سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زار العراق 37 مرة ... والشرطة عثرت عليه ميتاً قرب منزله بعد عودته من "بيت آمن" لوزارة الدفاع . لندن :"وفاة" خبير بيولوجي اتهم حكومة بلير ب"تضخيم" ملف الاسلحة العراقية لتبرير الحرب
عُثر صباح أمس على جثة خبير بيولوجي بارز يعمل في وزارة الدفاع البريطانية وتشتبه الحكومة في أنه مصدر خبر بثّته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي يتهمها ب"تضخيم" تقرير للاستخبارات عن اسلحة الدمار العراقية بهدف تبرير الحرب ضد نظام الرئيس السابق صدام حسين. ومن المؤكد ان تزيد وفاة الدكتور ديفيد كيلي 59 عاماً الاحراج الذي تعاني منه حكومة توني بلير، المُتهمة أصلاً ب"تضليل" البرلمان في شأن خطورة اسلحة الدمار العراقية، خصوصاً زعمها ان النظام السابق كان قادراً على استخدام هذه الاسلحة "خلال 45 دقيقة" من صدور الأمر بذلك. راجع ص 4 ووعدت الحكومة فوراً بتشكيل لجنة قضائية مستقلة تُحقق في ملابسات الوفاة التي قالت الشرطة انها "غير مُفسّرة". وقدّم بلير الذي وصل الى طوكيو من واشنطن، تعازيه لعائلة كيلي، في حين دعاه إيان دنكن سميث، زعيم المحافظين معارضة الى اختصار زيارته للشرق الأقصى والعودة الى لندن. وجاء مقتل كيلي، وهو خبير بارز زار العراق 37 مرة خلال عمله ضمن فرق المفتشين الدوليين في التسعينات، بعد أيام من مثوله أمام لجنة برلمانية تُحقق في مزاعم الحكومة عن اسلحة الدمار العراقية التي لم يُعثر لها بعد على أثر على رغم سقوط نظام صدام منذ 9 نيسان ابريل الماضي. وبعثت اللجنة، في ختام استجوابها له، برسالة الى الحكومة تقول فيها انها لا تعتقد انه "المصدر الأساسي" للخبر الذي أورده في 29 أيار مايو الماضي محرر الشؤون الدفاعية في "بي بي سي" أندرو غيليغان وزعم فيه ان حكومة بلير "ضخّمت" تقريراً للاستخبارات في ايلول/سبتمبر الماضي يزعم ان العراق قادر على اطلاق اسلحة كيماوية وبيولوجية "خلال 45 دقيقة"، وانه سعى الى الحصول على اليورانيوم من افريقيا تهمة ثبت اليوم انها كاذبة. وكتب غيليغان مقالاً في 1 حزيران يونيو في صحيفة "ميل أون صنداي" اتهم فيه اليستر كامبل، المستشار الإعلامي لتوني بلير، بأنه وراء إضافة عبارة "45 دقيقة" الى تقرير الاستخبارات لم يُسمّه في تقرير ال"بي بي سي". وسببت تلك التهمة "حرباً" بين الحكومة وال"بي بي سي" التي تعرّضت لهجوم غير مسبوق من كامبل ووزراء آخرين في الحكومة لإرغامها على الاعتذار عن تقريرها وكشف مصدره خصوصاً انه نُسب الى مسؤولين بارزين في أجهزة الأمن. ووسط هذه "الحرب" مثل كل من غيليغان وكامبل أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم والتي كانت تُحقق في إمكان ان تكون الحكومة ضللت البرلمان في شأن العراق. فقدّم غيليغان روايته لما يعرف عن هذا الموضوع، في حين رد كامبل بنفي دوره في تضخيم مسألة ال"45 دقيقة"، وهو أمر بدا ان اللجنة اقتنعت به برّأته من هذه التهمة في تقريرها الختامي. لكن الموضوع لم ينته هنا. إذ واصلت الحكومة ضغطها على ال"بي بي سي" لكشف مصدرها، وكشفت اسم كيلي قائلة انه تقدّم الى وزارة الدفاع "طوعاً" وأقر بأنه قابل غيليغان وتحدث معه عن ملف الأسلحة العراقية لكنه لم يقل له ان كامبل وراء إضافة عبارة ال"45 دقيقة". وأدى كشف اسمه الى استدعائه للشهادة أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم يوم الثلثاء. وخلصت اللجنة في نهاية هذا الاستجواب الذي كان محل تندّر في الأوساط الإعلامية كون اعضاء اللجنة اضطروا الى إطفاء اجهزة التبريد في الغرفة لكي يسمعوا كلام كيلي الذي تحدث بصوت خفيض جداً الى انه ليس "المصدر الرئيسي" لخبر غيليغان. ودفع ذلك باللجنة الى ان تستدعي الخميس صحافي ال"بي بي سي" للشهادة مجدداً في ضوء ما سمعته من كيلي. وقال رئيس اللجنة النائب العمالي دونالد أندرسون، في ختام الاستجواب، ان غيليغان "غيّر من أقواله" في شأن المصدر الذي تحدث اليه عن الملف العراقي، وهو أمر نفاه الصحافي كما نفته ال"بي بي سي". وقال امس مصدر في وزارة الدفاع البريطانية رويترز ان كيلي أبلغ انه انتهك قواعد العمل الرسمي باتصاله بصحافي من دون اذن بذلك، واوضح ان كيلي لم يكن مهدداً بالطرد من عمله. وفي ظل هذا الجدل بين الحكومة واللجنة البرلمانية وال"بي بي سي"، قرر الدكتور كيلي، على ما يبدو، العودة الى منزله في محافظة أوكسفورد شاير بعدما أمضى أياماً مختفياً بعيداً عن وسائل الإعلام في "بيت آمن" دبّرته له وزارة الدفاع. ولم يطل عودته في المنزل، إذ أبلغ عائلته بعد ظهر الخميس بأنه "راغب في المشي" في المنطقة الحرجية القريبة. لكنه ذهب ولم يعد، تاركاً اسئلة كثيرة عن دور الحكومة في "تضخيم" ملف الاسلحة العراقية من دون جواب، وحكومة بلير في وضع أكثر حرجاً مما كانت عليه قبل كشف اسمه. وقدّمت هيئة الإذاعة البريطانية تعازيها الى عائلة الفقيد، وسط انتقادات عنيفة وجهها اليها النائب المحافظ روبرت جاكسون بسبب رفضها القول هل كيلي كان فعلاً مصدرها.