بدأ وزير الخارجية البريطاني جاك سترو زيارة لطهران امس، في مهمة تتسم ب"الحساسية"، يسعى خلالها الى الضغط على المسؤولين الايرانيين لقبول تفتيش دولي اكثر صرامة لبرنامج بلادهم النووي، وفي الوقت ذاته إبقاء سياسة الانفتاح على طهران التي تنتهجها لندن، من خلال الضغط على المعارضين الايرانيين في الخارج. وعلمت "الحياة" في طهران ان سترو طلب تسليم ايران قياديين في تنظيم "القاعدة"، وان طلبه لم يلق تجاوباً. راجع ص7 وافادت مصادر الخارجية البريطانية ان سترو يحاول، خلال الزيارة التي تستمر يومين، وهي الرابعة من نوعها في اقل من سنتين، اقناع محاوريه الإيرانيين وفي مقدمهم الرئيس محمد خاتمي ووزير الخارجية كمال خرازي الذي التقاه مساء، بتفهم قلق الغرب من احتمال تطوير ايران اسلحة نووية. كما يحاول سترو اقناع ايران بعدم التدخل في الشأن العراقي والتعاون في مكافحة الارهاب، وتجاوبها مع عملية السلام في الشرق الاوسط، اضافة الى اثارة ملف حقوق الانسان في ايران التي تعتبره شأناً داخلياً. وافادت مصادر ديبلوماسية في طهران ان خرازي جدد خلال لقائه سترو مساء، انتقاده "الانحياز الاميركي الى اسرائيل"، ورد الوزير البريطاني بتطمين نظيره الايراني الى ان لندن تحرص من خلال "خريطة الطريق" على "قيام دولتين متعايشتين بسلام" في اسرائيل وفلسطين. وفي ما يتعلق بالاحتجاجات الاخيرة للطلاب الايرانيين، اثار سترو قضية حقوق الانسان وضرورة الاصلاحات الديموقراطية في ايران، فيما تساءل خرازي: "لماذا لا تعلق لندن على احداث ميشيغان"، في اشارة الى مواجهات بين السود والبيض في تلك الولاية الاميركية الاسبوع الماضي. الى ذلك، قال الوزير البريطاني ان بلاده "تتفهم ان لايران مصالح في العراق"، لكنه شدد على ان هذه المصالح لا تتحقق الا بقيام "دولة عراقية ديموقراطية". كما حض ايران على "استخدام نفوذها لدى الشيعة العراقيين، لحملهم على لعب دور بناء اكثر" في اعادة اعمار بلادهم. وشدد على ضرورة عدم تدخل ايران في شؤون العراق في هذه المرحلة الحرجة. واتفق سترو وخرازي على "ضرورة مكافحة الارهاب بمعزل عمن يمارسه"، فيما افيد ان الوزير البريطاني تعهد لنظيره الايراني ان تزيد لندن ضغوطها على منظمة "مجاهدين خلق" الايرانية المعارضة. ورجحت مصادر ديبلوماسية غربية ان يكون سترو الذي التقى مستشارة البيت الابيض لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس في لندن الجمعة الماضي، نقل تحذيراً الى طهران من عدم تجاوبها مع المخاوف الدولية، الامر الذي يؤدي الى الاضرار بالعلاقات بين ايران من جهة وبريطانيا ودول الاتحاد الاوروبي من جهة أخرى. وفي هذا المجال، قالت مصادر الخارجية البريطانية ان مهمة سترو تتضمن ابلاغ طهران ان تعاونها مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية "امر ملّح ويثبت حسن نياتها ويفتح الباب امام توقيع اتفاق التعاون التجاري بين ايران ودول الاتحاد الأوروبي ويزيل التوترات الحالية" بين الجانبين. وتطالب عواصم غربية في مقدمها واشنطن، طهران بتوقيع البروتوكول الاضافي الملحق بمعاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية والذي يسمح بعمليات تفتيش مباغتة للمنشآت النووية الايرانية، ما "يساهم في تبديد مخاوف المجموعة الدولية".