تستعد بغداد لتغيرات جذرية مقبلة، مع بدء اعداد عدد كبير من موظفي الإدارة الاميركية العدة لمغادرة البلاد عائدين الى واشنطن، بعدما انتهى عهد من يُطلق عليهم الاميركيون في بغداد لقب "الذئاب" نسبة الى الجزء الأول من اسم "وولفوفيتز" بالانكليزية، مساعد وزير الدفاع الاميركي بول وولفوفيتز، الذي زرع أنصاره في كل مفاصل الإدارة المدنية للعراق. ويصف المراقبون ما حدث في بغداد في الساعات ال72 الماضية بأنه "انقلاب أميركي أبيض" لم تسفك فيه الدماء وأوقف، لفترة الحرب الاميركية - الاميركية التي كانت بغداد مسرحاً لها على مدى الشهور الثلاثة الماضية، وقبلها واشنطن لمدة تفوق العام، بين وزراتي الخارجية والدفاع. ويغادر وولفوفيتز بغداد اليوم، بعدما استهل زيارته التي لم يعلن عنها مسبقاً، بلقاء عقده يوم وصوله مع الحاكم المدني بول بريمر بعد ظهر الجمعة. كما عقد لقاءات مع عدد من الشخصيات العراقية ومع مساعديه الذين كانوا يمسكون بالملف العراقي. وكانت رسالة وولفوفيتز الى الذين التقاهم واضحة: "لقد انتهى دور وزارة الدفاع في العراق، والملف الآن في أيدي مسؤول وزارة الخارجية في واشنطن. وعليكم ان تتوقعوا أياماً صعبة هنا لمن سيبقى منكم في بغداد". وكانت زيارة بريمر المفاجئة الى واشنطن بعد انتهاء لقائه مع وولفوفيتز اثارت تكهنات بشأن تحول استراتيجي في واشنطن يميل الى التعاطي مع الملف العراقي بصورة مختلفة جذرياً عما بدت عليه حتى الآن، وفق ارشادات صقور المحافظين وبينهم وولفوفيتز. وربطت مصادر مطلعة التغييرات في الادارة الاميركية بالرغبة في تخفيف الاضرار التي باتت المسألة العراقية تلحقها بالحملة الانتخابية للرئيس بوش، مع معلومات نقلها ديبلوماسيون في بغداد تحدثوا مع مقربين من البيت الابيض عن اتجاه الى تحجيم دور المحافظين وبينهم ربما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، اقله في الفترة المقبلة. وقالت مصادر مطلعة ان التغييرات المقبلة ستؤدي اما الى عزل بريمر، الذي يعتقد انه اما ان يرجع بعد اسبوع بتفويض أعلى، وإما ان يعزل ويستبدل به مسؤول اميركي أكثر تشدداً وحزماً، بعدما بدا في الاسابيع الماضية ان الادارة الاميركية في العراق فشلت في السيطرة على الاوضاع او تنفيذ اي من تعهداتها لتحسين وضع العراقيين او تخفيف نقمتهم. وبسبب عجز ادارة بريمر وعجز البيت الابيض عن الحصول على تعهد من الدول الصديقة بإرسال قوات الى العراق طالما لم يتم تعديل الاطار القانوني الدولي لادارة العراق تحت الاحتلال، وتقرر الانتقال الى نوع آخر من العمل الديبلوماسي الذي سينطلق في مجلس الأمن الثلثاء المقبل، لدى الاستماع الى تقرير للأمين العام كوفي انان عن رؤية جديدة الى الأوضاع في العراق. ويفسر هذا الأمر تصريحات بريمر من واشنطن بأن انتخابات ستجرى في العراق في مدى عام، في حين نقلت مصادر اميركية عن مقربين من الادارة في واشنطن ان "بوش يريد ان يدعم العراق حملته الانتخابية... وبسرعة". وبين الاقتراحات التي سيتم اعتمادها في الاسابيع المقبلة تغيير تركيبة مجلس الحكم الانتقالي، وايضاً تقليص دور بعض المقربين من البنتاغون، بينهم زعيم "حزب المؤتمر الوطني" أحمد الجلبي، فيما سيعاد النظر في العلاقة التي أقامتها واشنطن مع جيران العراق في اتجاه تحقيق تفاهم اقليمي يسهل أي ترتيبات أمنية تكفل تخفيف الضغط على القوات الاميركية في العراق.