يأخذ المخرج الفلسطيني نصري حجاج جمهور فيلمه الوثائقي "كما قال الشاعر" في رحلة تمتد ثماني وخمسين دقيقة الى العديد من الاماكن التي عاش فيها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش او القى اشعاره فيها. وقال حجاج لرويترز بعد عرض الفيلم مساء أمس الاول السبت على مسرح وسينماتك القصبة في رام الله "هذا الفيلم ليس وثائقيا بالمعنى الكلاسيكي للفيلم الوثائقي لان محمود درويش لم يكن شاعرا كلاسيكيا لذلك هو محاولة ان يكون سينمائيا يتناسب مع حداثة اشعاره التي بدأت قراءتها قبل اربعين عاما." واضاف "انتابني شعور بالخوف عندما قررت القيام بعمل سينمائي لقد كان تحديا كبيرا. محمود درويش ليس موضوعا بسيطا ولكنني ازعم ان روح محمود درويش كانت معي في كل مكان صورت فيه مشاهد الفيلم والتي شملت عشر دول وهذا خلق لدي الجرأة لعرض هذا الفيلم امام الجمهور." ورحل درويش في اغسطس اب عام 2008 اثر مضاعفات صحية بعد ان أجريت له جراحة في القلب في احدى المستشفيات الامريكية ووري جثمانه الثرى في مدينة رام الله على تلة مطلة على مدينة القدس. وكتب في دعوة الفيلم التي حملت صورة لدرويش والمكان الذي ووري فيه الثرى "الفيلم رحلة بصرية في حياة وشعر الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش ... محاولة للاقتراب من عوالم محمود حيث تأخذنا الكاميرا الى مدن ومنازل ومسارح وشخصيات عرفوا الشاعر واحبوا شعره..." ويستمع الجمهور في بداية الفيلم الى عزف على البيانو تقدمه الموسيقية اللبنانية هبه القواس من وحي قصيدة درويش الاخيرة (لاعب النرد) التي قرأها قبل رحيله باسبوع على مسرح قصر الثقافة في رام الله. ويذهب المخرج بالجمهور بعد هذا العزف الذي وصفه بانه ارتجالي الى مسقط رأس الشاعر في قرية البروة في الجليل الاعلى ويقدم لنا لقطات من داخل منزل درويش تظهر فيه صور له مع العائلة والاصدقاء اضافة إلى رسومات له. وينتقل المخرج مباشرة الى هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية حيث اجريت العملية الجراحية لدرويش والتي ادت مضاعفاتها الى وفاته بعد ايام ويظهر لقطات الى ما قيل انه الفراش الذي رقد عليه درويش خلال فترة علاجه الاخيرة ليقدم بعد ذلك مشاهد من الجنازة الحاشدة التي شهدتها شوارع رام الله في وداع درويش وذلك على وقع صوت الشاعر من قصيدة "على هذه الارض سيدة الارض ما يستحق الحياة". ويتضمن الفيلم قراءات شعرية لشعراء عالمين من فرنسا واسبانيا والبرتغال والولايات المتحدة وكردستان واسرائيل ولبنان والاردن وتونس وسورية وتنزانيا اضافة الى شاعرة فلسطينية شابة (داليا طه) جميعهم يقرأون مقتطفات بلغاتهم من اشعار درويش في الاماكن التي قرأ فيه مجموعة من اشعاره كان يصاحبها في بعض الاحيان صوت درويش. واوضح حجاج انه استمع الى ستين ساعة تسجيل بصوت درويش حصل عليها من ارشيف محطات تلفزيونية عربية اختار منها تلك المقاطع التي يستمع اليها الجمهور في الفيلم. واضاف "الشعراء الذين تم اختيارهم للظهور في الفيلم وهم يقرأون من اشعار درويش منهم من كان على علاقة شخصية مع درويش واخرون كانوا على علاقة مع اشعاره الخالدة ابدا." ويعود حجاج بالجمهور الى حيفا ليقدم ما قال انه معلم الطفولة نمر مرقس وهو يقرأ من اشعار درويش ترددها ابنته امل غناءً وبعد ذلك الى لبنان الى مقر مجلة الدراسات والى رام الله حيث كان مكتب درويش والى عمان حيث يظهر مكتب الشاعر وقلمه وبعض الاوراق المبعثرة عليه. ويظهر في الفيلم شاب يقدم بلغة الاشارة مع خلفية صوت درويش مقتطفات من قصيدة "لاعب النرد". ويختتم حجاج فيلمه بما قال انه مشهد تمثيلي لحصان في صحراء تونس يحاول الصعود من حفرة وسط الرمال ويؤدي حركات تتناسب مع صوت درويش اثناء قراءته مقاطع من "جدارية محمود درويش" ومنها "انا لا شيء اخر/ واحد من اهل هذه الليل/ احلم بالصعود على حصاني فوق اصعد ياحصاني ... فاصمد يا حصاني لم نعد في الريح مختلفين..." واشار حجاج الى ان الفيلم سيعرض بالتزامن في الثالث من فبراير شباط في بيروت وحيفا نظرا لاهمية بيروت وحيفا في تجربة (درويش) الشعرية كما سيعرض في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من الشهر الجاري في العاصمة الأردنية عمان.