ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الخامس والعشرين، تقام ندوة عن المرأة في السينما العربية بين 14 و18 آب أغسطس الجاري تجمع مجموعة من المخرجات والمنتجات والناقدات العربيات اللواتي سيطرحن قضاياهن ودورهن والمصاعب التي يواجهنها في عملهن السينمائي. ومنذ البدايات الأولى للسينما العربية، لعبت المرأة دوراً مهماً في تطور السينما انتاجاً واخراجاً وتمثيلاً ففيلم "ليلى" الذي كان المخرج التركي وداد عرفي بدأ باخراجه وأكمله ستيفان روستي عام 1927 هو من إنتاج إحدى رائدات السينما في العالم العربي: عزيزة أمير وتمثيلها. ولم يتوقف دور المرأة في المساهمة في صناعة السينما منذ ذلك الحين لدرجة أن بعضهن غامرن بأموالهن في سبيل الفن ووضعن كل ما يملكن في خدمته. وليس هناك أدل على ذلك أكثر مما قامت به فاطمة رشدي التي قدمت عام 1933 فيلم "الزواج" أو بهيجة حافظ التي مثلت وأخرجت وأنتجت وكانت أول امرأة كتبت الموسيقى التصويرية لفيلم "زينب" للمخرج محمد كريم عام 1930 ولأفلامها الأخرى ك"الاتهام" و"الضحايا" و"زهرة" و"السيد أحمد البدوي"، وهي التي كتبت القصة وأخرجت الفيلم الشهير "ليلى بنت الصحراء". وقدمت أمينة محمد هي الأخرى تجربة فريدة في السينما العربية عام 1937 بتقديمها فيلماً مصرياً بعنوان: "تينا وونغ" يروي حكاية فتاة صينية تعيش في القاهرة كراقصة وتتهم بالقتل لكنها تُبرأ بواسطة محام تتزوجه بعد تبرئتها، والفيلم من انتاجها واخراجها وتمثيلها وهي التي قامت بالمونتاج وكتابة السيناريو. غير أن تاريخ السينما لا ينسى آسيا داغر التي أنتجت منذ الثلاثينات من القرن الماضي أفلاماً دخلت تاريخ هذا الفن بينها "وخز الضمير"، "أمير الانتقام"، "رد قلبي" و"الناصر صلاح الدين". وأكملت ابنة أختها ماري كويني التي بدأت معها كمونتيرة عام 1933 في فيلم "عندما تحب المرأة" من إخراج أحمد جلال فأنتجت بعد ذلك ثلاثة وثلاثين فيلماً الى عام 1973 مع فيلم "رجال لا يخافون الموت" من إخراج نادر جلال، وكان بينها العديد من أشهر الأفلام العربية التي قامت بانجاز المونتاج للعديد منها. أما لولا صدقي التي بدأت التمثيل في فيلم "شمعة تحترق" عام 1946، فقامت هي الأخرى بانتاج العديد من الأفلام، مثلما فعلت ممثلات أخريات بينهن مديحة يسري التي يعود اليها الفضل في انتاج الفيلم الرائع "إني راحلة" عام 1955 من إخراج عز الدين ذو الفقار، وكذلك الممثلة ماجدة الصباحي التي نوعت انتاجها من الأفلام الرومانسية والميلودرامية الى الأفلام الوطنية مع أفلام مثل "المراهقات" و"أنف وثلاثة عيون" و"الحقيقة العارية" وغيرها. وهذا ما تابعته الممثلات الأخريات من الجيل المخضرم والجديد فقامت ممثلات مثل نبيلة عبيد وناديا الجندي وليلى علوي والهام شاهين وغيرهن بانتاج أفلام لهن مثلما قامت بعض المنتجات باخراج أفلام كماريان خوري التي قدمت "عاشقات السينما". وظهرت على الساحة السينمائية مخرجات كانعام محمد علي وناديا حمزة التي قدمت إخراجاً وإنتاجاً ما يقرب من اثني عشر فيلماً حتى الآن، وايناس الدغيدي التي وصلت الى الفيلم الرابع عشر من اخراجها ووصلت ساندرا نشأت الى الفيلم الثالث حتى اليوم. وشهدت السينما العربية خارج مصر، بروز عدد من المخرجات في فترة متأخرة نسبياً... لكنهن استطعن أن يفرضن أنفسهن على الساحة السينمائية المحلية والعالمية. فكانت فريدة بليزيد في المغرب مع مجموعة من المخرجات الشابات اللواتي يعملن على أفلامهن القصيرة أو التسجيلية. وحصدت المخرجات التونسيات شهرة كبيرة مثل مفيدة التلاتلي التي نجحت في اختراق جمهور غربي مع فيلمين لها حتى الآن هما "صمت القصور" و"موسم الرجال"، ورجاء العماري مع فيلمها "الساتان الأحمر". أما في الجزائر فالنساء اللواتي لعبن دوراً مهماً في ثورتها كن موضوع فيلم "نساء جبل شنوة" الذي قدمته عنهن المخرجة والروائية آسيا داغر، مثلما قدمت عن الفتيات اللواتي وقعن ضحية التطرف والارهاب المخرجة أمينة الشويخ فيلمها "رشيدة"، وعن الهجرة ما قدمته المخرجة يمينة بن غيغي في فيلمها "يحيا الأحد". أما فلسطينياً، فعدا الأفلام التي ظهرت من خلال إدارة السينما التي أنشأتها منظمة التحرير الفلسطينية، جاءت السينما التي تقدمها المخرجة مي المصري لتعطي بعداً جديداً لما يسمى بالصورة الفلسطينية مثلما تحاول أن تقدمه أيضاً الروائية والمخرجة ليانة بدر في أفلامها الوثائقية عن الاحتلال أو عن الشاعرة فدوى طوقان. أما في لبنان فقد كانت الحرب حافزاً للعديد من المخرجات اللبنانيات للبروز على الساحة السينمائية التسجيلية واللواتي سرعان ما تحولن الى السينما الروائية مثل جوسلين صعب ورندة الشهال على رغم وجود مخرجات أخريات سبقنهن الى تقديم أفلام تسجيلية قبل الحرب اللبنانية. وتستعد سورية التي تعرف سينمائيات في مختلف المجالات كالمونتاج وغيره، تستعد لاستقبال فيلم روائي لأحدى مخرجاتها واحة الراهب، بينما تبدو صورة السينمائيات في منطقة كالخليج وكأنها لا تزال تنتظر زمن ظهورها.