ما الذي يجمع بين مفتول العضلات نجم هوليوود الطامح في صعود سلالم العمل السياسي ارنولد شوارزنيغر والعراق؟ لا شيء من باب "الاحسان" الذي يهفو اليه النجوم الكبار في اظهار انسانيتهم ولوعة قلوبهم على الامم المنكوبة، مثلما فعل بطل فيلم "الرجل الوطواط" فال كيلمر قبل الحرب الاخيرة بعام، حينما وزع "عطاياه" الطبية على مستشفيات العراق محاطاً بحشد من موظفي وزارة محمد سعيد الصحاف المخلوعة، او الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها الممثل والمخرج المميز شون بين مع تصاعد نذر الحرب الاميركية لاسقاط نظام صدام حسين، في محاولة لرد فواجع الحرب قبل وقوعها ول "تجريم" رئيسه لاحقاً في اعلانات نارية دفع ثمن نشرها من جيبه في اكبر صحيفتين اميركيتين نفوذاً. شوارزنيغر، الذي درس ادارة الاعمال والتسويق في جامعة ويسكنسون، لم يقلد هؤلاء المشاكسين السياسيين لادارة البيت الابيض، بل حل في بلاد الرافدين امس، في ذكرى عيد الاعياد الوطنية: يوم الاستقلال الاميركي، مرفهاً عن جنود "التحالف"، بتنظيم عرض خاص و"حميمي" سبقه عرض مماثل للقوات المرابطة في الكويت للجزء الثالث من السلسلة السينمائية الشهيرة التي تحمل عنواناً عسكريتارياً يتماشى مع هدف عمليات "تحرير العراق": "ترمينيتور" المدمر-3، عصيان الآلات، حيث يتنكب شوارزنيغروهو يلعب دور روبوت فائق الصنعة وخارق القوى مهمة "ايمانية" لانقاذ العالم والابن الاخير للبشرية المدعو جون كونورالذي يتهدده روبوت مدمر على هيئة شابة حسناء يهدف الى "شطب" الكينونة الانسانية لصالح مجتمع الآلات المسلحة بالحقد والسمو التقني وموت العواطف ورغبتها القاتلة في إبادة القوة الوحيدة على وجه الارض والتورية هنا تؤشرالى الولاياتالمتحدة. المشاهد التي نقلتها الفضائيات الغربية لنجم هوليوود وهو يطأ ارض بغداد، ويدخل احد قصور صدام وسط حشد من الجنود الذين تزاحموا لالتقاط الصور التذكارية معه، هي بالنسبة الى شوارزنيغر اكثر اهمية من الدعاية لفيلمه وتعزيز حظوظه في اسواق العرض، فما سيحدث لاحقاً في "بلده الثاني" الاميركي وهو ذو اصول نمسوية سيحدد طموحه الحزبي وارتقاءه الى اعلى المناصب تاركاً خلفه مجده الهوليوودي، على رغم الفضيحة الصحافية التي طالت والده وكشفت النقاب عن انتمائه وعمله مع النازيين ابان احتلالهم للنمسا. "فعلته" الوطنية هذه تدخل في قلب حملته الانتخابية التي يسعى من خلالها الى كسب تأييد اعضاء الحزب الجمهوري لترشيحه لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا، في محاولة لازاحة الحاكم الحالي الديموقراطي غاري ديفيس الذي انتخب في تشرين الثاني نوفمبر الماضي ووصلت الولاية في عهده الى حافة الافلاس بعجز قياسي في الموازنة بلغ 38 بليون دولار. وتزامنت هذه المراوغة الاعلامية مع الدعم الذي حصل عليه نجم الشاشة الفضية بشكل مفاجىء من الثري ورجل الاعمال المتخصص ببيع انظمة الانذار الخاصة بالسيارات الفارهة السيناتور الجمهوري داريل عيسى لبناني الأصل الذي اعلن نفسه مرشحاً وتبرع للحملة الجمهورية بمبلغ 700 الف دولار. مشكلة شوارزنيغر، الذي اشتهر بإنهاء فيلميّ "المدمر" بجملته الاثيرة ذات الوعيد المخيف: I'II Be Back سأعود، ان الحاكم ديفيس يتقدم عليه في آخر استطلاع للرأي ب 24 في المئة. ويبدو ان صداقته مع آل بوش متزوج من المذيعة التلفزيونية ماريا شريفر ابنة اخت الرئيس الراحل جون كينيدي لم تأت بثمارها بعد!