وقعت "الحركة الشعبية لتحرير السودان" وحزب "المؤتمر الشعبي" السوداني المعارض في لندن امس، اتفاقاً دعا الى "اعتماد الاجماع الوطني قاعدة للتشريع والسياسات في السودان". واعتبر الاتفاق ان بروتوكول مشاكوس الذي وقعته الحركة والحكومة السودانية "فتح نافذة طيبة لتحقيق السلام واتاح سانحة يجب ألا تضيع. ويجب أن تعمل القوى السياسية كافة على سد ثغراتها واكمال نواقصها عبر المشاركة الأوسع". ووقع على الاتفاق نائب الامين العام ل"المؤتمر الشعبي" الدكتور علي الحاج محمد وكبير مفاوضي الحركة نيال دينغ في حضور رئيس الحركة الدكتور جون قرنق الذي ناشد الحكومة خصوصاً لدى التوقيع "اطلاق المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي، بروح المصالحة والوحدة الوطنية". وتناول الاتفاق قضية وضع العاصمة التي تثير جدلاً واسعاَ حاليا، وتعتبر إحدى نقاط الخلاف الرئيسية المتبقية في مفاوضات مشاكوس. وقضى في هذا الشأن بأن "الفترة الانتقالية تعتمد على الاجماع الوطني قاعدة للتشريع والسياسات، بما يساهم في درء مفسدة الحرب، وبما يقدم مثالاً لعاصمة قومية واحدة تجعل وحدة السودان خياراً جاذباً غالباً عند الاستفتاء على تقرير المصير. والقرار بعد ذلك للشعب السوداني في اختيار دستوره الدائم في ظل نظام ديموقراطي". واوضح الاتفاق عند تناول بند التشريع ووضع العاصمة القومية أن "المؤتمر الشعبي يوضح ان منهجه الآن وفي المستقبل قائم على أن الاسلام يقدم الاجابات الصحيحة لادارة شؤون الحكم واصلاح الحياة العامة، عبر احترام الخيار الديموقراطي الحر، آخذين في الاعتبار تجربة نظام الانقاذ الشمولي". واتفق الطرفان "من منطلقاتهما المختلفة، على أن النظام القائم بنهجه الشمولي التسلطي لا يعبر عن الاسلام ومصالح المسلمين، ويعرض وحدة البلاد للخطر كما فعل بوحدة الحركة الاسلامية السودانية". ودعيا الى منهج حكم عملي مباشر يتسع للجميع عبر "حكومة انتقالية ذات قاعدة واسعة تشارك فيها القوى السياسية كافة، ومشاركة شعبية فاعلة في صوغ دستور الانتقال، وانتخابات عامة بقانون انتخاب نزيه وعبر رقابة دولية". وفي شأن التحول الديموقراطي طالب الطرفان ب"إعادة هيكلة الدولة بما يبطل احتكار الحكم والثروة والى نظام تعددي ديموقراطي يتيح التداول السلمي للسلطة، واعادة هيكلة الدولة، خصوصاً أجهزة الأمن، واعتماد نظام لا مركزي لحكم السودان، واعتماد تقرير المصير اساساً للوحدة". وأكد نائب الامين العام ل"المؤتمر الشعبي" أن حزبه "مهتم بالمستقبل ويريد رؤية السلام والوحدة وان يصبح الاجماع الوطني واقعاً معاشاً في السودان". وشدد على ضرورة استعادة الصدقية الى السياسة السودانية وتحويلها "قناعة محسوسة ملموسة يمكن الاعتماد عليها". وشدد قرنق خلال المؤتمر الصحافي، وفي مؤتمر صحافي عقده "التجمع الوطني الديموقراطي" في وقت لاحق أمس، على ضرورة تحقيق "الاجماع الوطني". وخاطب السودانيين قائلا: "لا نستطيع تغيير الماضي، لكننا نستطيع رسم المستقبل، ولذلك اريد العمل مع الجميع وفقاً للواقع القائم اليوم. ان عدم احترام التنوع في السودان كلفنا معاناة كبيرة، واحترام هذا التنوع والتعامل معه كرصيد وليس عبئا سيبني مستقبلاً أفضل للسودان". واعتبر ان اتفاقه مع حزب الترابي "اختبار لتطور السياسة السودانية نهنئ انفسنا عليه". وعندما سئل عن سبب اعتقاده بأن هذا الاتفاق سينجح اكثر من غيره قال إن "ما وقعنا عليه اليوم لا يطالب بوزارات ولا أموال وإنما هو جهد لبناء اجماع وطني في القضايا التي تشغل السودانيين. هذه وثيقة لبناء الاجماع وانقاذ السودان". وشارك في لقاء "التجمع" اعضاء هيئة القيادة هاشم محمد أحمد واحمد ابراهيم دريج والدكتور منصور خالد وعادل سيد أحمد عبدالهادي وحاتم السر. ورحب السر وهو الناطق الرسمي باسم "التجمع" بإتفاق الترابي - قرنق معتبراً أنه "يسير على ذات النهج الذي سار عليه اعلان القاهرة". وأوضح في رد على سؤال عن مستقبل العلاقة مع حركة قرنق في حال توقيعها اتفاق سلام نهائي مع الحكومة السودانية أن "اجتماع التجمع الاخير قرر ضرورة استمرار التحالف حتى اذا تم اقرار السلام بين الحكومة والحركة. نشيد بسعي الحركة الشعبية من اجل توسيع اتفاق السلام. واذا حصل من دون مشاركة التجمع فسنخوض الانتخابات كقائمة موحدة". وعلق قرنق قائلاً إن "عملية السلام تفتح مجالات واسعة للنضال وهي ليست نهائية. سنستخدم ما ينتج عن مشاكوس لدعم اهداف التجمع. السلام فرصة لنا جميعاً وحركتنا لن تعمل في الجنوب فقط وانما ستفتح فروعاً في انحاء السودان المختلفة".