دافع البيت الابيض أمس عن قرار نشر صور لجثتي عدي وقصي صدام حسين، كما اعتبر وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد الذي اصدر قرار النشر ان قراره "كان صائباً وأنا سعيد لاتخاذه". وفيما ظهر جدل اخلاقي على هذا الموضوع، قال الرئيس جورج بوش ان مقتل عدي وقصي يؤكد للعراقيين ان الاميركيين يريدون عراقاً حراً. دافع البيت الابيض أمس عن قرار عرض صور لجثتي عدي وقصي صدام حسين، معتبراً أنه لا يمكن مقارنة هذا الامر بنشر السلطات العراقية في مطلع الحرب صوراً لجنود اميركيين قتلوا في المعارك أو اسروا. وقال الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان رداً على سؤال عن احتجاج الادارة الاميركية في آذار مارس الماضي على نشر وسائل الاعلام العربية صور جنود اميركيين قتلوا في المعارك او اسروا: "هناك فرق كبير بين نشر صور عدي وقصي وبين استخدام صور لاغراض الدعاية في شكل حقير". مضيفاً ان القرار الاميركي "يتفق" مع معاهدة جنيف المتعلقة بأسرى الحرب وطريقة معاملة المقاتلين خلال الحرب. واضاف: "عاش الشعب العراقي ثلاثة عقود تحت نير نظام وحشي وقمعي ومن المهم ان يتأكد ان هذا النظام قد ولى الى غير رجعة … وكما قال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد فإن قرار بث الصور هو القرار السليم ما دام يساهم في انقاذ حياة عراقيين واميركيين". رامسفيلد وكان رامسفيلد دافع عن قراره نشر صور الجثتين لإقناع العراقيين بأن عدي وقصي قتلا فعلاً. وقال لصحافيين الخميس "كان قراراً صائباً وانا سعيد لاتخاذه"، موضحاً ان هذا القرار اتخذ بعد تفكير عميق. ورأى ان عدي وقصي "كانا سيئين جداً، ومن المهم ان يعرف العراقيون انهما ذهبا وان يعرفوا انهما قتلا ولن يعودا". وزاد: "اعتقد بأن ذلك سينقذ أرواح اميركيين وأرواح جنود التحالف وستكون له فائدة كبيرة لحرية العراقيين"، معتبراً أن ذلك سيضعف المقاومة ضد الاميركيين ويقلل من خوف العراقيين من البعثيين. ورداً على سؤال عن نشر صور الجثث بينما ترفض وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون نشر صور جنودها القتلى، قال رامسفيلد انها "ليست المرة الأولى التي نبث فيها صور قتلى لكن ذلك ليس اجراء مألوفاً في الولاياتالمتحدة". وأوضح الناطق باسم البنتاغون الكولونيل جيمس كاسيلا ان الجيش الاميركي بث في الماضي او وافق على بث صور لجنود اميركيين قتلى ولكن ليس قبل ابلاغ أسرهم. وقال ان "القانون الدولي لا ينص على أي منع" لنشر صور من هذا النوع، مشيراً إلى ان الصحافيين الذين رافقوا القوات الاميركية في العراق منعوا من ابراز وجوه اسرى الحرب العراقيين، طبقاً لاتفاقات جنيف. إلى ذلك، اكد الرئيس جورج بوش ان مقتل نجلي صدام حسين يؤكد للعراقيين ان الاميركيين يريدون عراقاً حراً. وقال بوش في خطاب ألقاه في ديربورن ميتشيغان، شمال الخميس ان "الشعب العراقي بات يرى في وضوح تصميم الولاياتالمتحدة على تأمين حريته وان نظام صدام حسين لن يعود ابدا". واضاف بوش "كما تعرفون، في وقت سابق من هذا الاسبوع، اخذت العدالة مجراها مع نجلي صدام حسين. لقد تم العثور عليهما وانتهت تصرفاتهما العنيفة"، مؤكداً ان عدي وقصي "كانا مسؤولين عن عمليات التعذيب والتشويه والقتل التي طاولت مئات ومئات الاشخاص". جدل اخلاقي وفي الاطار ذاته، قال خبراء اعلام اميركيون ان نشر صور جثتي عدي وقصي له ما يبرره ويتماشى مع تقليد قديم يرجع الى أيام الاسكندر الاكبر منذ وفاته عام 323 قبل الميلاد. وقال بول لفينسون الاستاذ في كلية الصحافة في جامعة فوردام "من سمع ليس كمن رأى. حين توفي الاسكندر الاكبر في سن صغير 33 عاماً وضعوا جثمانه في العسل وعرضوه في نعش زجاجي وحافظوا عليه لأطول مدة ممكنة حتى يتمكن الناس من القاء نظرة عليه". وطوال سنوات ظلت تنشر صور الشخصيات البارزة بعد موتها كدليل دامغ على انها فارقت الحياة من جيسي جيمس رجل العصابات الشهير للديكتاتور الايطالي بينيتو موسوليني للثوري الكوبي تشيه غيفارا لرجل رومانيا القوي نيكولاي تشاوشيسكو. وقال جون بيكر مدير تحرير اديتور اند بابليشر "نشر الصور أمر مقبول لأن العراقيين يريدون ان يقتنعوا بأن هذا حدث فعلاً وانهما ماتا". لكن افتتاحية صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" أمس، المانية المستقلة، انتقدت نشر صور عدي وقصي. وقالت: "نتحدث هنا عن الكرامة الانسانية. بغض النظر عن الجرائم التي اتهم عدي وقصي بارتكابها، إلا أن عرض الصور يمثل انتهاكاً للمبادئ الاساسية للعالم المتحضر". وقالت ناطقة باسم منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان في نيويورك ان الصور لا تشكل انتهاكاً لمعاهدة جنيف التي تحظر استغلال اسرى الحرب لإثارة الفضول نظراً لأن ابني صدام قتلا بالفعل. وقال بوب ستيل وهو خبير في الاخلاقيات الصحافية في معهد بوينتر في فلوريدا، ان هناك هدفاً صحافياً مشروعاً وراء نشر الصور، لكنه صرح ايضاً بأن نشرها يتعارض أيضاً مع اعتراضات ادارة الرئيس جورج بوش السابقة على عرض الاسرى الاميركيين في الحرب العراقية في التلفزيونات العربية. واضاف: "هناك تعارض بل تناقض وربما نفاق حين تؤيد الحكومة بقوة نشر معلومات بعينها ثم تعود بعد ذلك وتحظر بشدة ايضاً ملعومات اخرى وتمنع نشرها". أما بيتر باتيا رئيس رابطة رؤساء تحرير الصحف الاميركية فقال ان الصور لها قيمة صحافية وانها تخدم ايضاً غرضاً سياسياً وهو اظهار ان ادارة بوش احرزت بعض النجاحات في تحقيق اهدافها في العراق. واضاف: "ارغب ان تكون الادارة منفتحة وواضحة بالنسبة الى المعلومات دوماً مثلما كانت في هذه الحال. لكن هذا ليس حال هذه الادارة عادة". وفي موقعها على الانترنت عرضت صحيفة "يو اس ايه - توداي" صور جثتي عدي وقصي ومعها تحذير يقول: "تحذير من المحرر… الصور مرفقة برسومات توضيحية". واستاء عدد كبير من المترددين على الانترنت من الصور. وكتب احدهم ل"رويترز" يقول: "الم تتعلموا من… سحل الجنود الاميركيين القتلى في شوارع مقديشو… وتكررون الخطأ نفسه". مشيراً الى فيلم بثته وسائل الاعلام مطلع التسعينات لسحل جثة جندي اميركي في شوارع العاصمة الصومالية خلال تدخل عسكري اميركي في البلاد.