على رغم توالي القرارات التي اصدرتها الحكومة السورية بعد السماح باستيراد السيارات، بعد تأميم استمر نحو ثلاثة قرون ونصف، الا ان السيارة لا تزال "حلماً" يراود المواطنيين و"ثروة" للذين يملكون واحدة ولو من الستينات، ولا تزال اسعار السيارات أضعاف سعرها الحقيقي بالنسبة لبلد المنشأ او الدول المجاورة. بعد جمود استمر نحو ستة شهور نتيجة تداول اشاعات افادت ان الحكومة تنوي خفض الجمارك على السيارات، تحركت سوق السيارات السورية اخيراً بعد ان حسم وزير النقل مكرم عبيد الموضوع واكد انه لانية للحكومة حالياً بخفض اسعار السيارات وان "الاقتصاد السوري بحاجة الى اعادة النظر ببعض السلع التصديرية المعفاة من الجمارك". واستغل عبيد فرصة افتتاح "المعرض الدولي الثالث للسيارات وقطع الغيار ومستلزماتها"، الذي تقيمه "الشركة المتضامنة للمعارض" على ارض مدينة معرض دمشق الدولي حالياً، للاعلان عن ان الدولة ليست بصدد اصدار قرارات جديدة وان آخر قرار لخفض قيمة الجمارك لم يمض عليه وقت طويل. وشدد على ضرورة استقرار سوق السيارات وخروجها من الجمود في الفترة الاخيرة، لافتاً الى الحركة النشيطة التي شهدتها سوق السيارات القديمة والحديثة. وقدر حركة البيع بين 20 و25 الف سيارة سنوياً. وأدى هذا الاعلان بالفعل الى تحريك السوق، التي شهدت حركة متوسطة وارتفاعاً في اسعار السيارات راوحت بين 100 و150 الف ليرة تقريباً الدولار 50 ليرة، ارجعها اصحاب مكاتب السيارات الى "اقتناع المواطنين اخيراً انه لا نية للحكومة بخفض جديد في الجمارك والى فترة الصيف التي تشهد حركة متزايدة من الاصطياف نتيجة قدوم السياح والمغتربين". وكانت الحكومة السورية اصدرت منذ بداية عام 2000 قرارات عدة تتعلق بالسيارات بدءاً بالسماح باستيرادها ثم إلغائها الوكالات الحصرية وسماحها للمواطنين باستيراد السيارات ضمن شروط من دون التقيد ببلد المنشأ، ثم سماحها للمواطنين باستبدال سياراتهم التي تعود الى ما قبل عام 1960 وجلب سيارات جديدة بعد دفع نصف الجمرك، وغيرها. غير ان كل هذه الخطوات لم تساهم كثيراً في تحريك سوق السيارات وخفض أسعارها وبقيت بعض العراقيل تشكل حاجزاً أمام تملك المواطنين للسيارة. وطالب المشاركون من مختلف الجنسيات في المعرض الدولي الثالث للسيارات بخفض الرسوم الجمركية لأنها مرتفعة قياساً الى الدول المجاورة ولا تتناسب مع الوضع المعيشي لذوي الدخل المحدود من القطاعين العام والخاص والذين يشكلون اكثر من 95 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم حوالى 17 مليون نسمة والذين لا يتعدى متوسط راتبهم الشهري اكثر من 120 دولاراً في الشهر. ودافع خبراء اقتصاديون عن خطوة الحكومة بتقاضي الرسوم العالية باعتبارها "المجال الوحيد الذي تتقاضى فيه ضرائب حقيقية عن النشاط التجاري، اذ لا يستطيع التاجر، المسؤول عن ارتفاع الأسعار، أن يتهرب من الضريبة، اضافة الى ان البلد لا يحتمل مزيداً من زحمة السيارات لأن البنية التحتية غير جاهزة فعلياً". وتعتمد مديرية الجمارك في تسعير السيارات السياحية على أساس الأسعار الواردة في مجلة "شفاكليست". وينتقد البعض هذه الطريقة لأن الاعتماد على اسعار مجلة ألمانية في تسعير السيارات في سورية أمر غير دقيق، اذ ان المجلة "مصممة لتناسب المواطن الألماني، وكان من المفروض بأن تتم التسعيرة كما في كل دول العالم بناء على أسعار الشركات الأم". وتبلغ الرسوم الجمركية على السيارات 200 في المئة من قيمة السيارة بالنسبة لسيارات "فوق طن" 1600 سي سي ونحو 150 في المئة لأقل من 1600 سي سي. والرسوم الإضافية على السيارات تزيد على عشرة رسوم من بينها رسم موازنة الدفاع 15 في المئة من الرسوم الجمركية ورسم استهلاك ويبلغ اربعة في المئة من قيمة السيارة المصرح عنها ورسم إحصاء ويبلغ اربعة في المئة من قيمة السيارة ورسم مدارس 10 في المئة من رسم الاستهلاك ورسم مدارس آخر ويبلغ اثنين في المئة من مجموع رسوم الجمارك والدفاع ورسم المرفأ ثلاثة في المئة من مجموع رسوم الجمارك والدفاع ورسم نقل بحري اثنان في الالف من القيمة المصرح عنها ورسم استيراد اثنين في المئة من قيمة مجموع الرسوم الجمركية والقيمة الأصلية للسيارة. يشار الى ان اسعار السيارات في سورية تبلغ حالياً خمسة أضعاف سعرها في بلد المنشأ. ويقدر عدد السيارات العاملة على الطرقات السورية بنحو 3.1 مليون سيارة تعود 13 في المئة منها الى القطاع العام ويعود انتاج 40 في المئة منها الى ما قبل عام 1980. وتحتل كوريا الجنوبية المرتبة الأولى بالنسبة لاجمالي الواردات من السيارات. ويشترط في السيارات المستوردة ان تكون تعمل على البنزين وان تكون متوافقة مع سنة الصنع وان تسدد القيم وفق انظمة القطع النافذة بهذا الشأن. وعلى رغم صدور العديد من القرارات، غير ان بعضها لم ينفذ، مثل السماح بالاستيراد من غير بلد المنشأ، اذ يؤكد اصحاب عدد من مكاتب السيارات "انه لم يتم عملياً تنفيذ القرار، اذ ترفض وزارة المال التنفيذ وما زلنا ندفع ضريبة 10 في المئة اضافية، ما يرفع سعر السيارات التي استوردناها بعد صدور القرار بنحو 100 الف ليرة ولا زالت مكدسة في المستودعات". يشار الى ان سورية لاتملك مصنعاً لتصنيع السيارات السياحية، غير ان وزارة الصناعة السورية وقعت أخيراً مع "مجموعة الوهاب" المصرية على مذكرة تفاهم لتأسيس شركة مشتركة لإنتاج سيارات الميني باص في سورية برأسمال قدره 7.3 مليون دولار. ويهدف المشروع، الذي يعد الاول من نوعه في سورية وستساهم به الحكومة السورية بنسبة 40 في المئة، إلى إنتاج 600 ميني باص في السنة لتغطية حاجة السوق المحلية والعربية من إنتاجه وتصديره، ويتوقع ان يوفر 151 فرصة عمل.