اجتمع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مع رئيس الوزراء محمود عباس ابو مازن مساء امس سعياً الى تجاوز الخلافات وحل الازمة بينهما بشأن طريقة اجراء المفاوضات مع اسرائيل. وجاء الاجتماع بعد نجاح اللجنة الفتحاوية الثلاثية التي تضم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء والدكتور صائب عريقات مستشار الرئيس الفلسطيني ووزير الاعلام نبيل عمرو، وبعد اجتماعات مكثفة امس في حل الخلافات بين الرئيس عرفات ورئيس وزرائه عباس. ووصل اعضاء اللجنة الثلاثية بمعية عباس الى مقر الرئيس عرفات في رام الله على رغم منع التجول المفروض على سكان المدينة بسبب اختفاء سائق سيارة اجرة اسرائيلي منذ ايام بالقرب من المدينة. ويأتي حل الخلافات بين عرفات وعباس فيما يزور رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون العاصمة البريطانية لندن حيث قوبلت مطالبته المسؤولين البريطانيين بأن يقاطعوا الرئيس الفلسطيني برفض واضح. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان الخلافات بين عرفات وعباس حُلَّت على اساس تعهدهما احترام القانون الاساسي الدستور في ما يتعلق بصلاحياتهما واتفاقهما على تشكيل لجنتين سياسية وامنية موسعتين للاشراف على المفاوضات السياسية والامنية مع اسرائيل. واتفق الرجلان ايضاً على ان يتولى الوزير عمرو التنسيق بينهما. وكان مصدر فلسطيني رفيع المستوى كشف ل"الحياة" قبل ذلك ان اللجنة الثلاثية تسعى الى ايجاد صيغة مقبولة لدى عرفات وعباس لحل خلافاتهما على ثلاث قضايا هي: لجنة المفاوضات التي طالب عرفات بزيادة عدد اعضائها من 10 الى 20، وادخال تعديلات على هيكلية "الهيئة الامنية" او المجلس القومي الاعلى الفلسطيني وفقاً لسعي عدد من اعضاء اللجنة المركزية ل"فتح" الى الحد من صلاحيات وزير الشؤون الامنية محمد دحلان الذي يتهمه بعضهم ب "الانفراد" في اتخاذ القرارات في الشأن الامني، واخيراً التوصل الى اتفاق نهائي على التزام كل منهما صلاحياته المنصوص عليها في القانون الاساسي الفلسطيني الدستور. وقالت مصادر في اجتماع اللجنة الثلاثية ل"الحياة" ان اعضاء اللجنة المركزية ل"فتح" ابلغوا الوسطاء الثلاثة انه لا بد لعباس من ان يسحب استقالته من اللجنة المركزية اذا اراد البقاء في منصب رئيس الوزراء الذي يجب ان يكون عضواً في اللجنة المركزية لحركة "فتح" وإن لم يعدل عن الاستقالة فسيفقد غطاء الحركة. واضافت المصادر ان ثمة توجهاً تبلور داخل اللجنة المركزية ل"فتح" للبحث عن بديل من عباس في رئاسة الحكومة اذا لم يسحب استقالته من اللجنة، وان البديل المرجح عندئذ سيكون رئيس المجلس التشريعي "ابو علاء". وكان رئيس الوزراء الفلسطيني قدم استقالته من عضوية اللجنة الاسبوع الماضي بعد انتقادات لاذعة وجهها اليه عدد من أعضائها واتهمه بعضهم بسوء ادارة المفاوضات السياسية مع الجانب الاسرائيلي. وارجأ عباس في اعقاب هذا الاجتماع لقاءً كان مقرراً ان يجمعه ورئيس الوزراء الاسرائيلي شارون الاربعاء الماضي. غير ان الاجتماع بين عرفات وعباس مساء امس دفع مصادر فلسطينية الى ترجيح ان يكون الاخير قد سحب استقالته. كما رجحت المصادر نفسها احتمال قيام مدير الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان بزيارة سريعة إلى رام الله اليوم الثلثاء للقاء عرفات وعباس والسعي الى تثبيت الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية واوقفت بموجبها عملياتها ضد الاسرائيليين لمدة ثلاثة اشهر. وسيكون من بين العوامل المهمة في تثبيت الهدنة تلبية اسرائيل طلب الفلسطينيين اطلاق اعداد كبيرة من الاسرى والمعتقلين في سجونها. من جهة اخرى، التقى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والاسرائيلي شارون الليلة الماضية على مأدبة عشاء عمل اقامها بلير في مقر رئاسة الوزراء في وسط لندن. وقال مسؤولون بريطانيون قبل ساعات من اللقاء انه على رغم الجو الودي والحفاوة التي قوبل بهما شارون في لندن، فإن بلير ووزير خارجيته جاك سترو سيمارسان ضغوطاً ديبلوماسية على رئيس الوزراء الاسرائيلي لاعطاء قوة دفع للعملية السلمية وبناء الثقة باتخاذ خطوات مهمة مثل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين والوقف الحقيقي لبناء المستوطنات، كذلك العدول عن بناء "الجدار الفاصل" بين الضفة الغربية واسرائيل. وكان وزير الخارجية البريطاني زار شارون امس في فندق "تشرشل" الذي ينزل فيه خلال زيارته لبريطانيا. وقال الناطق باسم الخارجية البريطانية ان شارون اعتبر خلال اللقاء ان الرئيس الفلسطيني "عثرة" في طريق تنفيذ "خريطة الطريق". غير ان سترو كرر موقف حكومته من عرفات، وهو الموقف الأوروبي ذاته الذي يعتبر عرفات الممثل الرسمي والمنتخب للشعب الفلسطيني، بالاضافة الى كونه زعيماً فلسطينياً يملك قاعدة شعبية كبيرة ولديه القدرة على التأثير في المواطنين الفلسطينيين وبالتالي يستطيع لعب دور مهم في تنفيذ "خريطة الطريق" وتقديم الدعم لرئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس. كما اكد سترو لرئيس الوزراء الاسرائيلي ان بريطانيا ليست لديها نية لقطع صلاتها مع الرئيس الفلسطيني ما دام هو الرئيس المنتخب. وأثار سترو قضية معاملة البريطانيين في اسرائيل وقضايا قنصلية اخرى مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي وعد بأنه سيعطي أوامره للجيش والمسؤولين لحل هذه القضايا العالقة.