سادت حالة من الارتباك أوساط مكاتب الصرافة في الاردن مع صدور قرار عراقي باعتماد الطبعة "السويسرية" للدينار العراقي عملة رسمية اعتباراً من منتصف تشرين الأول اكتوبر المقبل. ومع ارتفاع طفيف في اسعار العملة العراقية المتداولة في طبعاتها المختلفة... سادت ترجيحات وتفسيرات عدة ابرزها ان الحكومة العراقية، ومن خلفها سلطات الاحتلال، ستلجأ الى اعتماد "السيناريو اللبناني" لاستبدال العملة بدلاً من تقديم حل "السيناريو الكويتي"! لكن التوقعات تشير الى ان "الدينار الجديد" سيكون موازياً ل150 ديناراً مصوراً قديماً. تفاقمت حالة الارتباك في سوق الصرافة الاردنية مع عدم استلام السوق أي شيء رسمي في شأن "مستقبل الدينار العراقي" من بغداد وتُرك الأمر لتفسيرات متباينة اجتهد بها الصيارفة. وجاء رد فعل كل منهم انطلاقاً من التفسير الذي اعتمده ما دعا مكتب "السعودي للصرافة"، أحد أنشط المكاتب وسط المدينة، الى الاتصال مع بغداد للوقوف على الخبر اليقين. وقال صيرفي نيابة عن "مكتب السعودي" ل"الحياة" إن المقصود بالقرار العراقي الأخير، كما فهمنا، هو العملة "السويسرية" الجديدة، أي تلك التي ستطبعها الحكومة الحالية، وأن الدينار من فئتي الخمسة والعشرة دنانير هو المقصود وليس القديم، أما الفئات الأخرى خصوصاً فئة الخمسة والعشرين ديناراً الملغاة فإنها لن تُستبدل. وكانت هذه الفئة ألغيت بقرار من مجلس قيادة الثورة العراقي في أيار مايو 1993 واعتمد الدينار المصور، ما ادى الى خسارة أعداد كبيرة من المواطنين الأردنيين لمدخراتهم من هذه النسخة. وقُدرت الخسائر بمئات الملايين من الدنانير. لكن هذه الفئة من العملة العراقية بقيت قيد التداول في أسواق الصرافة. وقال الصيرفي "إن ما سيحدث هو استبدال الدينار الجديد الواحد ب150 دينارا مصوراً قديماً". وأضاف "إن هناك مئات الملايين من الدنانير العراقية في الأردن والكويت وسورية ولبنان، ومن المستحيل إعادة كل هذه المبالغ للتداول". واشار الى ان العقدين الأخيرين شهدا سيناريوهين للتعامل مع العملة التي تفقد الجزء الأكبر من قيمتها هما: "السيناريو الكويتي" حين عمدت الحكومة الكويتية فور عودتها إلى الحكم عام 1991 إلى اتخاذ قرار سياسي بعودة السعر الذي كان سائداً قبل غزو العراق للكويت عام 1990 وهو 3.35 دولار للدينار الواحد واعتماده سعراً رسمياً للدينار الكويتي. والسيناريو الثاني هو اللبناني حيث انتهت الحرب الأهلية ولم تعد الليرة اللبنانية إلى سابق قوتها. وقال إنه يرجح "حدوث السيناريو اللبناني في العراق فالوضع لا يزال خطيرا هناك". وعلى رغم ذلك فإن ارتفاعاً طفيفا طرأ على سعر الدينار العراقي من فئة 25 ديناراً في طبعته السويسرية وفي نسختيه "الصدامي"، أي العملة التي تحمل صورة الرئيس العراقي صدام حسين التي بيعت بنحو 12 ألف دينار لكل مليون مسجلة ارتفاعاً بسيطاً على السعر الذي كان سائداً قبل أيام وهو 11 ألفاً لكل مليون. وبيعت النسخة المسماة "أبو الحصون"، أي تلك التي تحمل صورة خيول بيضاء بنحو 15 ألف دينار لكل مليون عراقي بزيادة طفيفة على السعر الذي كان سائدا قبل أيام وهو 13 ألف دينار لكل مليون عراقي. واتفق مع هذا الرأي صيرفي في "مكتب العلمي للصرافة" الذي عرف عنه أنه لم يكن يتعامل بالدينار العراقي باعتباره عملة ساقطة. وقال "إن فئتي 5 و10 دنانير هي المقصودة بالقرار العراقي الأخير وان الوضع غير واضح حتى الآن". وتوقع أن يستمر الوضع على ما هو حتى الخامس عشر من الشهر المقبل، وأن يبقى التداول بالدينار العراقي نوعاً من المضاربة غير القائم على أساس محدد. وقال إن مكتبه يتعامل فقط مع فئة 10 دنانير من العملة العراقية حيث يبيع كل ألف دينار عراقي بنحو 60 ديناراً أردنيا. وقال صيرفي في "مكتب قصراوي للصرافة" إن كل ما صدر حتى الآن لا يشير إلى شيء محدد وان التعامل بالدينار العراقي نوع من المضاربة أو المقامرة لا أحد يعرف ما سيحدث فيها غداً. ونفى أن تكون طرأت زيادة على عدد المواطنين الذين ارتادوا المكتب لبيع الدنانير العراقية التي في حوزتهم. وقال صيرفي من "مكتب ديرانية" إن إشاعات انطلقت في الصباح عن أن مواطنين خليجيين أو كويتيين ارتادوا الأسواق لشراء كميات من الدنانير العراقية، ما جعل أعداداً ممن يحتفظون بالدنانير العراقية تندفع إلى مكاتب الصرافة وتحدث حركة رفعت سعر الدينار العراقي في طبعته السويسرية وبنسخته "الصدامية" إلى 16 ألف دينار أردني لكل مليون دينار عراقي وبنسخة "أبو الحصون" الى 20 ألف دينار أردني لكل مليون عراقي، لكن الحركة ما لبثت أن عادت إلى طبيعتها وعاد سعر الدينار الصدامي إلى 12 ألف دينار أردني لكل مليون دينار عراقي وأبو الحصون إلى 16 ألف دينار أردني لكل مليون عراقي. أما الدينار المصور فقد بقي على سعره القديم أي 350 ديناراً أردنيا لكل مليون عراقي. ويرى الصيرفي في "مكتب ديرانية" أن الأمور لا تزال غير واضحة وأنها ستبقى كذلك الى ما بعد الخامس عشر من الشهر المقبل لان "حبال العملة العراقية طويلة" كما قال.