قال البنك الدولي ان باحثيه يعكفون على اعداد دراسة هي الأولى من نوعها عن الأطفال المحرومين في الدول العربية، مشيراً في تمهيد لهذه الدراسة التي يتوقع اعلانها الشهر المقبل الى أن الأطفال واليافعين يشكلون نصف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، الا أن عشرات الملايين منهم تعوزهم خدمات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية الكافية وأن كثيرين منهم يعانون الفقر، ما يجعل من ايجاد حلول لأوضاعهم حاجة ملحة وعاجلة. يقدر عدد الأطفال واليافعين من فئات الأعمار المختلفة وحتى 18 عاماً في المنطقة العربية بحوالى 130 مليون نسمة ويعتقد الباحثون في المؤسسة الدولية أن نسبة تراوح بين 10 و15 في المئة منهم، أي ما بين 13 و20 مليون طفل، يعتبرون من المحرومين. وعزا الباحثون هذا الحرمان الى عوامل كثيرة من ضمنها النزاعات السياسية والعسكرية والتقلبات الاقتصادية وأهمها على الاطلاق سرعة وتيرة النمو في عدد سكان المدن. وحتى وقت قريب نسبياً، بداية الثمانينات من القرن الماضي، كان 30 في المئة فقط من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيشون في المدن لكن هذه النسبة ارتفعت بسرعة كبيرة منذئذ ويتوقع أن تصل الى 70 في المئة بحلول سنة 2020، ما سيعني أن مدن المنطقة لن تجد مفراً من تحمل أعباء توفير الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية لعدد اضافي من السكان يناهز 85 مليون نسمة، نصفهم من الأطفال واليافعين تحت سن 19 عاماً. ويعود الجزء الأكبر من التوسع السكاني في المدن والتجمعات الحضرية الى عامل النمو الطبيعي، الا أن ظاهرة الهجرة من المناطق الريفية ساهمت بشكل كبير في هذا الاتجاه. وذكر البنك الدولي في دراسات سابقة ذات صلة أن عدد سكان المدن في المنطقة ارتفع بنسبة 3.3 في المئة سنوياً في المتوسط طوال عقد التسعينات من القرن الماضي على رغم عدم تجاوز متوسط نسب النمو السكاني المرصود في الفترة نفسها 2.3 في المئة. وربط البنك بين الهجرة ومشكلة الحرمان، اذ لفت الى ان الانتقال الى المدن لم ينجح دائماً في الحد من الفقر بل أن فقراء الريف غالباً ما ينقلون فقرهم معهم الى المدن، وفي المحصلة تضطر أعداد ضخمة من الناس للعيش في أحياء معدمة وغير نظامية ولا توفر سوى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، مشيراً الى أن 70 في المئة من سكان مدينة الدار البيضاء و60 في المئة من سكان القاهرة و34 في المئة من سكان تونس يعيشون في أحياء من هذا النوع حيث من الواضح أن الأطفال هم الأكثر عرضة للحرمان. لكن البنك لن يركز في دراسته الجديدة على رصد مشكلة الحرمان بقدر ما سيسعى لدرس سبل الوصول الى الأطفال المحرومين واقتراح حلول لمشاكلهم. وعقد البنك في مقره في واشنطن أواخر الشهر الماضي لهذه الغاية ورشة عمل شارك فيها مندوبون متخصصون من مصر والأردن والمغرب واليمن، وكذلك ممثلون عن مؤسسات دولية ووطنية معنية بالطفولة والتنمية من ضمنها يونيسيف والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وشدد نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان لوي سربيب في تقرير أصدره البنك أول من أمس بخصوص الدراسة المشار اليها، على الحاجة الملحة والعاجلة لايجاد حلول مشتركة للمشاكل التي يواجهها الأطفال المحرومون في المنطقة برمتها، على أن تشمل هذه الحلول مشاكل تشغيل الأطفال والاعاقة ومشاكل الأطفال من الفتيات والأيتام والمشردين واللاجئين والمهجرين وكذلك ما وصفه بالأطفال ضحايا العنف. وكانت ورشة العمل ناقشت المخاطر التي يواجهها الأطفال المحرومون في المنطقة عبر دراسات ميدانية عرضتها الوفود العربية ودرست كذلك الخطوات التي يمكن للحكومات أن تتخذها لحمايتهم، واقترحت توصيات في شأن الدور الذي يمكن للبنك أن يلعبه سيما في مجال توفير التمويل اللازم لبرامج جديدة شدد مسؤولون في البنك على ضرورة أن تتجاوز الحلول التقليدية لصالح حلول شمولية تعالج مشاكل السكن والتعليم والصحة في محفظة واحدة.