سعود بن نايف يرعى حفل إمارة الشرقية بيوم التأسيس.. ويستقبل السفير الياباني    فيصل بن بندر يشهد احتفال منتسبي إمارة الرياض بيوم التأسيس    محافظ الزلفي: يوم التأسيس تاريخ عريق    مخاطر العرض.. تدعم أسعار النفط    الأسمنت الأخضر أحدث تحولات الطاقة النظيفة بالمملكة    احتساب مبالغ الوساطة الزائدة على 5% ضمن ثمن العقار    «زينة رمضان» تكسو شوارع القاهرة استعداداً للشهر الكريم    مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على تباين    فعاليات متنوعة احتفاءً بيوم التأسيس بمحافظة عفيف    تحت رعاية خادم الحرمين.. وبحضور أمير الرياض بدء أعمال منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    دونيس الخليج: الحظ والانضباط وقودنا لهزيمة الاتحاد    القيادة تهنئ رئيس إستونيا    أمير القصيم يستقبل سفير تايلند    "الأحوال المتنقلة".. اختصار الوقت وتقليل الجهد    وزير الشؤون الإسلامية يفتتح التصفيات النهائية على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    الخرج.. صور تاريخية وفنون شعبية    بلدية الشماسية توزع الهدايا على سالكي الطرق    جامعة الملك سعود توقع مذكرة تعاون مع مركز زراعة الأعضاء    طفلة محمد صلاح تظهر في مسلسل رمضاني    خطوة هامة لتعزيز الأمن الغذائي !    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تحتفل بيوم التأسيس    رئيس هيئة حقوق الإنسان: السعودية حريصة على نصرة القضايا العادلة    مسؤولية بريطانيا التاريخية أمام الدولة الفلسطينية !    وزير الخارجية: العمل السعودي الإنساني مستمر.. ومشروع «مسام» ساهم في تخفيف معاناة اليمنيين    الرواية وجائزة القلم الذهبي    ما هذا يا جيسوس ؟    إسرائيل تتمادى في انتهاكاتها بدعم أمريكي    بقيادة الشرع سوريا في مسار الإصلاح والعدالة    هل تبرم أوكرانيا مع أمريكا اتفاق المعادن؟ ترمب يجيب    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة جوازات المحافظة    جمعية الملك فهد الخيرية النسائية في جازان تحتفي بيوم التأسيس لهذا العام 2025م    محافظ الطائف يكرم الجهات المشاركة في كأس الطائف للصقور    "مفوّض الإفتاء بمنطقة حائل" يلقي محاضرة بعنوان "نعمة تأسيس الدولة السعودية"    العروبة يعمق جراح ضمك في دوري روشن    جامعة خالد تستحضر الأمجاد في يوم التأسيس    وزير الخارجية ونظيره النيوزيلندي يبحثان العلاقات الثنائية    أقدم حفل موسيقي    النيابة العامة تحتفي بمناسبة يوم التأسيس    الزواج ليس ضرورة.. لبنى عبدالعزيز: الأمومة مرعبة والإنجاب لا يناسب طموحاتي المهنية    انعقاد جلسة رفيعة المستوى حول الدبلوماسية الإنسانية في النزاعات ضمن فعاليات منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    أمير الرياض يعزي جبران بن خاطر في وفاة والدته    أمانة تبوك توفر 260 بسطة رمضانية في 13 موقعاً    «العقاري» 1.016 مليار ريال لحسابات مستفيدي «سكني» لشهر فبراير    عبادي الجوهر قدمني للناس كشاعر.. عبدالرحمن بن مساعد: أغنية «قالوا ترى» ساذجة    "الشؤون الإسلامية" تنهي فرش 12 جامعا بمنطقة القصيم    بعد وفاة 82 شخصاً.. بريطانيا تحذّر من استخدام حقن إنقاص الوزن    الرياض: ضبط 4 وافدين لممارستهم أفعالاً تنافي الآداب العامة في أحد مراكز «المساج»    الاتحاد الأوروبي يُعلن تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا    وزارة الصحة تؤكد أهمية التطعيم ضد الحمى الشوكية قبل أداء العمرة    زيادة تناول الكالسيوم تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم    زياد يحتفل بعقد قرانه    وقفات مع تأسيس السعودية وتطورها ومكانتها المتميزة    ماذا فعل ريال مدريد بالسيتي!!    موجة برد صفرية في السعودية.. «سعد بلع» يظهر نهاية الشتاء    مختبر ووهان الصيني.. «كورونا» جديد في الخفافيش    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 01 - 09 - 2003

ختمت زاويتي هذه امس بالقول انه اذا لم يساعد العراقيون انفسهم فلن يساعدهم احد، غير انني اعتقد ان العراقيين سئموا النصح، لذلك سأحكي لهم اليوم قصة وأترك لهم ان يختاروا منها العبرة التي يريدون او العبر.
سأحكي باختصار رواية "لورد بمعنى سيد الذباب" لوليام غولدنغ، فهي بين اشهر روايات القرن العشرين، وهي تجمع بين ادب المغامرة والجدل العقائدي لتعبر عما يريد مؤلفها.
هناك مجموعة من اولاد المدارس الصغار تلقيهم طائرة في جزيرة استوائية مهجورة بعد حرب نووية، ويجد رالف محارة كبيرة، وينصحه بيغي بأن ينفخ فيها بقوة، ويسمع الأولاد الصوت، ويبدأون الخروج من الغابة متجهين نحوه. وكان بين الخارجين جاك الذي كان يقود مجموعة من الأولاد ساروا كالعسكر وراءه هل هذه بدايات صدام؟.
واختار الأولاد رالف صاحب المحارة لقيادتهم، وبدت خيبة الأمل على وجه جاك، إلا انه قبل القرار وذهب مع رالف وسايمون، الولد النحيل، لاستكشاف الجزيرة. وهم صعدوا الى قمة جبل فأدركوا مدى عزلتهم، إلا انهم قرروا ان الوضع يتيح لهم خوض مغامرة. وكانوا نازلين عندما اعترض طريقهم خنزير بري، ووعد جاك بأنه سيقتله في المرة المقبلة للإفادة من لحمه.
وما لبث جاك ان نفذ فعلاً "وعد اللحم" الذي قطعه للآخرين، فهو يزحف بحذر وقد طلى نفسه بالوحل للتمويه، ويقتفي اثر الخنزير، اما رالف فهو يستعمل عدسة من نظارات بيغي وأشعل ناراً بأمل جذب الانتباه الى الأولاد ثم بدأ يبني ملجأ ليبيت الأولاد فيه، غير ان هؤلاء فضلوا اللعب مع جاك، وبدأوا يتبعونه في الصيد.
وأصبحت المحارة رمز النظام في اجتماعات الأولاد، فالذي يمسكها له حق الكلام. وحتى جاك نفسه أدرك اهمية النظام وقال: يجب ان تكون هناك قوانين، وأن نطيعها فنحن لسنا متوحشين. عندما كان هناك نظام؟.
وكان الأولاد يتطلعون الى مغامرة تاريخية في الجزيرة الى ان جاء ولد صغير زعم انه رأى في الغابة وحشاً يشبه افعى، ومنذ ذلك الوقت تملك الخوف الجميع، خصوصاً الصغار، وكان جاك يستغل هذا الخوف من الوحش ليجعلهم يمشون وراءه كم من وحش او عدو اخترع صدام ليبرر حروبه وبطشه؟.
ومع مضي الوقت تخلى الأولاد عن قائدهم رالف، ووجدوا ابقاء النار مشتعلة امراً متعباً. وفي الوقت نفسه اصبحت اقوال جاك وأفعاله اكثر قسوة وغرابة، وكان يقلد صوت خنزير اثناء قتله ويفعل مثله اتباعه. ونفخ سايمون في المحارة لعقد اجتماع، وقال رالف انه لا يفهم ما يحدث، فالنظام بدأ يتلاشى وصرخ بيغي في المحارة: هل نحن بشر ام متوحشون. وقاطعه جاك، فقال له رالف انه خالف النظام. ورد جاك: لا يهمني الأمر. غير ان رالف أصر على اهمية النظام، ورفض جاك كلامه قائلاً: نحن اقوياء، نحن نصطاد. نحن نقتل الوحش... وحث بيغي رالف على النفخ بقوة في المحارة، إلا ان رالف لم يفعل لأنه أدرك ان قيادته انتهت هل هذا احمد حسن البكر، او النظام الملكي، او اي نظام حقيقي؟.
في اليوم التالي ايقظ ولدان صغيران رالف، وقالا انهما وجدا الوحش في الغابة، ولكن عندما ذهب معهما تبين له ان الوحش المزعوم هو طيار تدلى مشنوقاً من حبال مظلته التي علقت في الشجر. وعلى الرغم من شرحه الموضوع للولدين، إلا انهما انضما الى جاك. وتبعهم رالف فشارك في قتل خنزير، غير انه بعد ذلك استرد وعيه هل هذا رمز الى العراقيين والعرب الكثيرين الذين تبعوا صدام حسين ثم وعوا؟.
وتدهورت الأمور فقد قتل جاك وأتباعه خنزيرة وصغارها ولطخوا انفسهم بالدم ورقصوا وهتفوا حول رأس الخنزيرة الذي نصبوه على وتد تصفيات حزبية؟. غير ان سايمون الذي لم يصدق قصة الوحش منذ البداية، وقف بعد ذلك امام رأس الخنزيرة الذي غطاه الذباب، وقرر انه "لورد الذباب"، اي سيده، ثم تخيل ان الخنزيرة تحدثه وتقول انه كان يعرف ماذا سيحدث هل هي اشارة الى اعضاء الحزب الذين سكتوا على التصفيات، او الحروب؟.
في النهاية، يفر رالف وبيغي الى الجانب الآخر من الجزيرة، ويطاردهما جاك وأتباعه، ويخرج رالف من وسط شجر الغابة كالمجنون ويعدو نحو الشاطئ حيث يسقط اعياء، وعندما يرفع رأسه يجد امامه ضابطاً بحرياً يسأله: هل تلعبون لعبة حرب؟ ويصل الأولاد الآخرون، ويسأل الضابط: من رئيسكم؟ ويقول رالف: انا. ويعود جاك ولداً صغيراً. ويوبخ الضابط الأولاد ولا يجد رالف ما يفعل سوى البكاء على "نهاية البراءة والظلام في قلب الإنسان..." هل هذا هو التدخل العسكري الأميركي؟.
الرواية صدرت سنة 1959، قبل ان يبرز صدام حسين على الساحة قائداً، فهو كان في تلك السنة "مافيوزو" للحزب شارك في محاولة اغتيال عبدالكريم قاسم. ولكن الرمز فيها ينطبق على العراق، أو ان انشغالي بموضوع العراق جعلني اراه في الرواية. والمؤلف غولدنغ يقول ان الحرية عظيمة، ولكن يجب ان تحميها الحضارة بقوانينها. ومع ذلك فرالف الذي يمثل القانون والتعاون وحرية الاختيار للجميع يخسر امام جاك الذي يملك "الكاريزما" ويمارس البطش، حتى يغوي الآخرين بممارسته.
ويغلب الرمز العراقي من دون قصد في نهاية الرواية، فالمؤلف يختار لخاتمتها التالي: يستعد الضابط البحري الذي اوقف لعبة الصيد لنقل الأولاد من على الجزيرة الى سفينة حربية ستبدأ بعد ذلك البحث عن عدوها بالطريقة نفسها التي استعملها الأولاد مع "عدوهم". وعند ذلك من ينقذ الضابط البالغ وسفينته الحربية؟
من ينقذ "المنقذين" الأميركيين الآن؟ ارجو ان يكون العراقيون ادركوا ماذا حدث حتى اصبح الاستقلال نفسه مرتهناً لقوات اجنبية، وأرجو ان يفتح استشهاد محمد باقر الحكيم العيون على الكارثة المقبلة، إذا لم يغلب العراقيون الرأي الذي هو قبل شجاعة الشجعان، فلا يخرجون من كابوس الى اسوأ منه، وإنما يهتدون بنور الحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.