أسد ذهبي للحياة الفنية إلى عمر الشريف وفيلم لبناني في المسابقة الرسمية وعضو في لجنة تحكيم مسابقة برنامج "ضد التيار" وأفلام كثيرة في برامج المهرجان. هذا هو قوام "الفوج" السينمائي العربي الضخم الذي سيهبط يوم السابع والعشرين في جزيرة الليدو البندقية للمشاركة في الدورة الستين من مهرجان البندقية السينمائي الدولي. ليس حضوراً مبالغاً فيه إلاّ أن لو قيس بالغياب شبه الكامل أو المقتضب في السنين السابقة فإنه يبدو حقاً حضوراً إستثنائياً لا بد من أن نسجّل للناقد السينمائي اللبناني غسّان عبدالخالق الذي اختاره مدير المهرجان، السويسري موريتز دي هادلن، مستشاراً خاصاً له للسينما العربية وسينما الشرق الأوسط. شهادة تقدير استثنائية وكبيرة ستمنح إلى السينما العربية في الدورة الستين للمهرجان. جائزة "الأسد الذهبي للحياة الفنية" أكثر من مُستحقة لكنها تحية في الوقت ذاته إلى تلك السينما التي زامن ميلادها إنجازات الأخوين لوميير. وبإمكان السينما المصرية أن تفخر اليوم بأن أعرق مهرجان سينمائي في العالم سيمنح أحد أبناءها أعلى اعتراف في الانجاز السينمائي يحصل عليه فنان عربي حتى الآن. "جائزة الأسد الذهبي" التي سيتسلّمها الفنان الكبير عمر الشريف هي في جزء منها جائزة لمحمد كريم وبركات وأحمد بدرخان وصلاح أبو سيف وتوفيق صالح ويوسف شاهين وغيرهم من كبار السينما المصرية، وهي، في جزء منها، جائزة لفاتن حمامة وشادية وسميرة أحمد وزهرة العلا ومحمود مرسي وصلاح ذو الفقار وأحمد رمزي والعديد من النجوم المصريين الذين زاملوا عمر الشريف وعاصروه وتقاسموا معه حلاوة إنجازات السينما المصرية وعرقها في عهدها الذهبي، هي جائزة لنجيب محفوظ ومحمد حسين هيكل وطه حسين ويوسف السباعي وغيرهم من الكتّاب الكبار الذين منحوا السينما المصرية مئات القصص والتجارب الإنسانية التي تحوّلت إلى أفلام كبيرة، إنها أيضاً جائزة لديفيد لين الذي تمكّن من اكتشاف الطاقة الرائعة لدى عمر الشريف ومنحه جناح العالمية. لكنها، الجائزة ثلاثة أشياء في وقت واحد: إنها التأكيد الكبير على طاقة عمر الشريف" وهي دعوة قوية للسينما المصرية لتعود إلى سابق عهدها، وهي في خاتمة المسك دعوة لممثلين الشباب العرب الى أن يجعلوا الابداع في العمل هاجسهم الاساسي. "الأسد الذهبي للحياة الفنية". عمر الشريف يتقدم "الفوج" العربي في مهرجان الاحتفال الستّيني وهو فوج يثير حضوره إلى جزيرة الليدو ارتياحاً وحبوراً غابا عنّا في السنوات السابقة. رندة الشهال الصبّاغ تشترك في المسابقة الرسمية من المهرجان بفيلمها الجديد "الطائرة الورقية"، بينما يشترك التونسي عبد الكريم بهلول في مسابقة برنامج "عكس التيار" والذي تضم لجنة تحكيمه الدولية الناقد المصري المعروف سمير فريد. لرندة الشهال الصبّاغ علاقة خاصة بمهرجان البندقية، فهي تعود إليه للمرة الثالثة بعد أن كانت شاركت فيه بفيلميها "شاشات الرمل" و"حضاريون"، وبصرف النظر عن القناعة بوجهات نظر المخرجة أو الاعجاب بعملها أو عدمه فإن ما تقدّمه رندة الشهال جدير بالمناقشة والأخذ في الاعتبار في شكل جدي لا سيّما أنها تتناول موضوعاتها من منطلق التحريض على الجدل وإثارة النقاش في موضوعات عدة تعامل معها المجتمع العربي باعتيادية تقرب من الجهل والتجاهل في الكثير على رغم كون العديد منها موضوعات ذات أهمية في حياة المجتمع، ومن بينها قضية حرية المرأة وحقوقها "شاشات الرمل" وقضية العمالة الأجنبية في بلادنا العربية "حضاريون" والتي باتت تشكل جزءاً من النسيج الاجتماعي للعائلة العربية. أما عمل عبد الكريم بهلول "الشمس القاتلة" فيسّجل بحضوره عافية السينما التونسية إذ تأتي مشاركة بهلول بعد عام من حضور زميله رضا الباهي في دورة العام الماضي بفيلمه "صندوق عجب" الذي كان تحية للسينما التونسية وبداياتها الأولى. النجم عمر الشريف والناقد سمير فريد يعوّضان قليلاً عن الغياب المزمن للسينما المصرية عن هذا المهرجان العريق. وهناك حضور جيد للممثلين العرب في المهرجان الذين سيحتفلون بالتأكيد بتسلّم زميلهم عمر الشريف جائزته الكبيرة. فلافيا بشارة وزياد رحباني وماهر بسايبيس سيحضرون برفقة فيلم رندة الشهال الصبّاغ فيما سيحضر برفقة فيلم عبدالكريم بهلول كل من واسيني إمبارك ومهدي دهبي ومن فلسطين سيحضر النجم يوسف أبو وردة الذي يؤدي دور البطولة في فيلم "عليلة" للمخرج اليساري الإسرائيلي عاموس غيتاي. كما يؤدي عدد من الممثلين من ذوي الأصول العربية أدواراً في أفلام فرنسية من بينها فيلم "السيد إبراهيم وأزاهير القرآن" لفرانسوا ديبوران الذي يؤدي بطولته عمر الشريف وفيلم "رجاء" لجاك دوايون الذي تشارك فيه نجاة بيسّالم. حضور عربي جيد نتمنى أن يتكلل بجوائز من المهرجان، لكن وقبل كل شيء نتمنى أن يتكرر لأن ذلك سيعني بالتأكيد عافية للسينما العربية.
