مدد مجلس الأمن، في قرار اتخذ بالاجماع أمس، مهمة بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية ثلاثة اشهر اضافية حتى 31 تشرين الاول اكتوبر 2003 وذلك قبل ساعات فقط من انتهاء تفويضها. وجاء في القرار الذي يحمل الرقم 1495 ان مجلس الامن "يدعم" خطة التسوية في الصحراء الغربية التى قدمها جيمس بيكر وزير الخارجية الاميركي السابق. ووصف القرار هذه الخطة بأنها تمثل "حلاً سياسياً يقوم على توافق بين الطرفين". ودعا القرار في مادته الثانية الاطراف الى "العمل مع الاممالمتحدة على تطبيق خطة السلام". وجاء اعتماد القرار بعد مشاحنات استمرت حتى الدقيقة الاخيرة فيما كان المشروع الذي تقدمت به الولاياتالمتحدة يؤكد أن الاممالمتحدة "صادقت" على خطة بيكر. وذكرت وكالة "رويترز" ان مشروع القرار الأميركي اعتُمد بعد التوصل الى "صيغة توافقية" مع فرنسا، حليفة المغرب. وقادت فرنسا المعركة ضد المشروع الأميركي بين دول مجلس الأمن ال15، وجادلت بأنه "يفرض" حلاً على المغرب. وذكرت الوكالة ان لغة القرار "خُففت في الدقيقة الأخيرة لتتيح للطرفين المغرب وجبهة "بوليساريو" ان يدّعيا النصر". وقالت "بوليساريو" ان القرار يُظهر ان خطة بيكر يجب ان تُقبل الآن كما هي، في حين قال المغرب ان النص ليس سوى تمهيد للطريق لمزيد من المفاوضات. وقال السفير الأميركي لدى الأممالمتحدة جون نغروبونتي أمام أعضاء مجلس الأمن، ان القرار "يُمثّل توصية مدروسة من المجلس لكل الأطراف ودول الجوار، لكنه لا يُمثّل فرضاً". وأضاف: "خطة السلام تسوية عادلة ومتوازنة تُعطي كل طرف بعض ما يريد ولكن ليس كل ما يريد". والخطة هي الخامسة التى تقدمها الاممالمتحدة وهي تنص على ان الوضع النهائي للصحراء، المستعمرة الاسبانية السابقة، سيتقرر من خلال استفتاء في السنوات الخمس المقبلة. يذكر ان الخطة قبلتها رسمياً جبهة "بوليساريو" التي تطالب باستقلال الصحراء، والجزائر التى تدعم الجبهة. لكن المغرب رفضها. وكان سفير المغرب لدى الاممالمتحدة محمد بنونة قال الاربعاء امام اعضاء مجلس الامن ان خطة بيكر "تتناقض مع المصالح الوطنية الاساسية" للمغرب. المغرب: الحل باتفاق مع الجزائر وفي الرباط، دعا وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى الجزائر الى الدخول في حوار مع بلاده لحل نزاع الصحراء الغربية. وقال في تصريح الى التلفزيون المغربي ان حل نزاع الصحراء "لا يمكن ان يتم إلا عن طريق الحوار والمفاوضات بيننا وبين المحور الفاعل والفعلي في هذا النزاع، أي الشقيقة الجزائر". وتوقع ان يخلص مجلس الأمن قبل صدور القرار مساء الى توصية يقبلها الجميع، قائلاً: "ليس هناك اجماع على مشروع توصية الوسيط جيمس بيكر"، في إشارة الى اعتراض فرنسا ودول أخرى على الخطة. وقال: "بكل صراحة لا يمكننا ان نقبل بأي وجه أو بأي حال حلاً أو اقتراحاً مفروضاً على المغرب". وأضاف: "نحن منفتحون لأن ندخل مع الأطراف الأخرى في حوار صريح بناء مباشر للتوصل الى حل سياسي سلمي واقعي نهائي بما يحفظ للمغرب سيادته الكاملة على أراضيه". وكانت الرباط أعلنت في وقت سابق رفضها خطة بيكر. وجاء في بيان رسمي الى مجلس الأمن ان المغرب يعتبر الخطة "تتعارض مع مصالحه الوطنية الحيوية ومع السلم والأمن في منطقة المغرب العربي". وأضاف ان المملكة المغربية "لا يمكنها ان تقبل خطة سلام لم تتح لها الفرصة لمناقشتها سواء مع المبعوث بيكر أو مع الأطراف الأخرى". وفي الجزائر، أفيد ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أبدى ارتياحه لإمكان تحقيق تسوية للنزاع في الصحراء الغربية بعد إعلان جبهة "بوليساريو" تأييدها خطة السلام التي أعدها الديبلوماسي الأميركي جيمس بيكر. وأشارت مصادر متطابقة الى ان خطة بيكر التي طرحها في 11 تموز يوليو الماضي شهدت "تعديلات مهمة" عند مناقشتها في مجلس الأمن. لكن الخطة في جوهرها بقيت من دون تعديل، إذ حافظت على "الاتفاق - الإطار" الذي طرحه بيكر قبل عامين والذي يشير إلى مرحلة حكم انتقالي تدوم خمسة أعوام في الصحراء وتسبق تنظيم استحقاق تقرير المصير. وأكد أنان في رسالة وجهها الى الأمين العام ل"بوليساريو" محمد عبدالعزيز، ووزعتها وكالة الأنباء الجزائرية أمس، أنه اطلع "بارتياح كبير على محتوى الرسالة المهمة التي وجهتموها اليّ في 6 تموز يوليو 2003 والتي علمت من خلالها بتبني جبهة بوليساريو خطة السلام لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية". وكتب أنان: "أبقى واثقاً من أن هذا التطور المشجع سيعزز أكثر التعاون الوثيق لجبهة بوليساريو مع مبعوثي الشخصي السيد جيمس بيكر من اجل التوصل إلى حل للخلاف حول الصحراء الغربية". وبعدما جدد "تأييده لخطة السلام من اجل تقرير مصير شعب الصحراء الغربية"، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن "استعداده من اجل تسوية دائمة ونهائية لمسألة الصحراء الغربية". وتفيد معلومات ان خطة بيكر تحظى بتأييد غالبية أعضاء مجلس الأمن، لكن ترفضها فرنسا وبلغاريا وغينيا. وأرجأت الجزائر إعلان موقفهما إلى غاية المصادقة رسمياً عليها. لكن أوساطاً قريبة من وزارة الداخلية الجزائرية رأت انها "تشكل ديناميكية جديدة قد تنهي فترة الجمود من دون الإخلال بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره". وأعلنت "وكالة الأنباء الصحراوية"، أمس، أن زعيم "بوليساريو" محمد عبدالعزيز بدأ الثلثاء الماضي زيارة رسمية لمدريد التقى خلالها وزيرة خارجية إسبانيا أنا بالاثيو وعرض معها قضايا تتعلق ب"العلاقات الثنائية وآخر تطورات النزاع حول الصحراء الغربية". ولفتت الى ان اللقاء يأتي عشية مصادقة مجلس الأمن الذي ترأس اسبانيا دورته الحالية، على الاقتراحات الأخيرة التي عرضها جيمس بيكر. وكان زعيم "بوليساريو" زار الأسبوع الماضي الولاياتالمتحدة.