مع اشتداد الهجمات العسكرية الاسرائيلية على الفلسطينيين لا سيما في مدينتي نابلس وجنين، وتسريع سلطات الاحتلال اجراءات فرض وقائع جديدة على الارض في القدس من خلال عزل المدينة المقدسة بالكامل عن محيطها الفلسطيني وذلك بتكثيف العمل في بناء ما تطلق عليه اسرائيل "غلاف القدس"، تواصلت تفاعلات الخلاف بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزرائه محمود عباس ابو مازن الذي دعا المجلس التشريعي الى عقد جلسة طارئة الاسبوع المقبل للمساعدة في انهاء الازمة الحالية التي تحمل عنوان "توحيد الاجهزة الامنية" وقال مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى امس ان ابعاد الرئيس عرفات "بات ضرورياً". توجه رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن الى قطاع غزة حيث سيترأس جلسة طارئة لمجلس الوزراء الفلسطيني في مدينة غزة اليوم الاربعاء للبحث في مسألة توحيد الاجهزة الامنية والاجراءات التي تتخذها هذه الاجهزة لنزع السلاح ومنع اطلاق القذائف على اسرائيل. وقالت مصادر فلسطينية ان رئيس الوزراء سيتابع عمل الاجهزة الامنية الفلسطينية لتنفيذ القرارات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية الاسبوع الماضي "لوضع حد لفوضى السلاح" وسيادة القانون ومبدأ السلطة الواحدة. واشارت مصادر في مجلس الوزراء الفلسطيني في تصريح ل"الحياة" الى ان الاجتماع سيناقش ايضاً الوضع الامني الميداني المتدهور، كذلك ما تم انجازه على صعيد الحكومة الفلسطينية خلال ال100 يوم الماضية. كما سيلتقي "ابو مازن" ممثلي الفصائل الفلسطينية باستثناء ممثلي "حماس" و"الجهاد الاسلامي". وقال احد النواب في المجلس التشريعي الفلسطيني ان المجلس سيعقد في بداية الاسبوع المقبل الذي يصادف مرور مئة يوم على تشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة عباس. واوضح المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه ان عدداً من النواب بصدد طرح اقتراحات محددة للخروج من الازمة الداخلية التي تعيشها السلطة الفلسطينية "بما يضمن تحقيق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني". وتابع: "نحن في ازمة وجزء مهم من الطبقة السياسية يفكر فقط في اين هو وليس في المصلحة الوطنية العليا الفلسطينية، وهذه مشكلة يجب ان نضع حداً لها". واخذت جملة التعيينات والتحركات الجديدة التي اتخذها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بما في ذلك تعيين العميد جبريل الرجوب مستشاراً له للشؤون الامنية وهو الرابع الذي يشغل هذا المنصب، بعداً جديداً عندما دخلت واشنطن على الخط وأعلنت عن تحفظها ازاء هذه التعيينات. وقالت مصادر اسرائيلية ان اسرائيل والولايات المتحدة "لن تتعامل مع الرجوب لأنه عُيّن بأمر من عرفاا وان تعامله يقتصر على الحكومة الفلسطينية برئاسة محمود عباس". واعتبر وزير الدولة عبدالفتاح حمايل القرار الاميركي بأنه "تدخل مرفوض في الشأن الفلسطيني الداخلي ويزيد الامور تعقيداً". وما زالت الحكومة الفلسطينية تلتزم الصمت ازاء التعيين الجديد الذي رأى فيه مراقبون محاولةً من قبل الرئيس الفلسطيني ل"ضرب" مكانة وزير شؤون الامن الفلسطيني محمود دحلان الذي منحه رئيس الوزراء الفلسطيني صلاحيات امنية واسعة في اطار وزارة الداخلية التي ما زال "ابو مازن" يتولى رسمياً المسؤوليات فيها. وأكدت مصادر فلسطينية قريبة من الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه على السواء ان جهوداً حثيثة تبذل "لحل الازمة" بما يكفل استقلالية القرار الفلسطيني في اطار القانون الاساسي الدستور للسلطة الفلسطينية الذي يحدد بوضوح صلاحيات الحكومة والرئاسة بما في ذلك المسؤوليات في الاجهزة الامنية وان الدستور والمجلس التشريعي سيشكلان "الكلمة الفصل في هذه المهزلة التي تأتي في وقت يتعرض فيها شعبنا الى اقسى هجمة عسكرية اسرائيلية". وواصلت اسرائيل امس تهديداتها للرئيس عرفات اذ قال رئيس ما يسمى المقر السياسي الامني في وزارة الدفاع الاسرائيلية عاموس غلعاد، وهو احد مسؤولي المفاوضات مع الفلسطينيين ان "ايام عرفات في المنطقة معدودة، وابعاده عن سدة الحكم بات أمراً ضرورياً، وحسب رأيي فإن هذا التطور ما هو الا مسألة وقت". وأعرب غلعاد عن دعمه لسياسة اغتيال النشطاء والمقاومين الفلسطينيين كذلك مواصلة بناء جدار الفصل العنصري. مؤكداً ان "الاطراف ذات الصلة بالجدار عازمة على استكماله" وان الاسباب التي أخّرت اكماله "مالية وليس اكثر". وكانت قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلي اقتحمت مستشفى رافيديا في مدينة نابلس وخطفت جريحين فلسطينيين من داخله هما فهد بني عودة 27 عاماً وعثمان ابو الرموش 27 عاماً وكلاهما من "كتائب شهداء الاقصى" التابعة لحركة "فتح"، وكانا اصيبا خلال اشتباك مسلح وقع قبل يومين وأدى الى استشهاد خالد النمروطي مسؤول "كتائب الاقصى" في المدينة على سطح المستشفى ذاته الذي التجأوا اليه. وقالت الاذاعة العامة العبرية ان بني عودة وابو الرموش نقلا الى مستشفى في تل ابيب حيث سيجري التحقيق معهما للاشتباه في مشاركتهما في عمليات ضد اسرائيل. وفرض الجيش الاسرائيلي منع التجول على مدينة جنين وشن حملة دهم واعتقالات في صفوف المواطنين هناك بحجة وصول "انذارات ساخنة" بشأن نية فلسطينيين الخروج من المدينة لتنفيذ عمليات عسكرية ضد اهداف اسرائيلية. الى ذلك، وصلت مساحة الاراضي الفلسطينية التي صادرتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي من اراضي المواطنين في القرى الواقعة جنوب شرقي القدسالمحتلة منذ خمسة اسابيع الى 500 دونم بعدما أصدرت قوات الاحتلال امراً ب"وضع اليد" على 42 دونماً من اراضي حي "خلّة العبد" غرب بلدة ابو ديس حيث باشرت الجرافات الاسرائيلية في الساعات الاخيرة بالعمل في هذه المنطقة في اطار بناء جدار ما يُعرف اسرائيلياً ب"غلاف القدس" الذي صادقت عليه الحكومة الاسرائيلية رسمياً على مسار خطته الاربعاء الماضي. وتقع الارض التي صودرت الاحد الماضي بالقرب من المنطقة التي تنوي اسرائيل بناء مستوطنة جديدة فيها على اراضي ابو ديس وستشمل بناء 400 وحدة استيطانية في المستوطنة التي أُطلق عليها اسم "كدنان تصيون" او "مقدمة صهيون" وهي تقع في الخاصرة الغربية لأبو ديس وتطل على قرية سلوان وبلدة القدس القديمة وتشرف مباشرة على المسجد الاقصى المبارك.