هددت واشنطن باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الامن امس ضد مشروع قرار عربي يدعو اسرائيل الى عدم المس بالرئيس ياسر عرفات، وطالبت بادخال تغييرات جذرية عليه. جاء ذلك في وقت رفضت اسرائيل عرضاً من السلطة الفلسطينية باعلان "هدنة متبادلة"، متجاهلة اعلان "حركة المقاومة الاسلامية" حماس استعدادها المشروط لوقف النار. راجع ص 5 و6 وفي موازاة التهديد ب"الفيتو" الاميركي، حذرت واشنطن اسرائيل مجددا من ان ابعاد عرفات او قتله لن يساعد في احداث تقدم في عملية السلام. كما هدد البيت الابيض بأنه قد يقتطع من ضمانات القروض الاميركية لاسرائيل اي مبلغ تخصصه تل ابيب لبناء المستوطنات في الاراضي المحتلة. وكانت واشنطن افرجت اخيرا عن دفعة من اصل تسعة بلايين دولار من ضمانات القروض. الا ان اسرائيل اعلنت ان اي اقتطاع لن يتم من الدفعة الاولى. في غضون ذلك، حمل عرفات بشدة على اسرائيل متهما اياها برفض السلام والهدنة. جاء ذلك ردا على رفض اسرائيل مبادرة لوقف النار عرضها مستشاره للأمن القومي جبريل الرجوب، اذ اعتبرت ان هذا الطرح يهدف الى اعادة عرفات الى الساحة السياسية والى انقاذ "حماس". ويقضي اقتراح الرجوب باعلان "هدنة جديدة ودائمة ومتبادلة" تشمل اسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة. وتزامن ذلك مع اعلان أحد قادة "حماس" في الضفة الغربية عدنان عصفور ان الحركة "لا ترفض الحديث عن هدنة جديدة، لكن ضمن شروط محددة وواضحة". واضاف: "اذا ما قدمت للحركة ضمانات بوقف الاعتداءات المستمرة، فان الحركة ستدرسها". وفي مسعى لافشال كل مساعي الهدنة، صعدت اسرائيل اجراءاتها على الارض فقتلت احد قادة "الجهاد الاسلامي" احمد ابو دوش في الخليل، ودمرت المبنى السكني الذي كان فيه والمكون من خمس طبقات. كذلك نسفت ثلاثة منازل في القدس بحجة البناء غير المرخص، وكثفت حملات الدهم واعتقلت ما لا يقل عن 15 فلسطينيا، فيما تستعد قواتها لتنفيذ عمليات "برية" في قطاع غزة. وفي نيويورك، استبق مسؤول اميركي انعقاد جلسة مجلس الامن امس، بالاعلان ان بلاده ستمنع تبني مشروع القرار العربي اذا طرح للتصويت من دون تعديلات. وقال المندوب الاميركي جون نغروبونتي ان واشنطن "ليست مستعدة لتأييد القرار بصورته الحالية" لانه لا يدين صراحة "الارهاب" الفلسطيني ولانه "منحاز بشدة" ضد اسرائيل. وتطالب الصيغة الحالية مجلس الامن "بالوقف الكامل لجميع اعمال العنف، بما في ذلك الاعمال الارهابية والافعال الاستفزازية واعمال التحريض والتدمير". كما تطالب بأن "تمتنع اسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، عن اي عمل من اعمال الترحيل، وان توقف اصدار التهديدات لسلامة الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية". وتعرب ايضاً عن القلق الشديد ازاء التدهور الخطير في الحالة "بما في ذلك عمليات التصعيد والاغتيالات والهجمات الانتحارية". ويدعم المشروع العربي المعدل جهود "الرباعية" التي ستلتقي على مستوى وزراء الخارجية في نيويورك قريبا، ويدعو الى مضاعفة الجهود لضمان تنفيذ الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي "خريطة الطريق". وفي الوقت الذي اعتبرت فيه بريطانيا والمانيا ان "الفيتو" الاميركي سيكون بالغ الضرر بالفلسطينيين اذ انه سيوحي ان اميركا مع ترحيل عرفات على رغم انها ليست كذلك، سعت الدولتان الى ادخال تعديلات على مشروع القرار، بما يجنب الولاياتالمتحدة استخدام "الفيتو" وبما يجنبهما الامتناع عن التصويت. الا ان المصادر الديبلوماسية الفلسطينية والسورية رفضت التعديلات البريطانية التي تهدف الى اضفاء "توازن" افضل على صيغة مشروع القرار، والتي تطالب السلطة بتنفيذ التزاماتها في ما يتعلق بالارهاب ومقاضاة المتورطين فيه. واعتبرت الديبلوماسية العربية ان التعديلات تغض الطرف عن مطالبة اسرائيل ايضا بتنفيذ التزاماتها في ما يتعلق بالمستوطنات وغيرها. وحتى بعد ظهر امس، اصرت سورية وفلسطين على طرح مشروع القرار للتصويت حتى لو استخدمت اميركا الفيتو.