"للنساء فقط" برنامج تعرضه قناة "الجزيرة" الفضائية. على رغم دلالة عنوانه، فإن عدداً كبيراً من الرجال يتابعه، مثلما يتابع عروض الأزياء والطبخ وغير ذلك من البرامج النسائية. ويشاهد الرجال هذه البرامج لغرض في "نفس يعقوب" مخيّرين لمتابعة تمايل الأجساد وعريها المبطن تحت مسمى عرض أزياء الموسم، ومجبرين حين تصر الزوجة على قناة تعرض أكلة ربما لن تطبخها، فالشغالة هي أميرة الطبخ في منازل خليجية كثيرة. وتختلف متابعة البرامج التلفزيونية باختلاف شرائح المجتمع. وتقول رفيعة الطالعي، صحافية، ومرشحة لانتخابات مجلس الشورى المقررة في تشرين الأول أكتوبر المقبل: "أشاهد البرامج الموجهة الى المرأة بغض النظر عما تقدمه، لأنني مهتمة بما يقدم للمرأة في وسائل الإعلام المختلفة، وبما تقدمه المرأة نفسها عبر هذه الوسائل". لكنها ترى ان اهتماماتها الأولى تنصبّ في أمور معينة "مثل مشاركة المرأة في السياسة وما يتعلق بها من قضايا ومسائل، كذلك انتاج المرأة الأدبي، ما تكتبه وما يكتب عنها، المرأة في العمل الإعلامي الصحافي ودورها وصورتها في الصحف والإذاعات المختلفة". وتضيف: "أهتم كذلك بقضايا المرأة الاجتماعية، ويهمني كل ما يتعلق بها ويعالج أو يناقش قضاياها في شكل جاد ويحترمها. في المقابل أتابع بفضول وأحياناً بقهر ما يثار حول المرأة وإن كان في شكل سلبي ولو من باب العلم بالشيء". وتعطي وقتاً من الاهتمام لما يتعلق بالموضة والطبخ والأزياء والديكور، "ولكنها لا تشكل اهتمامات أساسية ولكن ليس هناك مانع من متابعتها طالما انها تضيف لي أبعاداً معرفية ونقدية". أما ابتسام الحبيب خريجة جامعة السلطان قابوس فمتابعاتها تنصبّ على برنامج "للنساء فقط"، "لأنه يطرح قضايا فكرية وثقافية وسياسية تمس المرأة ووضعها في المجالات السياسية والاجتماعية والأدبية بطريقة ممتعة ومتفتحة وجريئة جداً، وتستضيف المذيعة مجموعة جيدة وواعية ومثقفة من النساء البارزات في مجتمعنا لنتعرف إلى آرائهم وتجاربهم". وتهتم الحبيب بالقضايا التي يطرحها البرنامج "كقضية البرلمانيات، ودور المرأة الخليجية في مجتمعها"، إضافة الى موضوعات أخرى حول "دور الإعلام في تثقيف المرأة"، لكنها تأسف "لأن معظم البرامج المقدمة الى المرأة تقتصر على الطبخ والموضة ومواضيع التجميل والزواج والتربية في شكل كبير، إذ تتجاهل تثقيف المرأة وتوعيتها في نواح أخرى". وتتهم ابتسام هذه البرامج "بتجاهل العمل على تنمية المرأة"، مشددة على ضرورة تثقيفها نظراً لدورها في تنشئة الأجيال. من جهته يرى تاجر الأقمشة يوسف بن أحمد البلوشي، ان لهذه البرامج "صيغة استعلائية على واقع المرأة العربية، فهي تتوجه الى العائلات النخبوية في المجتمع"، ويقول: "ربما ترى في مخاطبة البسطاء شيئاً من التنازل عن رقي البرنامج وديكوراته ومكياج مقدمته". والبلوشي يتابع برنامج "كلام نواعم" الذي يعرض على قناة MBC وأحياناً برنامج "للنساء فقط"، "بحسب الوقت من دون التزام بالجلوس أمام الشاشة بانتظار عرضهما، وأرى انهما يعرضان قضايا مجتمعية على رغم الاختلاف على كلام النساء القائم على الجدل والنقاش والاستظراف الذي قد يضيع القضية المعروضة في هامشيات لا علاقة لها بالموضوع المطروح". وتتساءل زمزم الراشدي مذيعة تلفزيونية عن علاقة المرأة العربية "بذلك الترف في الأزياء والديكور وتزيين المائدة"، وفي بالها ان المرأة البسيطة لن تقدر على ذلك، والمرأة العاملة لن تقوم باختصاص الشغالة، على حساب أظفارها وزينتها. وتضيف الراشدي ان البرامج "مهمة جداً لتوعية شريحة كبيرة من النساء العربيات اللاتي دخلن في صراع مع الموضة، ولا يكدن يتبينّ ما هو ضروري مما هو كمالي، فتداخلت الأشياء بصورة مرعبة، ودفعت الأسرة ثمناً باهظاً لهذه الاختلالات، وجاءت البرامج الفضائية لتكمل المشهد المتأرجح، وكأنها صممت لتقضي على بقية التوازن، فلم تأخذ في حسبانها العمق المفترض في القضايا أو تقديم نفسها وسط ذلك الكم من الاعلانات المؤذية أحياناً للأسر". أما نور سعيد معلمة فتشعر بالملل من هذه البرامج "أفضِّل المسلسلات والأفلام التي تزخر بها القنوات الفضائية"، وتضيف: "مع كل هذه التسميات، أشعر بانجذاب الأسر الى المسلسلات التي تناقش قضايا اجتماعية وغيرها عبر قصة تتابع وتشوق المشاهد لانتظار بقية الحكاية غداً، ربما لأسباب نفسية تتعلق بوجودنا في مجتمعات تعتمد على الحكايات والأساطير". ويرى الموظف حمود المحرزي أن التلفزيون "دخل قائمة المربين للجيل الجديد في المنطقة. لذا فإن توجيه برامج متخصصة للمرأة وللطفل يندرج ضمن أهداف القائمين على هذه الفضائيات، للاقتراب من شرائح تمثل النسبة الأكبر في المجتمع البيتي وهو هدف ليس بريئاً تماماً. فاللعب على حبل الإعلان يتبع الجانب الإعلامي مباشرة". والمحرزي، كآخرين، يتابع هذه البرامج "أثناء الجلوس مع العائلة"، ويعتقد ان الغالبية من جيل الشباب "أو لنقل من الرجال لا يهتمون ببرامج كهذه، وقد يكون ذلك لأسباب منها النظرة المتعلقة بكل ما هو نسائي كالموضة والطبخ والصحة والديكور. ويتهم المحرزي المرأة المتابعة لهذه البرامج بأنها "قليلة شغل"، ولا يستبعد الراغبات في الإفادة والتعلم، لكنه يراهن "نسبة ضئيلة".