هاجم انتحاري في سيارة مفخخة مقر الامن الروسي في جمهورية انغوشيا المحاذية للشيشان، مخلفاً اضراراً بالغة. وتضاربت تصريحات المسؤولين الروس في شأن اعداد الضحايا، فيما تحدثت مصادر شيشانية عن "عشرات القتلى والجرحى". وقالت ان الامن الروسي فرض فور وقوع الحادث طوقاً مشدداً لمنع تسرب معلومات. وذكرت مصادر روسية ان المهاجمين استخدموا في العملية شاحنة من طراز "قاماز" كان تحمل نحو 500 كيلوغرام من المواد الشديدة الانفجار. وقال مساعد النائب العام سيرغي فريدينسكي ان التحقيقات الاولية تشير الى أن انتحارياً واحداً كان يجلس خلف المقود في الشاحنة التي اجتازت في سرعة كبيرة نقاط تفتيش وانفجرت على بعد نحو 15 متراً من مبنى الأمن الفيديرالي في العاصمة الانغوشية. وتشير التقديرات الى ان اكثر من مئة شخص كانوا داخل المبنى لحظة الانفجار الذي اسفر عن تدمير قسم كبير منه، كما اصيبت مبان مجاورة بأضرار بالغة. وأشار ناطق باسم وزارة الطوارئ الى ان الانفجار خلف دماراً في دائرة يزيد قطرها على 200 متر، وأحدث حفرة طولها نحو عشرة امتار وعمقها ثلاثة امتار، ما يعد مؤشراً الى قوة المواد المتفجرة التي استخدمت في الهجوم. ولفت الانظار تضارب تصريحات المسؤولين الروس حول اعداد الضحايا. وقالت مصادر في الحكومة المحلية ان العملية خلفت "عدداً كبيراً جداً من القتلى والجرحى"، في حين ذكرت مصادر طبية ان اربع جثث على الاقل انتشلت فور وقوع الحادث. وأشارت الى وجود نحو اربعين جريحاً نصفهم في حال الخطر. لكن ناطقاً باسم الامن الفيديرالي ذكر بعد مرور ساعات على الانفجار، ان الحصيلة الاولية تشير الى مقتل شخصين فقط وجرح عشرات آخرين. وأضاف ان بين القتلى نائب رئىس جهاز الامن الفيديرالي في الجمهورية الشيشانية. وشككت مصادر شيشانية في الارقام المعلنة. واشارت الى "حصار مشدد" فرضته الاجهزة الامنية بعد الانفجار، وقالت انها طوقت المنطقة في شكل مكثف ومنعت دخولها لغير العناصر الامنية، في محاولة للتكتم على الخسائر. وقال موقع "صوت القوقاز" الالكتروني القريب من المقاومة الشيشانية ان "الحديث ربما يدور عن عشرات القتلى" نظراً الى ان اجتماعاً موسعاً كان يعقد لحظة التفجير داخل المقر وحضره نحو 200 شخص. ولم تستبعد مصادر شيشانية تحدثت معها "الحياة" ان تكون موسكو لجأت الى التكتم على خسائرها من اجل تقليص حجم تأثير العمليات الانتحارية ضد المواقع الروسية على حملة الانتخابات الرئاسية الجارية في الشيشان. الى ذلك، لم يعلن اي طرف شيشاني مسؤوليته مباشرة عن الحادث، لكن مراقبين تحدثوا عن عمل انتقامي استهدف المقر الأمني بسبب ما وصف بأنه "دور نشط" لعبه خلال العمليات العسكرية في الشيشان. وأثار الموقع الالكتروني الشيشاني الى ان عشرات اللاجئين الشيشان في انغوشيا تعرضوا للاختطاف ونقلوا الى هذا المقر. ويعد هجوم الامس اول عملية تفجيرية تقع بعد التهديدات التي اطلقها زعيم الحرب الشيشاني شامل باسايف الاسبوع الماضي، وحذر فيها من وصفهم "المحتلين الروس" من مواصلة الهجمات ضدهم حتى "يرحلوا عن الشيشان". وشدد على ان ضربات المقاومة لن تقتصر على الاراضي الشيشانية وحدها، وقال انها ستستهدف مواقع "مدنية وعسكرية في مختلف انحاء روسيا". وكانت آخر عملية استخدمت فيها شاحنة مفخخة وقعت قبل نحو شهرين، واستهدفت مستشفى عسكرياً في اوسيتيا الشمالية المجاورة للشيشان وأسفرت عن مصرع اكثر من خمسين شخصاً. واللافت ان موسكو فرضت بعدها اجراءات امنية صارمة في منطقة القوقاز، الامر الذي دفع سياسيين روس امس الى توجيه انتقادات مريرة الى الاجهزة الامنية. واعتبروا ان نجاح المهاجمين في اختراق الطوق الامني المشدد وتنفيذ هجمات جديدة يدل الى "فشل ذريع من جانب جهاز الامن الفيديرالي الذي اخفق حتى في حماية مقاره". وأعرب مسؤولون روس عن مخاوفهم من تزايد الهجمات التفجيرية خلال الاسابيع الثلاثة المقبلة، وهي الفترة المتبقية قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في الشيشان، خصوصاً في ظل استمرار تراخي الاداء الامني في المنطقة.