بدأت قضية الاجهاض تأخذ أشكالاً عدة في المجتمع المصري منذ القبض على طبيب الأجنة في منطقة شبرا العام الماضي بتهمة اجهاض 23جنيناً. وحكي حينها عن غياب نصوص قانونية تحظّر الاجهاض، وأن ما يمنع هذه العمليات هو بعض الضوابط الأخلاقية وميثاق آداء مهنة الطب. ومنذ ذلك الحين تتسابق مجموعة من الأطباء لاجراء مثل هذه العمليات التي تسمح بالثراء السريع من دون مراعاة آداب المجتمع وسلوكياته أو آداب المهنة. وتجلى هذا في القبض على مجموعة أطباء يقومون باجهاض نساء وفتيات في الخفاء، منهم طبيب في شبين الكوم منوفية يجهض الحامل مقابل 450 جنيهاً مصرياً، وآخر في ضاحية ميت غمر دقهلية يجري العملية مقابل 700 جنيه. وعلى رغم رقابة شديدة تمارسها أجهزة الأمن للسيطرة على الأفعال الشاذة هذه المسيئة الى أخلاقيات المجتمع المصري ما زالت الظاهرة خطيرة ومهددة للكيان الاجتماعي لأسباب مختلفة. وتوضح خبيرة مركز البحوث الاجتماعية والجنائية الدكتورة سهير عبدالمنعم في هذا الصدد أن حالات الزواج العرفي بين الشباب والفتيات في ازدياد، مع ارتفاع في معدل ضرب النساء الحوامل الذي تبلغ نسبته نحو 25 في المئة، ما يعني عبئاً وتمييزاً خطيراً ضد المرأة، وتدهوراً في الاخلاق والسلوكيات والتقاليد التي نشأت عليها الأمة عبر الاجيال. وتشير الى أن هذه الأسباب تزيد في عمليات الاجهاض، اذ تدفع الاطباء الى اجرائها بشكل قانوني وغير قانوني مستغلين نقاط ضعف المطالبين بالاجهاض، وما يساعد على انتشار الظاهرة ايضاً عدم حماية المشرع للمرأة الحامل وجنينها كما في المادة 264 عقوبات التي لا تعتبر ضربها وحتى لو ادى الى اسقاط الحنين جريمة. ويؤكد الأمين العام لنقابة الاطباء المصرية الدكتور اسامة رسلان من جهته رفضه لعمليات الاجهاض وإدانته لها لأنها أصبحت تشكل خطراً على المجتمع المصري، مشيراً الى ضرورة تطبيق أقصى العقوبة على مرتكبي هذا الفعل، وهذا ما بدأت تنتهجه لجنة آداب المهنة في النقابة اخيراً لتصويب تصرفات الاطباء غير الاخلاقية، وتسعى النقابة الى تفعيل دورها بعد تزايد حالات الاجهاض، خصوصاً من طريق المحكمة الخاصة التي انشأتها اخيراً برئاسة مستشار وزارة العدل بغرض استصدار أحكام صارمة ضد من يرتكب هذه الجرائم وغيرها. ويرى عضو جمعية الاخلاقيات الطبية الدكتور اسامة فرج ان تورط اطباء في جرائم، مثل الاجهاض، لا يجوز من الناحية الشرعية والاخلاقية، فاسقاط الأجنة أو الاجهاض يعني قتل نفس بريئة ونشر الفساد والانحراف في المجتمع، وتتمثل أولى الخطوات للقضاء على هذه الظاهرة في فصل الاطباء المجهضين، وتعميق الوازع الديني في نفوس النشء في كليات الطب من خلال مقررات دراسية للاخلاقيات الطبية، وتوثيق التعاون بين نقابة الاطباء ووزارة الصحة وأجهزة الأمن، وتفعيل القوانين واللوائح التي تعالج هذه القضايا. ويؤكد الشيخ مقدام المقدام امام مسجد الشعراوي ان الاسلام لا يبيح الجناية على الحمل بعد ان يكون قد وجد بالفعل حتى ولو جاء من طريق غير شرعي، موضحاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل أن يقام حد لامرأة حملت من خطيئة حتى تضع جنينها وتتم رضاعته لأن لا ذنب له في ما حدث. وقال إن موقف الدين من الاجهاض هو التحريم بعد تخطي الحمل مئة وعشرين يوماً، باستثناء الحالات الضرورية مثل هلاك الأم وضعفها بسبب الحمل. أما بالنسبة الى الاجهاض قبل ثلاثة اشهر فهناك من لا يجيزه من جهة، وهناك من يسمح به من جهة اخرى اذا وجدت أسباب تستدعيه مثل قصر المسافة بين مولود وآخر الأمر الذي يجعل المرأة غير قادرة على الرضاعة والحمل في آن. ويضيف ان الفقهاء اتفقوا على ان اسقاط المرأة الحامل بعد أن تدب في الجنين الروح حرام وجرم يستدعي القصاص. ولا يحق لمسلم او مسلمة او غيرهما اقترافه لأنه جناية. بينما يرى الشيخ حمدي الأخرس الواعظ في الازهر ان من الضروري مواجهة الظاهرة وأن تكون هناك رقابة مشددة على تراخيص العيادات والمستشفيات وتعزيز وعي المواطنين وحثهم على الابلاغ عن أي عيادة أو طبيب يمارس عمليات الاجهاض. وطالب بالابتعاد عن هذه العيادات المشبوهة، مؤكداً ان النفس البشرية لا يجوز إهدار دمها حتى لو جاءت من طريق الزنا لأن لا ذنب لها ولم تقترف اثماً تستحق عليه القتل.