سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سترو يعتبر التغيير في إيران حتمياً ويحضها على إخضاع برنامجها النووي لتفتيش صارم . طهران ترحب بالحملة الفرنسية على معارضيها و"مجاهدين خلق" يتحدثون عن "صفقة سياسية"
رحبت طهران أمس، بحملة الاعتقالات التي طاولت 165 من كوادر منظمة "مجاهدين خلق" في فرنسا واعتبرتها "خطوة إيجابية". وفي المقابل، وصفت "مجاهدين خلق" الاتهامات بالإرهاب التي ساقتها السلطات الفرنسية لتبرير حملتها الواسعة ضدها، بأنها اتهامات "منافية للمنطق". وأشارت إلى "صفقة سياسية" بين طهرانوباريس، فيما اقتحم عدد من أنصارها القنصلية الإيرانية في هامبورغ احتجاجاً. وأعلنت السلطات الفرنسية أن حملة الاعتقالات التي طاولت مريم رجوي مرشحة المنظمة إلى الرئاسة في إيران، تدرج في إطار تحقيق قضائي حول نشاط "المجاهدين" الذين صنفتهم بأنهم "مجموعة مخلة بالأمن تعد لأعمال إرهابية وتمول منظمة إرهابية". وطغت الحملة الفرنسية على أنباء الاحتجاجات الليلية المتواصلة في طهران ضد النظام الإيراني، وعلى الأزمة الناجمة عن البرنامج النووي الإيراني، فيما اعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أن التغيير في إيران "يبدو حتمياً"، لكنه دعا إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، وحض طهران على التجاوب مع مطالب أوروبية - أميركية بإخضاع برنامجها لتفتيش صارم. رحبت طهران أمس، بالعملية التي نفذتها الشرطة الفرنسية قرب باريس ضد منظمة "مجاهدين خلق" الإيرانية المعارضة، واعتبرتها "خطوة إيجابية". وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي في تصريح نقلته وكالة الأنباء الإيرانية أن بلاده تتوقع أن تتصرف باريس مع أعضاء المنظمة ال165 الذين اعتقلتهم فرنسا، "على أساس أنهم إرهابيون خطرون". وأضاف: "كنا ننتظر منذ وقت طويل أن تتحرك السلطات الفرنسية بموجب قرارات الاتحاد الأوروبي الذي أعلن أن هذه المجموعة هي مجموعة إرهابية وبموجب الأنظمة الدولية". ولم تشر الوكالة إلى ما إذا كانت طهران طلبت استردادهم. واحتجاجاً على العملية، قامت مجموعة من أنصار المعارضة الإيرانية في ألمانيا بتخريب واجهة القنصلية الإيرانية في هامبورغ وأثارت أعمال شغب خارجها، ما حدا بالشرطة إلى التدخل واعتقال المتظاهرين الذين لم يتجاوز عددهم الخمسين. وقالت الشرطة إن 20 متظاهراً نجحوا قبل ذلك في الدخول إلى القنصلية وقلبوا الطاولات وطلوا الجدران باللون الأحمر، ثم خرجوا بمحض إرادتهم وانضموا إلى 30 آخرين في إلقاء الحجارة والفواكه على المبنى وحرق العلم الإيراني. كما طلوا الجدران الخارجية للقنصلية والسيارات المجاورة باللون الأحمر. وأكدت الشرطة أن المجموعة كانت تحتج على حملة القمع التي تتعرض لها المعارضة الإيرانية في فرنسا، وعلى معاملة المتظاهرين المناوئين للنظام في طهران. "مجاهدين خلق" يدحضون الاتهامات ووصفت حركة "مجاهدين خلق" الاتهامات بالإرهاب التي ساقتها السلطات الفرنسية ضد الحركة لتبرير حملتها الواسعة ضدها، بأنها اتهامات "منافية للمنطق". وقال الناطق باسم الحركة علي صفوي المقيم في لندن إن أعضاء الحركة يعيشون في فرنسا منذ سنوات طويلة و"لم تكن هناك أي مشكلة، فهم أينما كانوا لا علاقة لهم بأي نشاطات غير مشروعة في البلد المضيف". واتهم صفوي فرنسا بمحاولة استرضاء النظام في إيران، وقال إن الاعتقالات تمثل جانباً من "مؤامرة منسقة" بين فرنساوإيران. واعتبر أن السلطات الإيرانية التي سبق أن طالبت دول العالم بالتصدي للمعارضين الإيرانيين على أراضيها، مارست "ضغوطاً" على فرنسا، كي تتحرك ضد عناصر "مجاهدين خلق". وقال إن باريس "قامت بصفقة" مع طهران لأسباب "سياسية". ولم يقدم مزيداً من التفاصيل، مكتفياً بالقول: "إسألوهم". وأضاف: "المفارقة، هي أن الفرنسيين أمنوا حمايتنا المجاهدون من هجمات إرهابية للنظام الإيراني" في الماضي. ونفى نفياً قاطعاً المعلومات التي أفادت أن مسعود رجوي زعيم المجاهدين قد يكون غادر العراق بعد الحرب ليستقر في دولة أوروبية. وقال إنه في ذلك البلد منذ 17 عاماً ولا يزال هناك. واعتبر صفوي فكرة القضاء على "مجاهدين خلق" بأنها "خيالية". يذكر أن "مجاهدين خلق" هي حركة المعارضة المسلحة الرئيسية للنظام الإيراني، ويرأسها مسعود رجوي. وعينت زوجة هذا الأخير مريم "رئيسة إيران المقبلة" في 1993. وتضم مجلس قيادة يتألف من 24 امرأة. وتشكل النساء نصف عديد قوات جيش التحرير الوطني الإيراني الجناح المسلح ل"مجاهدين خلق". وتتولى مريم رجوي منصب القائد المساعد لهذا الجيش. وكانت هذه المنظمة تأسست عام 1965 بعد انشقاق داخل حركة تحرير إيران قومية بزعامة مهدي بازركان. وقضى جميع مؤسسيها في سجون الشاه. وعرفت فترة من الوجود الشرعي بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979، ثم حظرت فاتخذت من العراق مقراً لنشاطها العسكري ضد طهران، ووضعتها واشنطن على لائحة المنظمات الإرهابية، ثم أدرجها الاتحاد الأوروبي على لائحة المنظمات الإرهابية في أيار مايو 2002. تفاصيل الحملة الفرنسية وكانت أجهزة الأمن الفرنسية نفذت فجر أمس، عملية واسعة النطاق استهدفت أساساً المقر الرئيس ل"مجاهدين خلق" في أوفير سور واز ضاحية باريس. واعتقلت 165 من مسؤوليها وأعضائها ومنهم مريم رجوي. كما أدت العملية التي وصفت بأنها الأهم من نوعها في فرنسا منذ 30 سنة، وشارك فيها نحو 1300 عنصر من الشرطة والاستخبارات، إلى اعتقال صالح رجوي شقيق زعيم المنظمة مسعود رجوي، وهو طبيب مقيم في فرنسا منذ 30 سنة، إضافة إلى الكوادر المسؤولة عن مالية المنظمة. وشملت العملية 13 موقعاً موزعة على ضاحيتي إيفلين وفال دواز، إضافة إلى المقر الرئيس في أوفير سور واز، حيث يتخذ المجاهدون من ثلاث فيلات مقراً لهم منذ سنة 1981. وعثر في المقر على .31 مليون دولار و150 ألف يورو، إضافة إلى أجهزة كومبيوتر ومعدات إلكترونية وصفت بأنها حساسة. وأفادت السلطات الفرنسية أن حملة الاعتقالات تُدرج في إطار تحقيق قضائي عن نشاط المجاهدين، بدأ في نيسان أبريل 2001 وبناء لمذكرة صادرة عن القاضي جان لوي بروغيير، في إطار مكافحة "مجموعة مخلة بالأمن تعد لأعمال إرهابية وتمول منظمة إرهابية". وأفادت مصادر مطلعة على التحقيقات أنه في وقت يستبعد أن يكون المجاهدون يعتزمون القيام بأعمال إرهابية على الأراضي الفرنسية، فإنهم ربما كانوا يعدون لأعمال من هذا النوع في الخارج. وبالنسبة إلى توقيت العملية، أوضحت وزارة الداخلية الفرنسية أن مقر المجاهدين في أوفير سور واز تحول منذ سقوط نظام بغداد، المقر الرئيس للمنظمة في العالم. وقالت الناطقة المساعدة باسم وزارة الداخلية الفرنسية سيسيل بوزو ديبورغو إن حرب العراق إدت إلى تكثيف ملحوظ في نشاط المقر، إذ واكبها تدفق أعضاء في المنظمة إلى أوروبا عموماً وإلى فرنسا تحديداً. وذكرت مصادر مطلعة أن من بين أعضاء المنظمة عدداً من حائزي الجنسية الفرنسية وآخرين حائزين حق اللجوء السياسي، لكن هذا لا يشكل أي حصانة لهم ضد الملاحقة في إطار قوانين مكافحة الإرهاب. وأكدت أن العملية فرنسية بحتة ولم يسبقها أي تشاور مع الدول الأوروبية الأخرى ومنها تحديداً بلجيكا التي يتواجد "المجاهدون" على أراضيها. ونفت مصادر أخرى مطلعة من جانبها أن يكون سبق العملية تشاور مع أي طرف سواء أكان أميركياً أم إيرانياً، وقالت إن ما يبرر تفكيك المنظمة هو قيامها بعمليات غير شرعية بنظر القانون الفرنسي، انطلاقاً من الأراضي الفرنسية. خطوة مريحة للأميركيين؟ وأضافت المصادر أن هذا العمل من شأنه أن يريح الأميركيين، لكن هذا الأمر لم يكن هدفاً بحد ذاته، بل إن الهدف هو وقف نشاط المجاهدين الذي يعتبر مصدر تهديد للأمن في فرنسا، ولا بد من تدارك الأمور قبل اتخاذها أبعاداً أكبر. وأشارت إلى أن الهدف أيضاً لم يكن إرضاء الإيرانيين، على رغم أنه عندما تطلب فرنسا من إيران وسواها التشدد في مكافحة المجموعات الإرهابية، فمن المنطقي أن تعمل من جانبها على تنظيف أراضيها، من دون أن يعني ذلك أن مفاوضات تمت بهذا الشأن مع الجانب الإيراني. وأشارت مصادر مقربة من بروغيير ل"الحياة" إلى أن فرنسا ليست بعيدة من الولاياتالمتحدة في ما يخص العمل على مكافحة الإرهاب. وفي وقت لاحق قال وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي إن "مجاهدين خلق" منظمة "إسلامية -ماركسية" استقرت في العراق سنة 1986 واستفادت من دعم النظام العراقي السابق، وأنها بعد الحرب على العراق أرادت تحويل فرنسا إلى قاعدة خلفية لها وهذا ما لا يمكن تقبله. "النووي" الإيراني والضغوط الخارجية وفي غضون ذلك، تواصلت الضغوط الأوروبية على طهران لإقناعها بالتجاوب مع مطالب إخضاع برنامجها النووي لتفتيش دولي صارم، على رغم تأكيدها أنه برنامج مدني الطابع. وطلب رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتيس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، من الرئيس الإيراني محمد خاتمي توقيع البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية الذي يتيح القيام بعمليات تفتيش مباغتة. وفي الوقت نفسه، حض وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الحكومة الإيرانية على التعاون مع مفتشي الأممالمتحدة حول الشكوك القائلة إن طهران تعمل على إنتاج أسلحة نووية، لكنه حذر من التدخل في شؤون إيران الداخلية. وقال سترو إن الحكومة البريطانية اتخذت موقفاً أقل مواجهة تجاه إيران مقارنة مع بعض العناصر المتشددة في واشنطن. ولكنه مع ذلك أبدى رغبة لندن في الحصول على تأكيدات حول برنامج طهران النووي. وحذر الوزير في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي من أن وزراء دول الاتحاد الأوروبي مستعدون "لوقف" المفاوضات الجارية حول توقيع اتفاق تجاري مع إيران، ما لم يُحقق تقدم كافٍ في مسألة التفتيش الدولي على البرنامج النووي الإيراني. وقال سترو إن موقف الاتحاد الأوروبي يختلف عن موقف الإدارة الأميركية، فإن أوروبا تنخرط في حوار بناء ومشروط مع الحكومة الإيرانية. وأشار إلى أنه أبلغ الإيرانيين أنه إذا لم يكن لديهم ما يخفونه عن البرنامج النووي، فإنه ليس لديهم ما يخشونه إزاء التفتيش من وكالة الطاقة الذرية الدولية. وقال سترو إن إيران تريد الدخول في اتفاق تجارة وتعاون مع الاتحاد الأوروبي وهذا سيؤدي إلى حصولها على ترتيبات تجارية أفضل مع الدول الأوروبية. وزاد أن دول الاتحاد الأوروبي ربطت هذا الأمر على نحو وثيق بالتقدم الذي يحرز في مجال التفتيش على البرنامج النووي الإيراني وكذلك بالنسبة إلى حقوق الإنسان. أضاف: "قمنا بمراجعة موقتة للتقدم في هذه الأمور ولكنها لم تكن مرضية، وسنعيد النظر بعد التفاوض مع إيران في الخريف المقبل لنرى مدى التقدم إلذي تحقق". وعن التظاهرات التي جرت في طهران على مدى الأيام القليلة الماضية، قال سترو "إن التغييرات السياسية في إيران تبدو أمراً محتوماً". وأشار إلى أن نسبة 70 في المئة من الإيرانيين لا تتعدى أعمارهم الثلاثين عاماً، هذا في حد ذاته سيؤدي إلى دفع إيران نحو عملية الإصلاح والمزيد من التحرر. ولكن سترو قال إنه يرى أن تأتي عملية التغيير من داخل إيران نفسها. وهذا يختلف كما يقول المراقبون عن موقف واشنطن. وأكد سترو على ضرورة إعطاء الفرصة للإيرانيين لمعالجة قضايا المعارضة داخلياً. وحذر من أن التدخل الخارجي في شؤون إيران الداخلية ودعم المعارضة من الخارج، سيؤديان إلى وقف عملية الإصلاح. ولكن سترو أوضح أنه لم يحدث هذا التدخل الخارجي حتى الآن. اضطرابات مستمرة من جهة أخرى، أفادت تقارير في إيران أن الشرطة فرقت ليل الاثنين-الثلثاء تجمعات احتجاجية في العديد من المدن في مختلف المحافظاتالإيرانية. وذكرت أن عشرة من قوات الأمن أصيبوا بجروح في محافظة همدان شمال غربي. ونقلت وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية أسنا عن مدير الشرطة في همدان حامد داود كرامي أن أحد هؤلاء الجرحى في حال الخطر، وأن الشرطة ألقت القبض على اثني عشر شخصاً من المتظاهرين. وأضافت الوكالة أن "الطلاب رشقوا قوات الأمن بالحجارة وأطلقوا هتافات سياسية حادة ضد القيادات" في النظام الإسلامي. من جهتها تحدثت وكالة الأنباء الإيرانية عن اضطرابات وتجمعات متفرقة لعشرات الأشخاص في المدن الكبرى في مشهد شمال شرقي وأصفهان وسط وكرج غرب طهران وكرمان جنوب شرقي وكرمنشهر غرب وتبريز شمال غربي.