دعا مؤتمر ضم اكثر من 500 من رؤساء العشائر العراقية الى ان يكون لهم دور اساسي في تشكيل اي سلطة مقبلة، مؤكدين على "عدم التعاون مع أي سلطة لا يكون لهم دور في تشكيلها". تحاول العشائر العراقية ان تستعيد دورها المفقود الذي أخذ بالانحسار في نهايات العهد الملكي، عند منتصف القرن الماضي، حين بدأ مشروع تحديث وإعمار اقتصادي مع تزايد حصة العراق من عائدات النفط، وساهمت النقلة النوعية في البناء الاجتماعي العراقي بعد 14 تموز يوليو 1958 في اضعاف سطوة العشائر والحد من تأثيرها. وأوجد صدام حسين صيغة هجينة لإعادة الاعتبار للنظام العشائري بتعيين شيوخ ضباطاً في الاستخبارات ومتنفذين في حزب البعث وفرضهم على عشائرهم. وبعد سقوط النظام تداعى رؤساء العشائر الى التمسك ب"المؤسسة العشائرية" والسعي الى استعادة دورها، والعمل ليكون لها حضورها الفاعل في مجمل العملية السياسية التي تقودها سلطة الاحتلال في العراق، ويتفق هذا مع رؤية الحاكم الاميركي بول بريمر الذي يؤكد اعطاء دور لقوى نافذة اخرى في المجتمع العراقي اضافة الى الاحزاب والحركات السياسية. واللافت ان اعلان تشكيل "المجلس الوطني لعشائر العراق" وعقده اجتماعاً تأسيسياً في العاصمة العراقية اول من امس، سبقته اجتماعات لتشكيلات عدة تزعم تمثيلها العشائر ولا تختلف في برامجها ومطالبها عن برامج ومطالب "المجلس" الجديد الذي يضم ممثلين ليس عن العشائر العربية في العراق السنية منها والشيعية فحسب، بل يضم ايضاً ممثلين عن عشائر كردية لها نفوذها في منطقة كردستان، الى جانب ممثلين لكنائس وطوائف مسيحية. وجاء في بيان "المجلس" انهم يريدون العمل بروح الجماعة، مستندين الى "التسامح وسماع الرأي الآخر"، كما يريدون تحديد هوية العراق الجديد "الخالي من كل التناقضات والسلبيات التي أوجدها النظام الديكتاتوري الساب"ق. مؤكداً ان عشائر العراق "لا تمثل حركة سياسية معينة ولا حزباً، انما هي مؤسسات اجتماعية منظمة، لم تتخل عن دورها الوطني على مرّ الأيام، فقد لعبت دوراً كبيراً في الحياة السياسية في العراق الحديث منذ عام 1921 تأسيس المملكة العراقية وما تلاه، وقد آن الأوان لتقول كلمة فصلاً تجمع العراقيين على الحد الأدنى من العمل الوطني المطلوب في هذه المرحلة". ودعا المجتمعون الى ان يكون لهم دور في لجنة اعداد وصوغ دستور العراق الجديد، وفي تشكيل أي سلطة عراقية مقبلة، واكدوا "عدم التعاون مع اي سلطة لا يكون للمجلس دور في تشكيلها"، معربين عن استعدادهم لتشكيل "قوة رسمية منتقاة من القبائل العراقية تتحمل مسؤولية تعزيز الأمن والنظام ودعم عمل الشرطة". كما طالبوا سلطة الاحتلال بتحمل مسؤولياتها في توطيد الأمن والاستقرار وإعادة الحياة، الى الهياكل الادارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد، واعطاء الاسبقية في إعادة "الإعمار للعراقيين لإتاحة الفرصة للكفاءات والأيدي العاملة العراقية ولتقليل البطالة، وتقديم الخدمات العامة للمواطنين واعادة بناء الجيش العراقي على أسس جديدة". وفي اطار العلاقة مع سلطة الاحتلال دعا "المجلس الوطني للعشائر" الى تحديد فترة زمنية لبقاء القوات الاجنبية على أرض العراق و"السعي الى اعتماد قرار دولي لإسقاط التعويضات والديون الخارجية، والى اقامة علاقات وطيدة ومتوازنة مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا لضمان مصلحة جميع الأطراف". ويرأس المجلس الجديد الشيخ مظهر عبدالكريم الخربيط رئيس عشائر البوخليفة والبومرعي التي يتسع نفوذها لمساحة واسعة من وسط العراق.