في الوقت الذي اقتربت فيه الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية من الاعلان عن وقف شامل للنار، بدت هذه الفصائل والقوى اقرب ما تكون لتكريس وحدة وطنية قل نظيرها في الساحة الفلسطينية التي شهدت مرارا وتكرارا انقسامات حادة ومواجهات وصلت حد اطلاق النار، والتصفيات والتناقض التناحري. بات تشكيل القيادة الوطنية الموحدة الموقتة امرا قريب المنال بعد ان احرزت القوى الوطنية والاسلامية تقدما كبيرا على صعيد صوغ العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية والبرنامج الوطني الموحد الجامع حوله كل الوان الطيف السياسي الفلسطيني. واعتبر النائب الاول لرئيس المجلس التشريعي ابراهيم ابو النجا، امين سر لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية ان "فكرة تشكيل القيادة الوطنية الموحدة الموقتة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية اصبحت ناضجة". ورجح ابو النجا في حديث الى "الحياة" امس الاعلان عن تشكيل هذه القيادة قبل نهاية الشهر الجاري. وكان رئيس الوزراء محمود عباس ابومازن ابلغ لجنة المتابعة العليا في اجتماع عقده مع ممثلي الفصائل والقوى فيها الاسبوع الماضي في مدينة غزة، موافقة الرئيس ياسر عرفات على تشكيل القيادة الوطنية الموحدة الموقتة الى حين الاعداد لانتخابات عامة جديدة لمؤسسات المنظمة والسلطة الفلسطينية. وورد اقتراح تشكيل هذه القيادة للمرة الاولى في ما بات يعرف ب"وثيقة آب" اغسطس التي تبنتها الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية صيف العام الماضي، قبل ان تتراجع حركتا "المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" عن الموافقة عليها في اللحظة الاخيرة. وتسعى لجنة الصياغة المنبثقة اخيرا من لجنة المتابعة الى صوغ وثيقة جديدة تستند الى نصوص "وثيقة آب" وملاحظات الفصائل عليها، خصوصا حركتي "حماس" و"الجهاد" والمستجدات السياسية والاقليمية والدولية، اضافة الى صوغ مذكرة حول القيادة ومهامها. وحسب ابو النجا فان "لجنة المتابعة تلقت ردودا ايجابية من الفصائل"، ومن بينها الحركتان الاسلاميتان المعارضتان لاتفاقات اوسلو والمفاوضات مع اسرائيل، اللتان "وافقتا على الانخراط في صفوف القيادة الموحدة الا انهما طلبتا معرفة هيكلية هذه القيادة". وتشير "وثيقة آب" الى ضرورة "تشكيل قيادة وطنية موحدة يشارك فيها الجميع، وتجسد الوحدة الوطنية، وتحقق جماعية القيادة والمشاركة في القرار الوطني واقرار السياسة والممارسة العملية، وتعزيزا لوحدة المرجعية والقرار والعمل والمقاومة من اجل تحقيق الاهداف الوطنية ... لفترة موقتة حتى يتم اجراء انتخابات ديموقراطية وشاملة لمؤسسات" المنظمة والسلطة الفلسطينية. من جانبه، قال جميل مجدلاوي عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ان الجبهة قدمت الى لجنة المتابعة العليا ما يمكن اعتباره افكارا للنقاش. واضاف مجدلاوي في حديث ل"الحياة" امس ان "الجبهة" اقترحت ان تتألف القيادة الوطنية الموحدة من "اعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير او حتى كل اعضائها 18 عضوا، اضافة الى الامناء العامين للقوى والفصائل، وممثلين عن حركتي "حماس" و"الجهاد" لتعويضهم عن عدم مشاركتهم في اللجنة التنفيذية الى جانب عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة من داخل الوطن وخارجه". وأشار الى ان الجبهة ترى ان تصادق اللجنة التنفيذية باعتبارها المرجعية العليا للشعب الفلسطيني على قرارات القيادة التي يجب ان تكون ذات طابع وطني وسياسي عام. وشدد على ان القيادة يجب ان تكون "قيادة عمل" وليست "رسمية شرعية تمثيلية" للعمل الفلسطيني خلال فترة موقتة يتم الاتفاق في شأن مدتها.