تحول تجمع لأنصار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لإعلان انقلاب على القيادة الحالية لحزب جبهة التحرير الوطني إلى ساحة لمواجهات دامية بين الطرفين أصيب خلالها العشرات بجروح ناتجة عن استعمال الأسلحة البيضاء. وقال مصدر أمني ل"الحياة" ان غالبية الجرحى من أنصار رئيس الحكومة السابق علي بن فليس حاولوا الدخول إلى قاعة التجمع في قصر المعارض للتعبير عن رفضهم ما وصفوه ب"المس باستقرار الحزب" الذي يتوجه لإعلان دعمه ترشح أمينه العام السيد علي بن فليس للانتخابات الرئاسية المقبلة. وهذه المرة الأولى التي تشهد فيها العاصمة الجزائرية مواجهات دامية منذ أحداث 14 حزيران يونيو 2001 عندما نظمت حركة العروش البربرية مسيرة حاشدة انتهت بتخريب عدد من المؤسسات العمومية. والتحقت عشرات السيارات التي تُقل مؤيدي الرئيس الجزائري منذ مساء الأربعاء بمداخل قصر المعارض تمهيداً للمشاركة في التجمع اليوم. وفوجئ هؤلاء في الصباح بأكثر من ألف مناصر للسيد بن فليس يخترقون الحواجز الأمنية في اتجاه القاعة الكبرى لقصر المعارض. وكانت رئيسة الجمعية الجزائرية لعائلات ضحايا الإرهاب السيدة رابحة تونسي وهي من مؤيدي بن فليس أول من اصيب عندما تعرضت سيارتها للركل ولحق بها أنصار الرئيس الجزائري بالحجارة بسبب محاولتها كسر الجدار البشري الذي وضع لسد الطريق أمام الأشخاص الذين لم توجه اليهم دعوة لحضور المؤتمر. وعلى رغم الوجود المكثف لقوات مكافحة الشغب، إلا أن المناوشات سرعان ما تحولت إلى مواجهات استعملت فيها الأسلحة البيضاء والعصي. ومع تزايد حدة المواجهات، عمد كثيرون من الموالين لرئيس الحكومة السابق إلى التسلل إلى داخل القاعة الكبرى قرابة العاشرة والنصف صباحا لتندلع مواجهات عنيفة تسببت في تهشيم نوافذ القاعة، أمام أعين وزراء مؤيدين للرئيس بوتفليقة مثل وزير الفلاحة السعيد بركات ووزير العمل الطيب لوح ووزير التعليم العالي رشيد حراوبية. وأمام استحالة تواصل أعمال المؤتمر بسبب تزايد المواجهات - على رغم تدخل قوات الأمن - تلا الوزير بركات بياناً مقتضباً أعلن فيه تنصيب لجنة موقتة للحركة التصحيحية لجبهة التحرير ستأخذ على عاتقها التحضير لمؤتمر جديد. أما أنصار بن فليس فقد عادوا وتجمعوا مرة ثانية أمام مدخل قصر المعارض حيث تلا رئيس المجلس الشعبي للولاية محمود زعيم بياناً أكد فيه أن أنصار الرئيس الجزائري "خرقوا قوانين الجمهورية عندما نظموا تجمعاً باسم منظمة طلابية للانقلاب على قيادة الحزب". واتهم ما أسماه ب"حزب الإدارة" بالوقوف وراء محاولات ضرب استقرار الحزب "حتى يضمن عهدة رئاسية ثانية للرئيس بوتفليقة". ووجد أنصار الرئيس الجزائري وغالبيتهم من الطلاب والفلاحين صعوبة في مغادرة قصر المعارض بعدما طوقه أنصار بن فليس الذين كانوا يتوافدون من مختلف أحياء العاصمة، وهو ما دفع قوات مكافحة الشغب الى التدخل مجددا باستعمال الهراوات لتفريق المتظاهرين. وقال عبدالرزاق دحدوح عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير في تصريح الى "الحياة": "ما حدث أبلغ تعبير على الانتهاكات المستمرة لقوانين الجمهورية". على صعيد آخر، أفادت مصادر متطابقة أن الحكومة وجهت، أمس، إنذاراً خطياً لغالبية الصحف المستقلة بهدف إلزامها بدفع مستحقاتها للمطابع الحكومية قبل مساء الأحد وإلا اضطرت إلى تعليق صدورها. وشمل القرار أبرز الصحف المحلية مثل "الخبر" و"ليبرتي" و"لوماتان" و"لوسوار دالجيري" ويومية "لكسبرسيون". وهي المرة الأولى التي تتلقى فيها الصحف انذارات كتابية بصفة جماعية منذ ايلول سبتمبر 1998 عندما تفجرت الأزمة في نظام الحكم مما دفع الجنرال محمد بتشين، مستشار الرئيس اليمين زروال، إلى إصدار قرار وقف سحب الصحف الأساسية. وقال محمد بن شيكو مدير يومية "لوماتان" في تصريح الى "الحياة" ان التهديد بوقف مجموعة من الصحف "قرار انتحاري" من شأنه التأكيد بأن الادعاءات حول حماية الصحافة "هي مجرد وهم". وقال انه مقتنع بأن السبب "ليس تجارياً".