تتجاوز علاقة مدينة سامراء بحزب البعث، صدام حسين ومجموعته. لا بل ربما ساهم الرئيس المخلوع في انتكاس العلاقة بين سامراء وبين حزبه. فالتأريخ للبعث في سامراء عملية معقدة تراوح بين الانتماء إليه وإنتاج أفكاره والانخراط في وجدان خرج البعث من رحمه، ثم لاحقاً التحول إلى ضحيته والذواء الكامل أمام زحف تكريت التي تبعد عن سامراء نحو 50 كيلومتراً. لكن في هذا الوقت لم تتخلَ سامراء عن بعثيتها، فالضحية استمرت مخلصة للجلاد، مراهنة على أن البعث بريء من هذه الزمرة. هذا بالنسبة إلى الجيل البعثي الأول، ولكن يبدو أن النظام تمكن من تسييد جيل بعثي صدامي في سامراء مستفيداً أولاً من القابلية الموجودة أصلاً في التكوين الأول للسامرائي وما يوفره الانتماء للبعث في جمهورية صدام حسين من نفوذ ومال وسلطة. "تعسف" سامراء واحدة من أجزاء الفسيفساء الاجتماعي الذي أنتج البعث. فالحرف الأول من اسم المدينة يتوسط الكلمة التي تختصر فيها المدن الحاضنة للعروبة التي يعتبر البعث أحد تنويعاتها في العراق. والكلمة المقصودة هي "تعسف"، وهي تضم الأحرف الأولى لكل من مدن تكريت وعانة وسامراء والفلوجة، أما أم هذه المدن وعاصمتها فهي مدينة الموصل، وليس من قبيل المصادفة طبعاً أن تتحول هذه المدن إلى مراكز لمقاومة الأميركيين وإلى رفض معلن لوجودهم. ولكن إلى جانب هذا الرفض ثمة علاقات معقدة تربط بين هذه المدن وبين النظام العراقي البائد، إذ يبدو من التسرع الزعم بانتماء هذه المدن إلى النظام على رغم وجود بؤر أكيدة له فيها، هي الآن من يتولى تنفيذ العمليات ضد الأميركيين. فالنظام العراقي انتقل خلال حكمه إلى الدوائر الأضيق غير آبه حتى بالقواعد التي شكلت نظام حكمه الأقلي، وفي سنواته الأخيرة لم تبقَ حية في جسم البعث العراقي إلا نواته الأولى أي تكريت، وفي تكريت كانت كمية الأوكسيجين الأكبر تعطى للعوجة. ولهذا يبدو من الصعب على مدينة كسامراء كانت تفوق تكريت دوراً وتاريخاً واقتصاداً وتحولت لاحقاً إلى شبه ضاحية لها، أن تخبىء ضغينتها في مناسبة سقوط النظام التكريتي، ولكنها أيضاً وبحكم عروبتها المتمكنة من أخلاق أهلها ومن أذهانهم ودواخلهم، من الصعب عليها أيضاً ألا تكون جزءاً من الضجيج الذي تختلط فيه العروبة بالبداوة، أي ضجيج الرفض للوجود الأميركي في العراق. حرص أكرم السامرائي وهو صاحب مطعم عند مدخل المدينة على التأكيد أن الفتى شاكر السبع منفذ العملية ضد الأميركيين وهو فتى من المدينة لا ينتمي إلى حزب البعث لا هو ولا أهله. وتابع السامرائي أن البعثيين في المدينة أجبن من أن يقاوموا الأميركيين وهم الآن مختبئون في منازلهم. وأكرم صاحب المطعم المقابل لمسجد الملوية الذي بناه الخليفة العباسي المعتصم بالله يوم اختار سامراء عاصمة لخلافته، وقف خارج مطعمه وراح يؤشر بيده على دورية أميركية عابرة ويصف جنودها بأنهم مخنثون وخلعاء. لكن مسجد الملوية، وهو سمي بهذا الاسم بسبب مئذنته اللولبية، مسجد مهمل بالفعل على رغم احتفاظه بهيكله العام، ويعيد أبناء سامراء إهماله إلى الكره الذي يكنه صدام حسين لجارته سامراء التي من الممكن في نظره أن يشكل تاريخها مصدراً لطموح أبنائها في حكم العراق. المسجد المبني من الحجر والتراب لم يجر ترميمه منذ مدة على رغم مساحته الشاسعة وضمه للكثير من التفاصيل المعمارية العربية التي قد تناسب خرافات البعث. المسجد على أهميته عارٍ وغير مأهول. مئذنته اللولبية صارت شعار المدينة فاستنسخ أهلها منه نسخاً صغيرة ووزعوها في ساحات المدينة وعند مدخلها، ولكن بما أن صدام حسين هو شعار العراق الوحيد أضيفت إلى نسخ المئذنة الملوية في بعض المواقع صورة الرئيس. أما كلمة سامراء، فتكتب على اللافتات البلدية وإشارات السير على نحو مختلف، فاسم المدينة هو إدغام لكلمات ثلاث، هي "سر من رأى" وهكذا يحب أهلها اليوم أن يسموها. المرقد والأسواق التاريخ يثقل على المدينة بأسمائه وأماكنه، وعلامات كثيرة في المدينة تردك إلى وقائع وعلامات منه. فسامراء إضافة إلى كونها إحدى عواصم الخلافة العباسية وإلى كونها أيضاً مدينة سنية، هي إحدى مدن العتبات الشيعية، ففيها مرقدا الإمام علي الهادي والإمام حسن العسكري والسرداب الذي يعتقد الشيعة أن المهدي المنتظر غادر منه. ووجود المرقدين والسرداب حوّل سامراء إلى مدينة سياحة دينية، ورتب عليها أيضاً وجوداً من نوع مختلف للأجهزة الأمنية العراقية. فالحجاج بحسب النظام البائد أحد مصادر الخطر ومراقبتهم تقتضي بناء شبكات كاملة من التجار والمحتكين بهم يمتون بولاء أكيد للنظام. هذا الأمر هو ما يفسر ذلك الانقسام الحاد في وجهات النظر بين أهل الأسواق المحيطة بالمراقد حيال الوجود الأميركي. ففي أسواق سامراء يعتبر وصول صحافي وشروعه بطرح الأسئلة على الناس مشروع اشتباك بين السكان. فهؤلاء التجار كان النظام فرض عليهم موظفاً مخبراً في كل متجر مهمته مراقبة الحجاج القادمين من كل أصقاع الأرض، ناهيك عن إدخاله تجاراً غرباء عن المدينة إلى الأسواق للهدف عينه. هذا الأمر وبقدر ما ساهم في وجود معادين لهؤلاء في أوساط السكان ساهم أيضاً في وجود طبقة واسعة من المستفيدين. فعليٌّ، وهو شاب سامرائي راح يتحدث عن دخول الأميركيين إلى المنازل وسرقتهم الأموال وحلي النساء، ويؤكد أن أبناء المدينة يتحضرون لحركة مقاومة واسعة ومسلحة، وأن عملاء الأميركيين من السكان أعدت لوائح بأسمائهم وسيصفون في أقرب فرصة. تجمع حول علي عدد من الباعة المتوزعين حول المرقد وبدا أنهم موافقون على كلامه، باستثناء شاب قدم من الجهة المقابلة من السوق وطلب أن يتكلم بمفرده. وفي محله الذي يبيع فيه الأقمشة كان عدد من التجار متجمعين، أكدوا أن معظم من تكلموا هناك أمام المرقد هم وكلاء سابقون لضابط الأمن الذي كان يتولى التجسس على الحجاج، وشرحوا آلية عمل الأجهزة الأمنية في أسواق سامراء، وقالوا إن الفتى شاكر السبع الذي قتل أثناء تنفيذه لعملية ضد الأميركيين ينتمي إلى عائلة كانت مستفيدة من النظام من خلال احتكارها تربية الدواجن في المدينة. تحدث هؤلاء التجار بلغة مختلفة تماماً وشرحوا حكايتهم المختلفة مع النظام العراقي وتوقعاتهم الإيجابية حيال زواله. البعث ليس خياراً سياسياً لكن التاريخ العربي الثقيل للمدينة لا يتيح لها مرونة حيال انقلاب مفاجئ في أوضاعها ينقلها من البعث إلى وضع تروج آلة ضخمة إلى أنه سيكون بعيداً من القيم المرتبطة ارتباطاً عميقاً بها. العروبة هنا في سامراء ليست خياراً سياسياً أو ثقافياً، إنها أسلوب عيش وصورة اجتماعية. ولهذا تعيش المدينة فصاماً كبيراً، فمن جهة لا يخبئ السامرائيون سعادتهم حيال سقوط تكريت. من جهة أخرى لا تتيح لهم العروبة المتمكنة من أرواحهم الانغماس في الأوضاع الجديدة. يمكن والحال هذه رصد حركة داعية لقتال الأميركيين في المدينة إلى جانب انفراج وغبطة من جراء الإنجاز الأميركي المتمثل في إسقاط النظام. ويُخرج أبناء سامراء قضية عدم قبولهم الوجود الأميركي بصيغة أبسط من الصيغة التي يتحدثون فيها عن عدائهم للنظام، إذ يقولون "إننا لن نقبل بأن يحكمنا الأميركيون"، بينما يشرحون مسألة عدائهم للنظام البائد بصيغة أعقد من ذلك، فيشرح بلال وهو تاجر من سامراء أن المدينة تعيش على ثلاثة قطاعات وهي: الزراعة المزدهرة فيها بحكم وقوعها على ضفة دجلة، وصيد السمك للسبب نفسه، والسياحة الدينية. القطاعات الثلاثة هذه كانت محاصرة من النظام. فالسياحة الدينية تراجعت بفعل الإجراءات الأمنية، ويحتكر عملية التجارة مع من تبقى من الزوار مقربون من النظام، والزراعة ضربت بالمنافسة التكريتية حيث تقدم للمزارعين التكريتيين فرص التصريف والقروض الزراعية. ويشير بلال إلى أنه ومنذ العام 1958 لم تبادر الدولة إلى إقامة أي مشروع عام في المدينة باستثناء بنائها مراكز حزب البعث. وفيما كانت سامراء مركز القضاء سرقت تكريت منها هذا الموقع فور وصول صدام حسين إلى الحكم. الضحية الأولى ويردد السامرائيون أمام زوارهم هذه الأيام العبارة التي راح يرددها أبناء تكريت حين راحوا يحتفلون بتحول مدينتهم إلى قضاء بعدما كانت ناحية وهي "تكريت صارت قضاء على حساب سامراء". وقام صدام بنقل الجامعة من سامراء إلى تكريت. لكن مشكلة سامراء مع تكريت أعقد من مسألة انحسار دور الأولى واتساع الثانية. صدام حسين كما يقول السامرائيون يكره تاريخ المدينة أو يخاف منه، وصحة هذا الاعتقاد راجحة، فالرجل لطالما استحضر خلال حكمه العراق التاريخ كركيزة لحكمه، وسعيه لتثبيت حقيقة أن رئاسته امتداد لتاريخ ولأجداد ولعشيرة نبيلة لم تؤمنها له تكريت، ولهذا راح يعيد دمج عشائر بأخرى ويكلف "مؤرخين" إعادة كتابة شجرة عشيرة جديدة له، وسامراء القريبة منها ربما كانت شاهداً على زيف ما يدعي، خصوصاً إذا استحضرت تاريخها في مواجهة تاريخ العوجة وتكريت. تعتبر مدينة سامراء من أقدم المدن العراقية صلة بحزب البعث، فهي أمدته بقيادات سبقت صدام حسين إلى الحزب. وبما أن بعثية سامراء أقدم من بعثية تكريت وأكثر نخبوية، فإن هذا سبب إضافي للحذر منها. ففرع حزب البعث في المدينة أعطى للحزب القيادي القديم عبدالله سلوم السامرائي وعبد الخالق السامرائي الذي كان أحد مفكري الحزب والذي سجن عام 1973 أي بعد أعوام قليلة على تسلم القيادة التكريتية للحزب الحكم في العراق لأسباب غير مهمة، وفي عام 1979 أي بعد انتقال صدام من نيابة رئاسة الدولة إلى الرئاسة، قام صدام وبناء على نصيحة من ابن عمه علي حسن المجيد بإعدامه نظراً لما يشكله وجوده حياً وإن في السجن من أمل للسامرائيين في طموحات سياسية. أما القيادي البعثي السامرائي الثالث الذي أعدمه النظام فهو علي عليان الذي أعدم مع 18 بعثياً من أبناء المدينة عام 1997 بتهمة التآمر على النظام. وسبقت هذه الحادثة بعامين حادثة شكلت عملية افتراق نهائية بين البعث الصدامي والبعث السامرائي، تمثلت بخروج مدير الاستخبارات العراقية العامة وفيق السامرائي من العراق وطلبه اللجوء السياسي في الخارج. أما عدد الذين أعدمهم النظام في سامراء، ومعظمهم إما بعثيون أو يمتون للحزب بصلة ما، فيزيد على المئة، وهو عدد ربما كان قليلاً بالنسبة لمدينة شيعية أو كردية، ولكنه رقم كبير بالنسبة لمدينة سنية عربية. وضمور سامراء من قضاء إلى ناحية لم يقتصر على وظيفتها الإدارية، فهي بعدما كانت تفوق تكريت بعثية وعروبة قلص الحزب فروعه فيها إلى فرع واحد، في حين وسع وجوده في تكريت والدور إلى فرعين في كل من المدينتين. وزعّم البعث على فرعه في سامراء أمين سر من تكريت، واختار من السامرائيين كوادر من غير ذوي الشهادات. العشائر السبع وكمعظم مدن العراق، فإن سكان سامراء من تحالف عشائري يضم سبع عشائر مستمرة إلى اليوم في عملها كوحدات اجتماعية، وما زالت تخضع أبناءها لشعائرها وقوانينها الداخلية، وهذه العشائر هي البو عباس والبو باز والبو بدري والبو نيسان والبو محمود والبو دراج والبو أسود. أما كنية السامرائي فهي تصنيفي مناطقي قد يخضع له أي مواطن من سامراء تتجاوز سمعته حدود المدينة. والعشائر السامرائية السبع عوملت من النظام بجريرة أبنائها، خصوصاً بعد حادثة فرار وفيق السامرائي من العراق، إذ شمل العقاب كل أبناء المدينة خصوصاً المنتمين منهم إلى السلك العسكري. فيقول اللواء خضير نصير السامرائي، الذي كان عميداً في الجيش العراقي حتى لحظة إعلان حله بعد سقوط النظام، إن "لا أحد من سامراء وصل إلى درجة توازي كفايته في المؤسسة العسكرية، وهذا الأمر قديم لكنه تفاقم بعد خروج وفيق السامرائي". وخضير السامرائي كان ملحقاً عسكرياً لبلاده في بكين ويقول إنه عندما عاد ألحق بوزارة الدفاع ومنع من العمل في بغداد. ويتابع اللواء السامرائي: "مشكلتنا مع صدام حسين من نوع مختلف، فلجيراننا الجبوريين في الضلوعية مشكلة عادية تتمثل في أن ضابطاً صغيراً من عشيرة الجبور ألقي القبض عليه أثناء تحضيره لمحاولة اغتيال لصدام حسين، فعوقب الجبوريون الذين كانوا أحد ركائز الحرس الجمهوري والحرس الخاص، وأبعد ضباطهم عن المراكز الميدانية وألحقوا بوزارة الدفاع، أما نحن فمشكلتنا لا ترتبط بحادثة وإنما بحساسية الرئيس الخاصة حيالنا ولم يبق منا في الدائرة القريبة من صدام حسين إلا أحمد السامرائي مدير ديوان الرئاسة" مواقع حساسة وكلام السامرائيين عن أزمتهم مع النظام لا يلغي علاقة أعمق به متمثلة أولاً في انتماءاتهم إلى أحلاف عشائرية كان من الصعب على النظام عدم التعامل معها، وثانياً خروجهم من الرحم الاجتماعي للبعث الذي أوصل الكثيرين منهم إلى مواقع حساسة بقيت دون مستوى طموحاتهم على ما يبدو في ظل تسييد النظام لتكريت التي لا تكن لها سامراء أدنى مودة. كما لا تؤدي فداحة الخلاف مع صدام حسين وأسرته ومدينته إلى القبول بالأوضاع الجديدة، إذ يبقى هؤلاء أقرب إلى المدينة وذلك بفعل التشابه على الأقل. ما يبقى من هذا الكلام اليوم وبعد سقوط النظام، كثير. صحيح أن حزب البعث سقط ومن المرجح أن يكون سقوطه في العراق نهائياً، لكن البعث كان في الكثير من أنواع وجوده ملمحاً اجتماعياً وسياسياً لبنية ما زالت موجودة وما زالت تعمل، من دون أن يعني أننا نقصد هنا أجهزة الحزب، بل ذلك النوع الاجتماعي الذي يبحث الآن عن صورة أخرى ليطل بها على السياسة. البعث وخصوصاً في العقد الأخير لم يكن أكثر من جهاز متسلط على هذه البنية، لكنه ليس غريباً عنها، ولهذا يبدو انهياره اليوم فرصة لآليات أخرى قد لا تقل فداحة عنه. فالمتجول في المدن الأربع التي تضم كلمة "تعسف" أحرفها الأولى أي تكريت وعانا وسامراء والفلوجة وحاضرات هذه المدن وأريافها القريبة سيلاحظ من دون شك زحفاً سريعاً لحركات إسلامية قادمة من أكثر من مكان. وربما كان المكان الأول هو ذلك الفراغ الذي خلفه منذ سنوات كثيرة ذواء البعث كفكرة وذواء الدعوات القومية الرديفة في بيئة تشكل هويتها هاجساً عنيفاً، أما الأمكنة الأخرى التي تتسرب منها الحركات الإسلامية إلى المدن العراقية فكثيرة، ومنها حدود العراق المفتوحة اليوم لكل من يرغب بالدخول. فالغارة الأميركية على مخيم الإسلاميين قرب مدينة الرمادي خلفت أكثر من 80 قتيلاً بينهم نحو عشرة يمنيين وآخرون أردنيون وسعوديون وسوريون. ومن الأمكنة الغريبة التي يتسرب منها الإسلاميون إلى العراق، هو ذلك الجهل الأميركي المخيف فعلاً بهويات الأحزاب وأنواع أنشطتها. فخلال عبورك من الفلوجة ستلاحظ لافتة معلقة على الطريق كتب عليها "مركز حزب التحرير الإسلامي - إمارة العراق"، علماً أن هذا الحزب الساعي إلى بعث الخلافة الإسلامية محظور في كل دول المنطقة وهو لم يرفع لافتة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لكنه رفعها في الفلوجة الخاضعة لسلطة وزارة الدفاع الأميركية. ملامح أصولية قادمة والمدن المذكورة تشهد عودة سريعة للوظائف السياسية للمسجد الذي صار ملجأً لشبيبة كان صدام حسين أخضعهم قبل سنوات قليلة إلى ما أطلق عليه الحملة الإيمانية، وبعد انهيار النظام وجد هؤلاء أنفسهم مهيئين لرد الخوف الذي أحدثه تبدل الأوضاع التي ربما كانوا ضحاياها لكنهم لا يعرفون غيرها سبيلاً إلى أنفسهم وهوياتهم، وذلك عبر العودة إلى المسجد. فيقول إمام مسجد الضلوعية الشيخ إسماعيل بن محمد العربي "أن المؤمنين تضاعفت أعدادهم بعد الاحتلال الأميركي للعراق" ويعيد الشيخ هذا الأمر "إلى أن الناس وجدوا في الإسلام سبيلاً لمقاومة المحتل". وفجأة حلت على الجدران إلى جانب العبارات التي خلفها النظام عبارات من قاموس جديد إلى حد ما على العراقيين مملوء بكلمات "الجهاد" ومفرداته. كما شاعت في هذه المدن وحولها الثياب الشرعية التي يلبسها رجال الحركات الإسلامية، وهذه الثياب لم يجر لابسوها تعديلاً كبيراً على قيافتهم عندما ارتدوها أخيراً، فزي أبناء العشائر لا تنقصه حتى يصبح على هذا النحو إلا إضافات قليلة، باستثناء من كانوا بالزي العسكري ولجأوا إلى هذا الزي أخيراً وهم كثر بحسب ما يؤكد العراقيون.