حسمت موسكو خياراتها في شأن التسوية السياسية في الشيشان، وجاء إقرار موعد الانتخابات الرئاسية في بداية تشرين الأول اكتوبر المقبل ليطلق العد العكسي لبدء مرحلة جديدة من العلاقات بين الشيشان والمركز الفيديرالي، ويؤكد مراهنة الكرملين على رئيس الإدارة الحالية أحمد قادروف الذي غدا أوفر المرشحين حظاً ليكون رئيساً منتخباً في الشيشان. ولم يشكل توقيع الرئيس فلاديمير بوتين قرار إجراء الانتخابات الرئاسية في الشيشان مفاجأة للمراقبين، إذ سبقته إشارات من الكرملين بضرورة تسريع وتيرة العمل على ظهور حكومة شرعية منتخبة في الشيشان تكون قادرة على توقيع اتفاقية مع المركز الفيديرالي تنظم العلاقة المستقبلية بين الجانبين. لكن مراقبين يرون ان تحديد الخامس من تشرين الأول اكتوبر المقبل موعداً للانتخابات جاء استجابة لإلحاح رئيس الإدارة الشيشانية، ما يشير الى أن الكرملين حسم خياراته نحو دعم مفتي الجمهورية السابق الذي يعارض في شدة أي حوار مع قادة المقاومة الشيشانية. وعلى رغم ان بوتين تعمد تأكيد "حياد" الكرملين عبر تركيزه على أن موسكو ستتعامل مع أي شخص ينتخبه الشعب الشيشاني في شكل ديموقراطي، الا ان المحللين يرون ان فترة الشهور الثلاثة المقبلة لن تكون كافية لتحضير حملة انتخابية عادلة تتساوى فيها فرص جميع المتنافسين، وبينهم عضو البرلمان الروسي عن الشيشان أصلان بيك اصلاخانوف الذي طالب بإبداء مرونة في التعامل مع رجال المقاومة وتوسيع نطاق العفو العام الذي أصدرته موسكو في الشيشان، وكذلك رجل الأعمال الشيشاني عبدالمالك سعيدوف الذي يحظى برصيد شعبي بين مواطنيه. ويعني هذا أن قادروف الذي استغل منصبه كرئيس للإدارة الموقتة ونجح في إبعاد خصومه عن مراكز النفوذ في الحكومة الشيشانية المعينة روسياً، غدا أوفر المرشحين حظاً للفوز برئاسة الجمهورية وليكون "أول رئيس شيشاني منتخب" بحسب نص قرار بوتين الذي تجاهل أن أصلان مسخادوف وصل الى الحكم في الشيشان عبر انتخابات مباشرة. ويرى سياسيون روس أن إصرار الكرملين على تسريع خطوات التسوية السياسية في الشيشان يعكس كذلك رغبة في استغلال ما وصف بأنه "تفهم دولي لسياسة روسيا" في الشيشان. وكان أكثر من مسؤول روسي أعرب عن ارتياح موسكو لتراجع لهجة الانتقادات الغربية لروسيا، خصوصاً منذ بدء الإعداد للحملة العسكرية على العراق. ومن جهة أخرى، فإن ظهور حكومة منتخبة ديموقراطياً في الشيشان يسهم في عزل رموز المقاومة الشيشانية سياسياً ويسهل توقيع اتفاقية تمنح الشيشان حكماً ذاتياً بصلاحيات واسعة. ويتوقع المراقبون تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في الشيشان خلال الشهرين المقبلين، خصوصاً بعدما أعلن نائب وزير الداخلية الروسي إيفان غريزلوف ان مهمة القوات الفيديرالية الأساسية حالياً هي "القضاء على من تبقى من فلول المقاتلين" قبل حلول موعد الانتخابات، وهذا يعني ان صيفاً حاراً آخر ينتظر الشيشانيين على رغم تزايد الحديث عن تسوية سياسية للصراع.