من تأليف السينمائية الاسرائيلية سيمون بيتون والفلسطيني الياس صنبر واخراج سيمون بيتون عرض المركز الثقافي الفرنسي في عمان فيلماً بعنوان "محمود درويش، والأرض كاللغة" يتناول سيرة الشاعر الفلسطيني مشتملاً على مقتطفات من اماس ٍ شعرية أقامها الشاعر في بيروت والقاهرة وباريس وأماكن اخرى. ويتضمن الفيلم الذي انتج عام 1999 فقرات من حوار طويل في بيت درويش ومسقط رأسه قرية البروة التي غدت أطلالاً، كما تبرق الكاميرا بلحظة الدمع لدى لقاء درويش عائلته بعد غياب 30 عاماً، فضلاً عن مشاهد للجليل وحيفا وعكا وعمان والبحر الميت ورام الله وبيروت والقاهرة . وتتقاطع قصائد درويش في الفيلم مع موسيقى واغان للفنان مارسيل خليفة الذي لحّن كثيرا من أشعاره، وخصوصاً قصيدة "ريتا" المرأة التي شاهدها الشاعر غداة مغادرته الأرض المحتلة عام 1948 اذ يقدمها الفيلم بصفتها واحدة من المحمولات الرمزية للعلاقة بين الفلسطيني والإسرائيلي. وفي لحظة مؤثرة ينطلق الفيلم بمقطع من ديوان لماذا تركت الحصان وحيداً: "إلى أين تأخذني يا أبي/إلى جهة الريح يا ولدي/لماذا تركت الحصان وحيداً لكي يؤنس البيت/يا ولدي فالبيوت تموت اذا غاب سكانها" ثم يسأل الشاعر بحيرة كبيرة:"كيف أكتب فوق السحاب وصية أمل/ وأهلي يتركون الزمان/ كما يتركون معاطفهم في البيوت؟". وتستعرض الكاميرا صوراً للشاعر في صباه، تتبعها صور حديثة ملونة لحيفا وعكا، ثم مشهد آخر من حوار يقول فيه "جاري كان يهودياً، ورفاقي في العمل السياسي كانوا يهوداً"، في اشارة الى امكان التعايش بين الفلسطيني والإسرائيلي إذا تخلى الأخير عن خياراته الدموية واعترف بحق صاحب الأرض بالعيش والحرية والدولة والحياة. وتنهمك الكاميرا في التقاط مفاصل أساسية في حياة درويش، وخصوصاً اثناء إقامته في بيروت حيث يصرخ الشاعر في لحظة الحصار الإسرائيلي: "حاصر حصارك بالجنون وبالجنون وبالجنون" ثم تتوالى الصور عن مجزرة صبرا وشاتيلا، والشهداء حين يصبحون على وطن: "أيها الشهداء قد كنتم على حق،/ لأن البيت اجمل من طريق البيت". تنتقل الكاميرا بعد ذلك الى محطات وعواصم كباريس وعمان حيث بيت الشاعر في ضاحية عبدون، وحيث مطبخه الذي تصنع فيه القهوة التي غدت واحدة من طقوس الشاعر الأثيرة، وهي ما خصص لها صفحات عدة في كتابه النثري الآسر ذاكرة للنسيان ليندلع بعد لحظات صوت مارسي : أحن الى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي. وفي مشهد ختامي بعد ان تتجول الكاميرا في مكتبة الشاعر وترصد أوراقه المرتبة وقلم الحبر الجاف، يهتف الشاعر وهو أمام الميكروفون: "والأرض بعيدة/ عن أرضها / وأنا بعيد عن كلامي"