطلب استرداده على رغم ان اسبانيا لا تسلّم مواطنيها الى أي دولة اخرى. وهل ان القاضي غارثون لديه فعلاً ادلة تبرر توقيف هذا الصحافي الذي لمع في تغطيته للحروب، خصوصاً ان عماد الدين بركات موجود في السجن منذ نحو سنتين؟ فبعد اعتداءات نيويورك عام 2001 اعتقلت السلطات الاسبانية عشرات بقي منهم في السجن اقل من خمسة اشخاص وادعى بعضهم الاسبوع الماضي 11 عربياً على الحكومة الاسبانية التي كانت أكدت، بلسان رئيس وزرائها ووزير داخليتها، حيازتهم مواد كيماوية لصنع المتفجرات وتبين انها مواد لتنظيف الثياب. وفي عمان اف ب دان "مركز حماية حرية الصحافيين" في بيان اعتقال علوني، داعيا الى "الافراج الفوري" عنه. واعرب المركز عن قلقه حيال "الاخطار التي يتعرض لها الاعلاميون والتي تزايدت في الشهور الاخيرة، فمن عمليات قتل متعمدة للطواقم الصحافية خلال تغطيتها للاحداث في المناطق الساخنة الى اعتقال وسجن تحت ذرائع تستند الى معلومات استخباراتية". وفي الدوحة نددت قناة "الجزيرة" القطرية امس بشدة باعتقال علوني، مؤكدة عدم محاباتها الاسلاميين. وقال جهاد بلوط الناطق باسم القناة لوكالة "فرانس برس" ان "الجزيرة كانت وستظل منبراً للرأي و للرأي الاخر، تفتح المجال لكل اللاعبين في الحدث السياسي بلا استثناء و بلا تمييز.. من بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الى جورج بوش الرئيس الاميركي". واعتبر اعتقال علوني "حلقة جديدة في سلسلة سياسات معينة تستهدف "الجزيرة" في محاولة للتاثير في خطها المهني".