إنتقل المفاوضون السودانيون إثر توقيعهم أمس إتفاقاً مهماً في شأن وضع القوات السودانية المتحاربة الجيش السوداني وجيش الحركة الشعبية لتحرير السودان خلال الفترة الانتقالية، الى البحث في قضايا الخلاف التالية ولا سيما منها رئاسة الدولة ومصير ثلاث مناطق يتنازع عليها الجانبان. وقررا اختتام هذه الجولة من المفاوضات غداً السبت. وقوبل الاتفاق بترحيب واسع داخل السودان، لكن بعض القوى المعارضة أبدى تحفظات داعية الى ضمان الانتقال السلمي للسلطة والتحول الديموقراطي. راجع النص الحرفي للاتفاق وتفاصيل أخرى ص 6 و 11 واعرب الطرفان عن رضاهما عن الاتفاق الاطاري، واكدا العزم على العمل لإنجاحه. ووصف كبير الوسطاء في عملية السلام السودانية الجنرال لازاراس سيمبويو هذا التطور قائلا في حفلة التوقيع في كينيا أمس: "لا شك في ان موضوع الامن كان صعبا. لكن القرارات الشجاعة التي اتخذت في شأن وضع القوتين المتقاتلتين ووقف النار واعادة الانتشار تظهر بوضوح أن السودانيين قرروا عبور جسر السلام معاً". وقال النائب الاول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه: "هذه مناسبة تاريخية، تمهد الطريق لعملية السلام والاستقرار في السودان. لا تزال امامنا أميال يجب ان نعبرها، وما حصل سيعطينا قوة الدفع للتفاوض في القضايا الباقية". أما زعيم "الحركة الشعبية" جون قرنق فقال: "إستجبنا رغبات الشعب السوداني في تسوية سياسية عادلة قابلة للاستمرار. هذه الاتفاقية اساس لمثل هذه التسوية العادلة". وقضى الاتفاق بترتيبات متتالية تجمع قوات الطرفين في قوة مشتركة في مناطق النزاع الرئيسية الجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق اضافة الى قوة مشتركة من ثلاثة آلاف جندي في العاصمة. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة أن هذه القوة ستعنى أساسا بأمن الشخصيات المهمة. وستصبح قوات "الحركة الشعبية أهم قوة في جنوب السودان الذي اتفق على تحديده بالحدود التي ورثها السودان من الاستعمار، وتنسحب من مواقعها الاخرى خارج الجنوب خلال عام. اما الجيش السوداني فسيعاد انتشاره خلال عامين ونصف عام في الجنوب وسيربط وجوده في هذه المنطقة بقيادة مشتركة. وعالج الاتفاق أيضا قضية الميليشيات الموالية للطرفين، لكنه تجنب قضية وضع الاجهزة الامنية والشرطة وارجأها الى حين مناقشة قضية قسمة السلطة. وركز على رقابة دولية على تحركات القوات وفصلها وتنفيذ وقف النار خلال الفترة الانتقالية التي تستمر ست سنوات. وفي نيويورك، اعلن الامين العام للامم المتحدة مساء أمس، ترحيبه بالاتفاق. واشاد خصوصاً بدور طه وقرنق، ودعا الاطراف المعنية الى مواصلة التفاوض من أجل التوصل الى نهاية سلمية للنزاع السوداني.