تقول أم أحمد: "كنا نأكل ونجلس ثم ننام، يزيد وزننا فنشعر بالاكتئاب، فنأكل المزيد من الطعام... وحينما أخبرتني صديقتي عن "نادي رياضة المرأة" في مدينة، العين، شاركت فيه، وها أنا الآن أصلّي على الأرض بدلاً من الكرسي وأقوم بالحركة وصعود السلالم، كذلك أقوم بأداء واجباتي المنزلية بنشاط...". وتألقت الشيخة لطيفة بنت أحمد آل مكتوم بفوزها هذا العام بوصافة بطولة الإمارات لقفز الحواجز التي ضمت العديد من الفرسان والفارسات. لم تتجاوز لطيفة بعد الصف الثالث ثانوي، ولكنها تحلم بالذهب في الآسياد الألعاب الآسيوية والأولمبياد ورفع راية بلادها عالياً في المحافل الدولية. لا تتابع كرة القدم وليس لديها فريق مفضل، ولكنها تعتقد "أن على كل فتاة ممارسة الهواية المحببة والمفضلة لديها. فكل العالم يمارس الهوايات"، لتضيف أنها تشجع بنات الإمارات على ممارسة النشاطات الرياضية، "فالرياضة شيء جيد وجميل وتعطي الجسم والعقل الحيوية والنشاط، وعلى الفتاة أن تمارس الرياضة التي تحب. فهذا ليس عيباً مع مراعاة العادات والتقاليد في مجتمعنا الإماراتي الإسلامي"، لم تتوج أي إماراتية بالذهب في الأولمبياد، ولا صنفت أخرى ضمن الأوائل في ترتيب سيدات التنس. ولكن رائدات في مجال النشاطات الرياضية المدرسية والمدنية اجتمعن الشهر الماضي وخضن على مدى 48 ساعة نقاشات معمقة في واقع الرياضة النسائية في الإمارات والعوائق. تسلحن بشيء من الغيرة التي تملكت أنفسهن من الخطوات الجريئة التي أقدمت عليها شقيقاتهن في البلدان المجاورة. واتفقن على برنامج "لمحو الأمية الرياضية النسائية في البلاد". ونادين بتشكيل "اتحاد رياضي نسائي مستقل"، يكون "قوة دافعة لتشجيع الفتيات على ممارسة النشاط الرياضي وتحفيزهن على تطوير مستوياتهن". فيوم إعلان نتائج البكالوريا كان عدد الناجحات متقدماً على عدد الذكور، وتوجن بأعلى المعدلات في المدينة. وتقارب نسبة إقبال الإماراتية على التعليم ال99 في المئة، وتمثل الفتيات 72 في المئة من خريجي الجامعات وقرابة ال40 في المئة من سوق العمل المحلية. والإماراتية تعتز بعباءتها وحازت باقتدار مساحات واسعة من الحرية، ومع ذلك، تعاني في صمت وتدير بثبات كل الأزمات التي تكسر طموحاتها في الارتقاء نحو الأفضل. ولا تزال تشعر بانقباض تجاه الانتقاص من حقها في ممارسة التعبير عن ذاتها وطاقات جسدها من بوابة الرياضة إلى قبة البرلمان. أحس الإماراتيون بالحزن، عندما صنف الاتحاد الدولي لكرة القدم منتخبهم القومي الشهر الماضي في المرتبة ال95 في ترتيب الفيفا، علماً أن الإمارات استثمرت أموالاً طائلة في النشاطات الرياضية والبنية التحتية الملائمة. ويعشق الإماراتيون كرة القدم ويحلمون بالزعامة الإقليمية، وبالنجاح في تنظيم مونديال الشباب في الخريف المقبل. وتخصص "دبي" ملايين الدولارات كل عام للاحتفال ببطلات التنس العالميات في بطولتها المفتوحة، فتصاب بالدهشة أمام حجم الاستثمار في الرياضة الذي يقف على رجل واحدة، ومع ذلك الاحتفاء الذي يعانق أجواء ألف ليلة وليلة بسيدات التنس الأخريات، في بلد تحلم مواطناته بتحقيق الخطوة الأولى نحو محو الأمية الرياضية. في الحقيقة، يجب أن نعود إلى بداية السبعينات من القرن الماضي، لنشهد تأسيس أول ناد رياضي للسيدات "الجمعية النسائية في دبي". وعرفت إمارة الشارقة بدايات أول ناد نسائي للشطرنج في الفترة نفسها. ولم تغادر الرياضة في الإمارات بعد خيمة الحكومة ودعمها، ولا تزال مترددة ما بين عشق الهواية واستحقاقات الاحتراف. القوانين الأساسية للأندية، تعرّفها كأندية ذات صبغة شبابية واجتماعية، ولا تلميح فيها للتمييز في مستوى النوع. ولكن عوائق عدة حالت دون تتويج الإماراتية بلقب عربي أو دولي. تشهد الإمارات طفرة غير مسبوقة في تزايد الإنفاق على مستحضرات التجميل والصحة، إذ يبلغ حجم الانفاق اليومي 63،1 مليون دولار من إجمالي 7،1 بليون دولار من الانفاق السنوي. ويقول الاختصاصيون أن صناعة المنتجعات الصحية والمراكز العلاجية تعرف نمواً متزايداً يفوق ال300 في المئة سنوياً. وتعرف الأندية والفنادق حضوراً متنامياً في إعداد النساء اللواتي يقبلن على ممارسة الرياضة والصحة الجسدية. واستطاعت شابات إماراتيات اختراق الصمت الإعلامي، بعد أن حققن نتائج مشرفة في بطولة العالم للسيدات في الرماية وخطوات على درب التألق في رياضة الفروسية. ولكنك تشعر بأن ذلك الإقبال على العناية بالجسد لم يغادر بعد طموح المرأة الدائم إلى أن تكون أكثر جاذبية. وأن التتويج ببعض الألقاب النسائية لم يفارق التسويق لمواهب عدة، ولا رياضات متصلة بالثقافة العربية الإسلامية في ثلاثيتها السباحة والرماية وركوب الخيل. نعود إلى مأزق البدايات، تقول مريم الكويتي المشرفة على نادي رياضة المرأة في العين: "نحن نعاني الإحباط وعدم التشجيع. نعاني تقاليد لم تكن من الدين في شيء. هي مجرد أعراف تقول إن البنت ممنوع أن تلعب. وهذه أكبر المشكلات التي تحول دون ممارسة المرأة الرياضية بوجه عام". وتضيف: "إن للإعلام دوره المؤثر في تفعيل الوعي بأهمية ممارسة الرياضة والتركيز على الإناث، لأن الولد له أقرانه في الشارع والمدرسة والنادي ويلهو معهم".