كُشفت أمس حقائق جديدة قد توضح أسباب انتحار خبير الأسلحة البريطاني الدكتور ديفيد كيلي، بعدما وصِف بأنه مصدر لمعلومات اتهمت مقر رئاسة الوزراء البريطانية بالتدخل في ملف عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، لجعله أكثر إثارة، بالتالي ايجاد ذريعة لشن الحرب على العراق. ونفى مسؤولون بارزون في وزارة الدفاع البريطانية أن يكون كيلي خشي كشف اسمه لوسائل الإعلام، واعترفوا أمس أمام لجنة تحقيق في انتحار الخبير، بأنهم ابلغوا الأخير في اجتماع عقد في 4 تموز يوليو، أنه سيتلقى مذكرة من الوزارة تحدد طبيعة اتصالاته بوسائل الإعلام، وأن أي مخالفة لقانون الخدمة المدنية، ستستوجب اجراءات في حقه. وعرض براين ويلز، مسؤول كيلي المباشر، أمام لجنة هاتون المكلفة التحقيق، محضر لقاء ضمه وكيلي ومسؤول شؤون الموظفين في وزارة الدفاع ريتشارد هاتفيلد في الرابع من تموز، سأل خلاله الخبير عن رأيه في إمكان نشر بيان صحافي، واحتمال تسميته بوصفه قد يكون الشخص الذي حاول مراسل "هيئة الإذاعة البريطانية" بي بي سي اندرو غيليغان أن ينسب إليه المعلومات المتعلقة بالعراق وتضخيم الحكومة خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية. وذكر ويلز أن كيلي "لم ينطق أي كلمة تشير إلى عدم ارتياحه إلى الأمر، ولم تبدُ على وجهه أي تعابير تفيد بامتعاضه". وتابع أنه في لقاء آخر مع كيلي في السابع من تموز، أبلغه أنه وهاتفيلد يودان معرفة العبارات التي قالها لأندرو غيليغان، وهل استخدمها الأخير حرفياً. كما ذكر هاتفيلد أمام كيلي ان بياناً صحافياً آخر سيصدر عن وزارة الدفاع في هذا الشأن، مما اثار ارتياح كيلي الذي تسلم لاحقاً من هاتفيلد مسودة للبيان قرأها ولم يبدِ أي ملاحظة. وعندما سأل أحد محامي الدفاع عن رد فعل كيلي عندما أبلغ التحذير من وزارة الدفاع، قال ويلز: "كان هادئاً ولم يعلق، وبالتأكيد ليس مريحاً لأي شخص أن يتلقى ملاحظة من مسؤوله المباشر. لم يكن على ما يرام". وأبلغت لجنة التحقيق أن وزارة الدفاع البريطانية بعثت برسالة الى كيلي في الرابع عشر من تموز الماضي، تتهمه بمخالفة القوانين التي تحكم وظيفته، كما وصفت الرسالة اتصاله بأندرو غيليغان بأنه "لم يكن في محله". واطلعت اللجنة على تفاصيل مذكرة موجهة من السكرتير الدائم في وزارة الدفاع السير كيفن تيبت الى وزير الدفاع جيف هون، توصي بعدم ادلاء كيلي بشهادته، لكن مكتب وزير الدفاع رد بأنه سيكون صعباً من الناحية الإعلامية عدم مثوله أمام اللجنة. كما نصح بأن يدلي الأخير بشهادة تشكك في تقرير "بي بي سي" وما ذكره غيليغان عن دور الحكومة في ادخال تعديل على ملف امتلاك العراق أسلحة دمار شامل. وأبرز ما لفت لجنة هاتون، معلومات أشارت الى أن رئيس اللجنة المشتركة للاستخبارات هون سكارليت، رفض قبول نفي كيلي حقيقة كونه مصدراً لتقرير "بي بي سي"، وأراد أن يخضعه لتحقيق يستهدف معرفة هل ارتكب مخالفة بكشف معلومات أمنية، علماً ان سكارليت اتهم كيلي بأنه لم يخبر القصة كاملة. ومن شأن مستجدات التحقيق في انتحار كيلي أن تضيق الخناق على وزارة الدفاع و"هيئة الاذاعة البريطانية"، بعدما لعبت كل منهما دوراً في الضغوط التي دفعت الخبير الى الانتحار.