لم يعمل المطرب العراقي إلهام المدفعي على تطوير الموسيقى العراقية لمجرد التطوير، بل لقناعة شخصية بأن التطوير ضرورة عصرية، لذا قدم الأغنية العراقية في تصور بعيد من المعهود حظي بإعجاب الشباب العربي الذي كان دافعه ليعطي أكثر فأكثر. في بيروت حيث زارها للإعلان عن إطلاق ألبومه الجديد "بغداد" قابلته "الحياة": عرفك الجمهور اللبناني عبر اغان بعيدة من التراث والغناء العراقيين. هل كان ذلك نوعاً من الثورة على النمط القديم؟ - أنا فنان متطور أعمل على تطوير نفسي وموسيقاي بالطريقة التي افكر فيها، حتى النغمة الشرقية يمكنني تقديمها بأسلوب الجاز. فهناك عازفو جاز أعمارهم فوق الثمانين يقصدهم الشباب لأنهم يعزفون الأغنية نفسها يومياً وكل يوم يقدمونها باسلوب مختلف ومن يتابعهم يرى هذا التجديد، وأنا طورت الموسيقى في هذه الطريقة ولم أحددها بحدود، والعازفون عندي أحرار، مثلاً يعرف عازف القانون دوره المحدد في العزف ولكن لا يعرف متى يبدأ إلا لحظة ما أشير له ليبدأ، احياناً أبدأ بالإيقاع وأحياناً بالقانون وأحياناً بالغيتار فتختلف التصورات الموسيقية. لماذا تغير إسم الألبوم من "الهاميات" الى "بغداد"؟ - بوجود التقنية التي تنقل الأحداث الى العالم عبر الصوت والصورة بات الواقع الحياتي له دور في إعطاء الإنطباع للعالم. وأصبح موضوع بغداد الشغل الشاغل للناس في الأشهر الأخيرة الماضية، لذلك غيرت إسم الألبوم الى "بغداد". هل هذا يعني إنك تستثمر إسم بغداد للترويج؟ - يمكنك قول ذلك، علماً أن أغنية "بغداد" رائعة نزار قباني التي وضعتها في الألبوم كنت لحنتها وغنيتها عام 1977 ولكنني لم أسجلها إلا الآن وارتأيت أن تكون عنواناً للألبوم لأواكب من خلالها كل الأحداث حتى الفنية منها. أعطي الكلمة حقها نلاحظ أن كل أغاني ألبوم "بغداد" من ألحانك، ألا تخاف من التكرار؟ - أنا حريص على إيصال الأغنية الى مرحلة القناعة، وأن أعطي الكلمة حقها في التلحين، وهناك أيضاً التوزيع الذي يكمل اللحن ليكون بمستوى الكلمة. مثلاً لا نستطيع في أغنية "كذاب" للشاعر الكبير مظفر النواب والكلمات الرائعة الموجودة فيها إلا أن نعطيها ألحاناً رائعة تكون بمستوى الكلمة. غادرت العراق عام 1979، وبما إنك كنت بعيداً منه، فهل الجيل الجديد هناك يعرف أغاني إلهام المدفعي؟ - غادرت بغداد ولم أهاجر، بل خرجت لتوسيع آفاق عملي وعدت في عام 1990 لفترة قصيرة ثم فضلت الإقامة في الأردن، وبقي تواصلي مع وطني وأهلي كما هو ولم ينقطع، وكانت أعمالي تباع في العراق وكانوا يستمعون إليها في الحفلات والأعراس. أنت من المطربين القلائل في الوطن العربي الذين يرافقهم الغيتار أثناء الغناء، هل تراه حاجة أم إختصاراً للموسيقى؟ - نوع الغناء الذي أؤديه يحتاج الى آلة كاملة، والغيتار يعتبر هذه الآلة الكاملة، وهو يرافقني منذ كنت في الثانية عشرة من عمري واعتبره شيئاً أساسياً في أغانيّ لأنني أنقل الشعر معه في شكل أفضل لأوصل الكلمة الى الشباب. لماذا نرى الحزن والشجن في الأغنية العراقية؟ - الحزن في الأغنية العراقية أو في صوت المطرب له أسباب دينية وتاريخية وأخرى معاصرة، وأيضاً السلم الموسيقي عندنا غير السلم الموسيقي عند بقية الدول العربية، لذلك نرى في الأغنية العراقية نوعاً من القهر والغصة يميزه عن غيره. لماذا لم تغنِ المقام مثل المطربين العراقيين الآخرين هل هو الخوف أم الحذر؟ ممكن، لكنني غنيت المقام في "يوم طرب عيدا"و"رمانات". لكن هناك واقعاً معيناً، ولا يوجد الكثير ممن يجيدون الغناء بطريقة تجذب الناس، وهم يقدمون موسيقى غير التي أقدمها. أنا قدمت المقام بأسلوب أعطيت فيه للآلة دوراً أكبر وأقدم تقاسيم المقام، ليكمل الأغنية. فأنا مع مبدأ إما أن أغني مقاماً صحيحاً أو لا أغنيه. فهناك نوع من الجدل ولا أعرف لماذا، المقام ككنز مقفل في صندوق ولا يسمح بتطويره ولم يدون فآخر تقسيم قانون سجل عام 1893. مولع بأغاني فيروز بمن تأثرت من المطربين في العالم العربي؟ - المرة الأولى التي صعدت فيها الى المسرح وبرفقتي الغيتار غنيت للسيدة "فيروز" أغنية "بنت الشلبية"، وأنا مولع بأغاني فيروز وموسيقى الأخوين رحباني منذ صغري. ما رأيك بتقليد بعض الملحنين للألحان الأجنبية؟ - أصبحت الموسيقى والألحان قناعة، إضافة الى أنها أصبحت صناعة متطورة، ولا أرى مشكلة في أن يأخذ الملحن بعض الألحان ويطورها ويعطيها بصمته اللحنية، لأن دخول الموسيقى في عصر التكنولوجيا طور الأغنية وأصبح الملحن يأتي باللحن وبعدها ينتقي المطرب ذا الصوت المناسب. ما هي مشاريعك المستقبلية؟ - سأحيي حفلة في شهر تموز يوليو في لندن، إضافة الى رسيتال في باريس، وسأشارك في إحياء عدد من الحفلات في سورية والأردن خلال موسم الصيف. والحدث المهم حفلة في دار الأوبراالمصرية في شهر أب اغسطس، كما سأسافر الى اوروبا لتنظيم عدد من الحفلات وللمشاركة أيضاً في مهرجان برلين.