ليس مارلين مونرو، ولا الفيس بريسلي. ليس جيمس دين او جون كينيدي لكنه في مصافهم في عالم الشهرة. رحل مثلهم بميتة مفاجئة لا تليق برياضي بارع خطف دهشة الجميع، قبل ثلاثين عاماً بالضبط في العشرين من تموز/ يوليو 1973 وهو في الثانية والثلاثين من العمر. اليوم تعود طّلة نجم النجوم، الاميركي المولد ولد في سان فرانسيسكو في تشرين الثاني/ نوفمبر 1940، الصيني الاصل ابن مغني اوبرا صينية ذائع الصيت بروس لي و"وضْعاته" الشهيرة التي أشاعت وكرست رياضة "الكونغ فو" في الضمير الرياضي الدولي، ومثله في شغف الملايين الذين خطفتهم خفته وطيرانه وحركاته المتقنة التي حفلت بها مشاهد اشرطته السينمائية ومسلسلاته التلفزيونية التي لن تمل الشاشات من تكرار عرضها. هذه الايام يتقاطر آلاف من المخلصين لذكراه والمعجبين بفنونه الى شارع كمبرلاند في ضاحية كولون تونغ بهونغ كونغ، احياء للذكرى الثلاثين لغيابه. ويعتبر هذا الشارع "مكتبه" الشخصي، حيث صور على ارصفته أغلب المشاهد الخارجية لأفلامه. وفي مركزه الرياضي الشهير الذي يقع عند احدى زواياه كان يستقبل ضيوفه، او يجري حواراته مع فضوليي الصحافة، او يلتقط الصور التذكارية مع قلة من المعجبين الذين يُسمح لهم بدخول مملكته المحصنة بالمقاتلين، اضافة الى منزله العائلي مع زوجته ليندا وابنه براندون الذي سيقضي برصاصة وهو في الثامنة والعشرين من عمره اثناء تصويره احد مشاهد شريطه "الغراب" عام 1993 الذي لا يبتعد سوى امتار من مواقع التصوير الضاجة بالصراخ واصوات اللكمات. عدّ هذا الشارع الآن المزار "المفترض" لصنديد الرياضات السينمائية في السينما الآسيوية والاميركية، والافتراض قائم بسبب ان لي لم يتوف في بيته الذي هدم لاحقاً وبُني مكانه مركز تجاري، بل في شقة عشيقته الممثلة بيتي تنغ بيي القريبة من الشارع الاستوديو، بعد ما استغاث بها من صداع مفاجىء داهمه اثناء العمل، واقنعته الشابة، التي هونت من الامر، ان يأخذ قسطاً من القيلولة، لكنها بعد ساعتين اكتشفت ان برودة الموت تسربت الى جسد "اشهر صيني على الارض" كما نُعت مرة. واحتراماً لكرامة عائلته التي عانت من الفواجع، لم يتجرأ احد على اعتبار شقة العشيقة، مرقده الاخير. السلسلة السينمائية الشهيرة "ميتريكس" للاخوين واتشويسكي والتي تلقى الآن نجاحاً مدوياً، هي استعارات مذهلة وبتقنيات مدمجة، لمعارك سابقة اخترعها وأداها "قاهر الكاراتيه"، وهذه الاستعادة وأرباحها حرضت هوليوود على المضي ب"صنع" نسخ سينمائية محدثة من ممثلين يتلبسون سحنة بروس لي وفتنة معاركه وتمثيله العفوي عبر خدع "الديجيتال"، كما في اشرطة "ملائكة تشارلي" و"دريدإيفل" و"الرجال X" و"الشفرة 2" واخيراً جديد كونتين تارانتينو "اقتلوا بيل" وقبله تحفة الصيني انج لي "نمر رابض، تنين مختف"، وكأن هوليوود تعيد "الولع" بين نجومها و"التنين الصغير" وهذا لقبه الرسمي، منذ ان اصبح امثال ستيف ماكوين ولي مارفن وجيمس كوبورن والمخرج رومان بولانسكي وغيرهم، من تلامذته ومريدي فلسفته في الفنون القتالية التي ضمن عناصرها في مؤلفه المرجعي "جيت كوني دو". تكريم صاحب "قبضة الغضب" 1972 تحول الى معركة بين اطراف عدة، فالولايات المتحدة ترفض "التجاسر" على تركة مواطنها وشهرته التي انطلقت من ارضها التي دفن فيها وضعت مجلة "تايم" اسمه ضمن قائمة ال"مئة شخصية المؤثرة في القرن العشرين"، فيما تحاول هونغ كونغ استغلال اسمه سياحياً عبر انشاء "شارع الشهرة" الشبيه بنظيره الاميركي، ليكون اسم لي الاول في القائمة. كوريا كانت الاكثر عملياً في بيع صورة "سيد الكاراتيه"، اذ خصصت شركة كومبيوتر50 مليون دولار ل"استنساخ" بروس عبر الكومبيوتر ولقمه في مغامرات جديدة تحمل صوته ايضاً! اما عملاق المعلوماتية "مايكروسوفت" فقد اصدر اسطوانة مدمجة احتوت استكمالاً درامياً لمعارك آخر افلامه "لعبة الموت" الذي لم يتمه. اما اغرب مجانين بروس فهو الياباني ميكي ميازاكي الذي أفلس والده رجل الاعمال الثري، باستخدام ثروته في بناء شقة على غرار ديكور فيلم "دخول التنين"، وزرع جدرانها بشاشات تلفزيونية تعرض افلام النجم الكبير على مدار اليوم.