انظروا الى ذلك الرجل الواقف مثل وحيد القرن"، صرخ الرجل الخمسيني الجالس ورائي في عرض "ألفا ليلة وليلة"، وهو يشير الى أحد حرس شهريار حاملاً سيفه المعكوف. هي "ألفا ليلة وليلة"، زادت ألف ليلة على ليالي شهريار وشهرزاد. فأرهقتهما، فجاء العرض أقل ابداعاً وابتكاراً من عروض كركلا السابقة. الرقص والتمثيل لا مأخذ لنا عليهما. ولكن سرد القصة كلاماً قبل العرض الراقص، غير مستحب. فذلك أفقد التمثيل الراقص عنصر "الجديد"، وأصبح تكراراً لما قاله السيد كرباج. ويملّ المشاهد، منتظراً، مجيء كرباج لسماع بقية القصّة. وما علاقة "مهرجانات بعلبك" التي تحيينا بحسب إحدى أغاني العرض ببيروت والبيال؟ وما علاقة شهداء المقاومة بليالي شهريار؟ فجنوب لبنان الذي أفخر بانتمائي اليه لم يكن محتلاً عام ألف للميلاد. ولم يكن الكيان الصهيوني وقتها. فكيف أنشد لشهريار وشهرزاد في بطولات الجنوب وشهدائه؟ ولمَ لا نستطيع ان نتكلم عن لبنان ك"واحد"؟ فحين نتكلم عن الأرز نرفقه بالجنوب والشهادة، وبالسهل والقلعة. فهل هو خوف من أن يتهم العرض بالمناطقية أو الطائفية أو العشائرية؟ فنضطر دائماً لنتحدث عن الجبل والسهل والشهادة معاً، لئلا نغضب أحداً؟ يبقى هذا أفضل، من اختزال لبنان في منطقة واحدة، أو طائفة واحدة. وقد امتلأت كتب التاريخ والجغرافيا في لبنان بأنواع الاختزال كلها: فمن اختزال الزي الفلكلوري الوطني الى اختزال تاريخ لبنان في كتب التاريخ الابتدائية. فمتى سيتحرر فننا وابداعنا وتراثنا من تلك الذيول، لنحتفل عندها بعيد تحرير الفن؟ بيروت - عادل نور الدين