تعد بلودان من اشهر مناطق الاصطياف في سورية نظراً إلى طبيعتها الخلابة وهوائها النقي ومياهها العذبة وكثرة ينابيعها. وتنتشر فيها بساتين الدراق والخوخ والمشمش وغابات الصنوبر مشكّلة لوحة خضراء رسمتها الطبيعة فوق سفوح الجبال وفي بطون الوديان، ما جعلها هدفاً سياحياً لأعداد كبيرة من السياح العرب منذ خمسينات القرن الماضي. وبلودان معروفة ومشهورة من أيام الموسيقار محمد عبدالوهاب والرئيس السوري في زمن الاحتلال الفرنسي تاج الدين الحسيني، ووجود فندق بلودان الكبير الذي أمه كبار الساسة في العالم العربي. تاريخ بلودان موغل في القدم ويترافق مع تاريخ دمشق وبعلبك. وكان الآراميون أول من سكن بلودان وأطلقوا عليها اسم "بيل دان"، وبيل هو اسم آخر للبعل، ودان موقع أو معبد. والبعل كلمة آرامية تعني العمل المنتج للنسل او التناسل. ثم اطلق عليها اسم "بلودان" وتعني بلاد الخير لكثرة خيراتها ووفرة مياهها وانتشار كروم العنب فيها. واعتاد السوريون والسياح العرب، خصوصاً الخليجيون منهم، اللجوء إلى بلودان أيام العطل الصيفية لما تحتضنه من أروقة جمالية فريدة من نوعها وهرباً من ضجيج المدينة وهموم الحياة ومتاعبها. واستطاعت بلودان عبر سنوات طويلة إحتلال موقع مهم على خارطة السياحة العربية، وتبوأت مكانة بارزة بين قلوب السياح حيث يزورها سنوياً اكثر من ربع مليون شخص بسبب مقوماتها السياحية وبيئتها الطبيعية. وهذا ما تعبر عنه الكثافة البشرية والازدحام من خلال اكتظاظ الحدائق والمنتزهات والمراكز التجارية المنتشرة فيها، وارتفاع نسب الإشغال في الفنادق والشقق المفروشة والتي تصل إلى مئة في المئة خلال اشهر الصيف الحارة. ويقصد معظم السياح العرب، الذين يشكلون نحو 70 في المئة من أعداد السياح القادمين إلى سورية، منطقة بلودان والزبداني القريبة من العاصمة دمشق لمناخها اللطيف ولكثرة ينابيعها التي تقارب العشرة أغزرها نبع أبو زاد وعين القصعة والموزعة مياهها على جميع أحياء وشوارع البلدة على شكل أسبلة مياه للجميع إضافة إلى نبع حزير وعين الدولة وعين نسور. ودفع ارتفاع أسعار الشقق المفروشة وصعوبة تأمين مسكن في المنطقة خلال الأشهر السياحية الثلاثة التي تمتد من حزيران يونيو إلى آب اغسطس العديد من الأسر الخليجية لشراء منازل دائمة لهم للإقامة فيها، مما ساهم في إنعاش سوق العقارات في المنطقة والى إقبال العديد من المستثمرين على استثمار أموالهم في بناء الشقق السكنية الفاخرة والفيلات الراقية التي تلبي مختلف الأذواق. ومع ارتفاع عدد القادمين إلى المدينة وازدياد الضغط على خدماتها بدأت تنتشر فيها بسرعة المطاعم الفخمة والفنادق ذات النجوم المختلفة ومقاهي الأرصفة والمنتجعات السياحية والشقق المفروشة. ويحرص القيمون على قطاع السياحة على توفير أعلى مستويات العناية بالزوار لترك انطباع مريح في نفس كل من يأتي إلى المدينة بما يكفي ليعود إليها مرة أخرى. ولاجتذاب اكبر عدد من السياح، لجأ أصحاب المطاعم والمقاهي إلى المنافسة في تقديم البرامج الفنية والترفيهية وافضل الخدمات وبأقل الأسعار لتلبية حاجات السياح. وقال صاحب مطعم أبو زاد ل"الحياة": "بلودان لها تاريخ عريق بالنسبة إلى السياحة وهي مقصد ليس للخليجيين بل لكل أهالي المنطقة والدول المجاورة. لذلك نحاول تقديم افضل العروض لهم لتلبية أذواقهم عبر البرامج الفنية لكبار المطربين، وأسعارنا رخيصة ومنافسة للدول المجاورة". ويمكن لزائر بلودان ان يتناول وجبة طعام في أحد المطاعم الشعبية بما لا يزيد عن 250 ليرة سورية نحو خمسة دولارات كما يستطيع الإقامة في أحد الفنادق من فئة نجمتين والنوم في جناح مؤلف من ثلاث غرف ومطبخ بسعر 1200 ليرة للسوريين ونحو 52 دولاراً لغير السوريين. وقال رجل اعمال سعودي كان برفقة عائلته في بلودان بعد ان شبّهها بالريف الأوروبي: "جئنا إلى بلودان هرباً من حر الصيف لان هواءها نقي ونظيف ولطيف ومعاملة الناس معنا ممتازة ومحترمة، وكل سنة تتحسن فيها الخدمات. وأصبحت الطرقات افضل من السنوات الماضية والأسعار مقبولة ولا يوجد استغلال. لكن لا يزال ينقصها الخدمات المصرفية". ولا تكتمل الزيارة إلى بلودان من دون التعريج على بحيرة زرزر القريبة منها ونهر بردى الذي عادت إليه الحياة بعد موسم خير عم البلاد هذا العام، إضافة إلى نبع عين الفيجة وكهوف وادي بردى والزبداني المعروفة بجمال طبيعتها ودفء اهلها.