انعكس التطور الهائل الذي طرأ في الطب عموماً وفي مجال الإخصاب خصوصاً، زيادة في اعداد التوائم. ويعني وجود توائم في الاسرة جهداً ونفقات ومصاريف مضاعفة وقد تكون ولادة توائم سبب سعادة احياناً او سبب تعاسة احيانا اخرى ربما تصل الى حد الانفصال الزوجي. خبرة المرة الأولى تقول المهندسة نيفين مكرم أم لتوأمين في الثالثة من عمرهما: "كان هذا الحمل الاول بالنسبة إليّ ولم أكن اتوقع ان يكون توأمين لأنني لم اتعاط أي عقاقير طبية خاصة بتنشيط المبايض مثلاً، وليس في عائلتي من انجب توائم، ولكنني عرفت منذ بداية الحمل بالكشف الصوتي انني احمل توأمين، وكانت المفاجأة والخوف في آن واحد. وكانت تراودني افكار عن صحتهما وهل سيعيشان حياة طبيعية؟ وهل ستتم الولادة بسهولة؟ وهل سأستطيع تربية طفلين مع عدم خبرتي في تربية الاطفال أصلاً؟". أما عن متاعب الحمل فقالت مكرم: "لا استطيع الجزم بأنها اكثر او أقل من الحمل العادي لأنني لم اجرب غيرها، ولكنني كنت متعبة حقاً طوال شهور الحمل، وفي الوقت نفسه كنت مواظبة على المتابعة الطبية الى ان تم الوضع بسلام، وطبعاً بمجرد ان عرفت بحملي توأمين بدأت أشتري كل مستلزمات المولود لاثنين، وكان ذلك يمثل عبئاً مادياً عليّ وعلى زوجي". وتستطرد مكرم أم بافلي وكيرلس: "من المفارقات التي صادفتني انه كانت لي زميلة في العمل انجبت اربعة مرات توائم في كل مرة كانت تنجب ولداً وبنتاً، وكنت دائماً اسألها عن اساليب التعامل مع التوأم اذ اعتبرتها خبيرة في هذا الامر، فضلاً عن قراءتي عن التوائم وطرق تغذيتهم ورعايتهم، وحرصي على مشاهدة برامج المرأة في التلفزيون التي تناقش رعاية التوائم، ثم متابعة نصائح الطبيب الذي تابعت معه الحمل والوضع والمتابعة الصحية للتوأم بعد ذلك". وتفرغت مكرم بعد الولادة لرعاية توأميها واخذت اجازة رعاية طفل من عملها، ولم تستطع الاعتماد على نفسها في رعايتهما، فاستعانت بوالدتها في الأشهر الاولى، فرعاية التوأمين حديثي الولادة امر صعب ويحتاج الى معونة، المشكلة الأكثر إلحاحاً كانت في إرضاعهما. واضطرت مكرم الى الاستعانة بالحليب المعلّب لتسد حاجة التوأمين الغذائية، خصوصاً انهما ارهقاها صحياً. وما أزعجها اعداد الرضاعات الصناعية في المرحلة المبكرة، اذا لا يمكن ان تمسك بزجاجتي الحليب وتضعهما في فمي الرضيعين في آن واحد في حال وجودها بمفردها في المنزل، فكانت تطعمهما تباعاً الى أن استطاعا سند الرضاعة او الامساك بها. وعن التمييز بين التوأمين قالت: "لم أجد صعوبة في التمييز بينهما منذ البداية لأنهما غير متشابهين. وما اثار دهشتي خلال نموهما تقدم أحدهما على الآخر في كل شيء بنحو شهرين سواء في بروز الأسنان ام المشي ام الكلام... الا ان الاطباء اكدوا ان النمو طبيعي والتقدم في اطار المدى العمري المعروف". وأضافت: "لاحظت بعد ذلك اختلافات كثيرة بينهما حتى في الشخصية والميول، فأحدهما اجتماعي جداً والآخر شديد التعلق بي، واحد ينام ببطء ويستيقظ ببطء والآخر ينام سريعاً ويستيقظ كذلك، وعندما بدأت اعدهما للالتحاق بالحضانة وجدت ان احدهما يميل للكتابة والآخر اكثر ميلاً للأغاني وترديدها". وعلى رغم ان التوأمين اللذين انجبتهما مكرم ذكران ومن المعروف ترحيب المجتمع بإنجاب الذكور الا انها تخشى حملاً آخر لئلا يسفر عن توأمين آخرين وإن كانت ترى أن أجمل التوائم هما ولد وبنت اذ يمكن ان تكتفي الام من دون إلحاح من احد بحمل آخر. توأم البنات مشكلة من جهة اخرى قد يؤدي انجاب التوائم الإناث الى مشكلات عائلية. السيدة ايناس محمد ام لأربع بنات اثنتان منهما توأمان. وبعد ان انجبت مرتين وكان نصيبها بنتين امتنعت عن الحمل لمدة خمس سنوات، وكلما روادتها فكرة حمل جديد كانت تخشى أن تنجب بنتاً ثالثة، الى أن حدث حمل غير مرغوب فيه ووضعت ايناس يدها على قلبها خوفاً من انجاب بنتاً ثالثة وتمنت ان تنجب ولداً لكي تسعد به قلب زوجها، الى أن وقع المحظور، وقالت: "في الحمل الثالث كنت أتابع حملي لدى الطبيب بعدما شعرت بمتاعب متزايدة تفوق ما وجدته في المرتين السابقتين، وعلى رغم ان الطبيب كشف لي انني احمل توأمين، الا انه رفض الافصاح لي عن نوعهما ونجح في اقناعي بأن وضع الجنينين يحول دون ذلك، وبسبب ما ذقته من متاعب صرت اتمنى فقط ان تتم ولادتي بسلام، وان أنجب توأمين صحيحين. وحدد لي الطبيب موعداً مبكراً للولادة القيصرية خوفاً من مضاعفات الوضع، وانتهى الامر بولادة توأمين انثيين، وكانت المفاجأة ثورة زوجي وغضبه ومقاطعتي، بل ورفضه دفع حساب المستشفى الى أن دفعه والدي، وكأنني المسؤولة عما حدث، او كأن انجاب البنات جرم احاسب عليه! ولكن بعد فترة نجح والده ووالدته في اقناعه بأن يعود لتربية بناته". وأضافت أن الام لا تجد صعوبة في التعرف الى التوأمين على رغم تشابهما، لأنها تتأمل بعمق في توأميها وتكتشف بعض الاختلافات الطفيفة التي لا يلاحظها احد غيرها، وإن كانت في البداية تحاول وضع علامات ترشدها كأن تعلق لكل منهما قرطاً حلقاً مختلفاً في اذنيهما، او تضع لهما خاتمين بشكلين مختلفين، ولكنها بعد فترة من الولادة تستطيع ان تميز التوأمين حتى من صوت بكائهما. فرحة مضاعفة بعد العقم وبخلاف ايناس محمد ترى السيدة ليلى ابو غالي أن تجربة انجاب التوائم سعيدة على رغم صعوبات الحمل والوضع والرعاية والتربية. فبعد خمس سنوات من الزواج التي لم تسفر عن حمل، جاءت البشرى بحدوث الحمل وتزايدت الفرحة بعدما بيّن الكشف الصوتي وجود توأمين ولد وبنت في حال صحية جيدة. وتقول ابو غالي: "العناية بالتوأمين في الشهور الاولى امر في الصعوبة، ولا تستطيع ان تقوم به الام بمفردها، ولكن الحال النفسية للأم تلعب دوراً كبيراً في مدى تحملها للضغوط المتزايدة من العناية باثنين في وقت واحد، وفي حالتي كانت المساعدة تأتيني من اهلي ومن اهل زوجي نتيجة الفرحة بهما". وتوضح ان: "الفترات الحرجة تتمثل في اوقات مرض التوأمين إذ غالباً ما يمرضان معاً او تنتقل العدوى سريعاً بينهما، ومن المعروف ان الطفل وقت مرضه لا يرضى عن امه بديلاً ويحتاجها دائما تحمله في حضنها، وبالتالي يصبح عليها ان تحمل التوأمين معاً وتبذل جهداً كبيراً في تهدئتهما، فإذا كان صراخ الطفل اثناء مرضه مؤلماً لقلب امه فكم بالأحرى بكاء الاثنين معاً". أزمات وإنجاب التوائم لا يعني فقط مضاعفة مسؤولية الوالدين ومضاعفة التكاليف، ولكنه ربما يصبح نوعاً من المأساة اذا كان مصاحباً لحدوث تشوهات خلقية قد يكون اخفها حدة ما عايشته السيدة فايزة داود التي انجبت من الاولاد والبنات اربعة وفي آخر حمل لها بعدما تجاوزت سن الاربعين حملت توأمين ولداً وبنتاً، وبعد ولادتهما اطمأنت الام الى صحتهما، ولكن المفاجأة حدثت بعد اربعة شهور تقريباً عندما اكتشفت ان البنت غير طبيعية، وأنها مصابة في مخها ما ادى الى اعاقتها ذهنياً واصابتها بأمراض عصبية مستعصية. وعلى رغم بلوغ الابن الثالثة عشرة من عمره وتفوقه دراسياً فالبنت ما زالت قعيدة في المنزل بإعاقتها وأكثر اشقائها قدرة على التعامل معها وإدخال السعادة الى قلبها هو اخوها التوأم.