أنها الممثلة السينمائية الأسيوية الأكثر قرباً من أوروبا ومن فرنسا بالتحديد، فميشيل يوه هي السفيرة الرسمية لدار جيرلان الفرنسية العريقة في إنتاج مبتكرات التجميل. ويوه البالغة من العمر 49 سنة، هي بطلة الفيلم الجديد الذي أخرجه السينمائي الفرنسي لوك بيسون بعنوان «ذي ليدي» (السيدة) والذي يروي سيرة المناضلة البورمية أونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام. ويسلط سيناريو هذا العمل الضوء أولاً على الحياة الشخصية لسو تشي وعلاقتها مع زوجها البريطاني الذي توفي في بلده بينما منعت هي من مغادرة بورما كي تكون إلى جانبه في أيامه الأخيرة من كفاحه ضد المرض الخبيث. اضافة إلى تطرق الفيلم إلى الكفاح الوطني الذي قاد ولا يزال حياة سو تشي من أجل الحرية وضد الديكتاتورية. وميشيل يوه هي إحدى أشهر بطلات السينما في هونغ كونغ. بدأت مشوارها الفني بعد اختيارها ملكة جمال ماليزيا لأن جذورها تعود إلى هذا البلد، وبعدما كانت تنوي احتراف الرقص الكلاسيكي حصلت على دور سينمائي في فيلم صيني ناجح فتح أمامها أبواب الشاشة الفضية واسعة. ولأن الأفلام هناك مبنية أساساً على الحركة الموروثة عن بطولات النجم الراحل بروس لي، تدربت يوه على كل أنواع الألعاب الرياضية الأسيوية وصارت خبيرة محترفة فيها، فلاحظها منتج أميركي وعرض عليها المشاركة في فيلم «الغد لا يموت أبداً» وهو من أفلام جيمس بوند. فوافقت يوه بطبيعة الحال وذاع صيتها بعد توزيع هذا العمل في العالم، فنالت بطولة فيلم «النمر والتنين» الصيني الأوروبي المشترك، وفيه جمعت بمهارة فائقة بين الحركة والرومانسية وبدت جميلة وجذابة، مقدمة الدليل على أنها امرأة حلوة ناعمة ذات صوت دافئ، وليست فقط عبارة عن جيمس بوند مؤنث. وأثبتت يوه قدراتها الدرامية والرومانسية ثانية في فيلم «ذكريات غيشا» الذي تقاسمت بطولته مع فنانتين صينيتين من الدرجة الأولى هما غونغ لي وزانغ زي يي. وفي باريس حيث أتت يوه كي تروج لفيلم «ذي ليدي» التقتها «الحياة» وحاورتها. هل يمكن اعتبار شخصية أونغ سان سو تشي بفضل وجوهها المتعددة، من أقوى أدوارك فوق الشاشة حتى الآن؟ - شخصية سو تشي هي فعلاً وبلا أدنى شك أجمل وأقوى وأصعب أدواري حتى الآن، وذلك لأسباب عدة، منها، مثلما تذكره أنت، تعدد شخصية هذه المرأة من مناضلة في سبيل السلام إلى زوجة مخلصة تعشق رجل حياتها وتحب أولادها إلى ما لا نهاية وفي الوقت نفسه تختار كفاحها السياسي فضلاً عن حياتها العائلية كزوجة وأم، ومن ذلك إلى نجمة عالمية حصلت على جائزة نوبل للسلام وكتب عنها الإعلام الدولي في شكل مستمر. ولكن ربما أن الأصعب في الموضوع هو كونها موجودة بالفعل وعلى قيد الحياة وكان علي أن أبدو مثلها وفي الوقت نفسه من دون أن أقلدها. كيف فعلت إذاً؟ - شاهدت مئات تسجيلات الفيديو التي تظهر فيها، وذلك مرات ومرات، ورحت أتمعن في طريقة مشيها وأسلوبها في النطق وكيف تغيرت مع مرور الأعوام بسبب تعبها الجسدي والنفسي، وإن كانت التغيرات طفيفة إلى حد ما. لقد تشربت شخصية أونغ سان سو تشي تدريجياً أكثر مما قلدتها، وهذا ما صنع نوعية أدائي في الفيلم. تخطبين باللغة البورمية في الفيلم، فهل تتكلمينها أصلاً؟ - لا أبداً وهي من أصعب اللغات. لقد تعلمتها على يد معلم خاص لمدة شهور طويلة كنت في خلالها أردد العبارات وأنا في سيارتي أو في الشارع أو في مطبخ بيتي وحتى وأنا في فراشي. لقد فعلت ما كان لا بد من فعله حتى أكون صادقة فوق الشاشة، ونجحت بما أن عدداً من الكومبارس في الفيلم كانوا من بورما وأكدوا لي أنهم تخيلوا وهم يسمعونني أنهم يعايشون أحد خطابات سو تشي. هل التقيت بها شخصياً؟ - نعم، ولكن وحدي بما أن لوك بيسون مخرج الفيلم لم يحصل على تأشيرة دخول إلى بورما. هل قضيت فترة طويلة في صحبتها إذاً؟ - لا ليس أكثر من نصف نهار. وكيف استقبلت هي فكرة الفيلم؟ -استقبلتها بحماس نظراً إلى أن شعارها الدائم هو «استخدموا حريتكم من أجل أن تروجوا لحريتنا نحن». هل اقتنعت بك في دورها؟ - لم تشاهد الفيلم بعد لكنها وضعت ثقتها في خيار المخرج والشركة المنتجة، وقالت لي إنها بعدما تعرفت إلي أدركت سبب الخيار المذكور وتأكدت من سلامته. أنها لا ترغب في مشاهدة الفيلم قبل فترة طويلة لأنه يصور اللحظات الأخيرة من حياة زوجها الراحل في لندن، بينما كانت هي في بورما. وهي لا تشعر بنفسها قوية إلى درجة النظر إلى مشاهد قاسية كهذه، وأنا أفهمها كلياً خصوصاً أنها لم تعشها في الحقيقة بما أنها لم تكن إلى جوار زوجها حينما لفظ أنفاسه الأخيرة. لقد شاهد أحد أبنائها الفيلم وأبدى لنا إعجابه وفخره أمام إخلاص العمل السينمائي لحقيقة حياة أمه. ما هي تفاصيل حكاية الود الذي يجمعك بفرنسا؟ - بدأت العلاقة الودية بيني وبين فرنسا خصوصاً العاصمة باريس، حينما زرتها كي أروج لفيلم «الغد لا يموت»، وهو فيلم جيمس بوند الذي مثلت فيه إلى جوار بيرس بروزنان. لقد تعرفت بهذه المناسبة على مصفف الشعر الشهير ألان ديفير مزين النجوم، ومن خلال علاقتي معه وصداقتنا الفورية، زرت في صحبته أحلى ما في باريس من أماكن خلابة ومتاحف وملاه ومعارض، غير جمالها الطبيعي وروعة مبانيها. لكنني أعتقد أن هناك أساساً تركيبة كيماوية ناجحة بيننا، أنا وهذا البلد، تماماً مثل التركيبة الموجودة بين طرفين في أي قصة حب عادية في العالم. بعد ذلك صرت سفيرة رسمية لدار جيرلان الباريسية الفاخرة وتوطدت علاقتي بفرنسا أكثر وأكثر. أنت امرأة جميلة وذات قامة تسمح لك بمنافسة ألمع عارضات الأزياء العالميات، خصوصاً أن جذورك الأسيوية تمنحك جاذبية مستحبة كثيراً في الغرب، كما أنك سفيرة لدار جيرلان للجمال والعطور الفاخرة، فما تصورك للجمال؟ - الجمال الحقيقي هو ذلك الموجود في النفس وقرارة الذات وهو يشع إلى الخارج بفضل حلاوة الروح. ربما إنني جميلة في عين شخص وغير جذابة بالمرة في نظر غيره. إنها حكاية ذوق شخصي في النهاية، لا أكثر ولا أقل. هل صحيح أنك بطلة حقيقية في الرياضات الأسيوية؟ - أجل فأنا تعلمتها شابة حينما لاحظت أن السينما الأسيوية في حاجة ماسة إلى ممثلات يمارسن الألعاب الرياضية الأسيوية مثل الرجال، وذلك من أجل تجديد روح أفلام الكاراتيه والكونغ فو وإدخال العنصر النسائي فيه على المستوى نفسه للرجال وليس فقط لتمثيل اللقطات العاطفية. هل مارست هذه الألعاب خارج إطار السينما؟ - نعم، شاركت في بطولات ودورات كبيرة في الصين خصوصاً وفزت بجوائز. كما حدث لي في بدايتي الفنية أن أعمل كبديلة لممثلات أخريات في اللقطات الخطرة. وعلى العموم فأنا أديت المشاهد العنيفة كلها بنفسي في كل أفلامي لا سيما في فيلم جيمس بوند «الغد لا يموت أبداً» ثم في «النمر والتنين» حيث كانت الحركات المطلوبة مني تتميز بصعوبة كبيرة. هل لا تزالين مستعدة لممارسة مثل هذه الحركات في أفلامك المستقبلية؟ - لا لأنني أصبت بجروح عميقة، وبما أنني أتقدم في العمر أفضل الآن العناية بجسدي والظهور في أدوار أكثر نعومة. ما سبب قيامك بإنتاج فيلم «الشمال البعيد» بنفسك؟ - أسست شركة إنتاج «ميثيكال فيلمز» كي أتفرع مهنياً وفنياً، ولأنني أجد تجربة الإنتاج السينمائي مثيرة وإن كانت مرهقة وتتطلب من صاحبها قدرة تحمل كبيرة وروح مغامرة عالية جداً. و«الشمال البعيد» هو أول عمل أنتجته بواسطة شركتي، وقررت أن ينتمي الفيلم إلى نوع المغامرات لأنني شخصياً أعشق أفلام الحركة والمشاجرات المبنية على صراع الخير ضد الشر، كما أحب أن يتميز البطل بكل المواصفات الحسنة من شجاعة فوق العادة ووسامة أيضاً فوق العادة ورومانسية فوق العادة، بينما لا بد من أن يتصف الشرير بسواد الروح وبشاعة المظهر وألا يتمتع بأدنى عذر لفعل ما يفعله. وباختصار أحب الحكايات القصوى التي تذكرني بتلك التي كان يقصها علي أبي قبل أن أخلد إلى النوم. ماذا عن حياتك العاطفية؟ - إنها عظيمة، فأنا سعيدة بعلاقتي بجان تود (رئيس الاتحاد الدولي لرياضة السيارات) الذي هو شريك حياتي، وأشكرك على سؤالك.