ازداد وضع الهدنة والاتفاق الامني هشاشة امس بعد اعلان الحكومة الاسرائيلية عزمها على اطلاق 370 أسيراً فلسطينيا فقط، بينهم 150 معتقلا جنائياً، وما رافق ذلك من تسريبات بأن اسرائيل عدلت عن إعادة نشر قواتها في الضفة الغربية في الاسابيع الاربعة المقبلة. وردت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس بالتهديد بحل الهدنة والعودة الى اسلوب خطف الجنود الاسرائيليين لمبادلتهم بالاسرى. راجع ص 5 و6 في غضون ذلك، تلتئم اليوم في القاهرة قمة بين الرئيسين حسني مبارك وبشار الاسد من اجل البحث في إشراك دمشق في "خريطة الطريق". وأوضحت مصادر سياسية في القاهرة ل"الحياة" أن القمة ستبحث في إمكان استئناف عملية السلام على المسارين السوري واللبناني، علما ان مصر تحفظت عن اقتراح أوروبي ب"خريطة طريق" منفصلة لكل من سورية ولبنان. وعلى صعيد قضية الاسرى، قرر رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون اعتماد "المعايير" التي حددها جهاز الامن العام شاباك، والتي تستثني اطلاق المعتقلين "الملطخة ايديهم بدماء اسرائيليين"، اضافة الى كوادر "حماس" و"الجهاد" و"الشعبية". وفي هذا السياق، اعطت الحكومة موافقة مبدئية على اطلاق 370 معتقلا فقط، بينهم 215 أسيراً ادارياً، وسبعة أسرى قدامى، ونحو 150 معتقلاً جنائياً. ولم يكن كافياً ان عدد الذين تقرر اطلاق سراحهم منخفض بالمقارنة مع عدد الأسرى في السجون الاسرائيلية والذي يتجاوز ثمانية الاف معتقل، بل نقل عن شارون قوله خلال اجتماع حكومته ان الافراج عن هؤلاء المعتقلين "سيتم على دفعات" وطبقا للتقدم الذي ستحرزه السلطة الفلسطينية في بسط سلطاتها الأمنية ومنع الهجمات ضد اسرائيل. واضاف الى ذلك المستشار القضائي للحكومة الياكيم روبنشتاين مطلباً آخر هو اعلان اسماء المنوي اطلاقهم قبل 48 ساعة من التنفيذ لاعطاء اهالي القتلى الاسرائيليين فرصة تقديم التماس ضد ذلك. وردت "حماس" و"الجهاد" باعتبار قرار الافراج عن 370 فلسطينيا "غير كاف" و"مسرحية". وقال الناطق باسم "حماس" محمود الزهار ان المماطلة في اطلاق جميع الاسرى يجعل الحركة "في حل" من التزامها الهدنة. ووجه تهديداً شديد اللهجة لاسرائيل عندما قال انه في حال عدم اطلاق كل الاسرى فستلجأ الحركة الى خطف جنود اسرائيليين لمبادلتهم بالاسرى. واوضح: "الحركة استخدمت وسائل كثيرة من اجل اطلاق الاسرى" من بينها خطف جنود اسرائيليين، مضيفا: "اذا اجبرونا على ذلك سنستخدم هذا الاسلوب"، وفي حال عدم اطلاق كل المعتقلين "سنعود الى الوسائل القديمة، اي المقاومة وعمليات الخطف". وكانت قضية الاسرى على جدول اعمال اللقاء الذي عقد بين وزير الشؤون الامنية الفلسطيني محمد دحلان ووزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز. وقال مسؤول امني فلسطيني ان الجانب الفلسطيني قدم مجموعة مطالب ينتظر ان يرد عليها الجانب الاسرائيلي خلال لقاء ابو مازن - شارون، موضحاً ان من بين المطالب اطلاق معتقلين مهمين من ذوي الاحكام العالية، واطلاق امين سر حركة "فتح" مروان البرغوثي، ورفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات، والانسحاب من ثلاث مدن اخرى منها رام الله والخليل في الضفة الغربية. وعشية اللقاء المرتقب بين ابو مازن وشارون، دعا عرفات القيادة وفصائل منظمة التحرير الى اجتماع اليوم في مقره المحاصر لتقويم التطورات الحاصلة. وعلى رغم التشكيك في النيات الاسرائيلية ازاء قضيتي الاسرى والانسحابات، الا ان المراقبين يعولون على جدية الدور الاميركي في تطبيق "خريطة الطريق"، وهي الجدية التي تحدثت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" عندما رجحت، نقلا عن مصادر في الادارة الاميركية، ان تصعد واشنطن في الاسابيع المقبلة ضغوطها على اسرائيل من اجل وقف بناء "الجدار الامني العازل"، واشارتها الى ان الاعتراضات الاميركية تعد مؤشرا الى استعداد جديد من ادارة الرئيس جورج بوش لاتباع نهج صارم مع الدولة العبرية.