أكدت دوائر استثمارية إماراتية، في تحليلٍ لها أمس، ان التحسن الكبير في اداء أسواق الأسهم الخليجية يعود في درجة أساسية الى حصول بعض الشركات في المنطقة على عقود في اطار عملية إعادة إعمار العراق، وتدفق الأموال العائدة من الأسواق العالمية والمهجر الى المنطقة، مما أدى الى ارتفاع السيولة وتوجهها نحو أسواق المنطقة. لكن الدوائر شكت في الوقت نفسه من ان معدل النمو في مؤشر الأسهم الاماراتية كان ضعيفاً في النصف الأول من السنة الجارية قياساً على الأسواق الخليجية الاخرى، خصوصاً الكويتية والسعودية والقطرية، وذلك "على رغم تشابه الظروف والعوامل" التي تعيشها المنطقة وأسواقها. أعلن "بنك أبوظبي الوطني" ان مؤشره لقياس الأسهم حقّق ارتفاعاً بسيطاً في الفترة الماضية من السنة الجارية، بلغت نسبته نحو 6 في المئة فقط، مقابل ارتفاع مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية في الفترة نفسها بنسبة 66 في المئة والسوق السعودية بنسبة 43.8 في المئة والقطرية بنسبة 36.2 في المئة وسوق مسقط بنسبة 24.27 في المئة وسوق البحرين بنسبة 6.25 في المئة، وذلك على رغم "العوامل المشتركة" لتحسن اداء هذه الأسواق، وفي مقدمها قوة الاقتصادات الخليجية، وتوافر سيولة تبحث عن فرص استثمارية محلية ذات عائد معقول، بالاضافة الى الانخفاض الكبير في سعر الفائدة على الودائع، وتحسن المناخ الاستثماري في المنطقة، نتيجة الاستقرار السياسي والعسكري بعد سقوط النظام العراقي السابق. وأكد البنك في تقرير أعده مستشار "بنك أبو ظبي الوطني"، زياد الدباس، ان أسباب تحسن اداء الأسواق الخليجية تعود في شكل أساسي الى تحسّن معنويات المستثمرين، واداء الشركات المساهمة، والتوقعات بحصول الشركات الخليجية على مشاريع وأعمال في اطار إعادة إعمار العراق، وتصريف منتجات شركات اخرى، مما يساهم في تحسن ادائها وزيادة أرباحها، وتوظيف جزء من الأموال المهاجرة التي عادت الى المنطقة قبل الحرب على العراق وبعدها. وقال ان هذه العوامل ساهمت في تعزيز حجم الطلب وارتفاع حجم التداول وارتفاع أسعار معظم الشركات المتداولة في سوق الأسهم المحلية خلال شهر نيسان ابريل الماضي، حيث ارتفع المؤشر منذ شهر بنسبة 5.19 في المئة، وهو أكبر ارتفاع شهدته السوق منذ نحو عشرة أشهر. إلا ان السوق عادت الى ادائها الطبيعي في أيار مايو، فيما انخفضت خلال الفترة الماضية من الشهر الجاري بنسبة 0.5 في المئة. ويلفت التقرير الى ان أسواق الأسهم الخليجية الاخرى استمرت خلال الفترة نفسها في قوتها، حيث واصلت كل المؤشرات تحسنها. وقال ان حجم التداول في السوق السعودية بلغ خلال نيسان 47.8 بليون ريال، ما يساوي حجم التداول في سوق الامارات لمدة عشرة أعوام. وبلغ حجم التداول في السوق السعودية خلال أيار 46.29 بليون ريال، فيما بلغ حجم التداول في سوق الكويت للأوراق المالية ما يُعادل 18.5 بليون درهم. وأعرب الدباس عن اعتقاده بأن عوامل عدة تلعب دوراً مهماً في تباطؤ نشاط سوق الأسهم الاماراتية بالمقارنة مع الأسواق الخليجية المجاورة، على رغم ان البيانات التي نشرتها مجموعة كبيرة من الشركات والبنوك المساهمة عن ادائها في الربع الأول من السنة الجارية أظهرت "تحسناً كبيراً". وأضاف ان أهم هذه العوامل تتركز في ضعف الوعي الاستثماري الذي نجم عنه تكدّس الودائع لدى البنوك واستمرار التأثر بأزمة 1998 التي لا تزال تلقي بظلالها "السلبية" على نشاط السوق وادائها، وأدت الى محدودية عدد المشاركين والمستثمرين في سوق الأسهم المحلية، في الوقت الذي يلعب الاستثمار الأجنبي "الخليجي والعالمي" دوراً مهماً في بعض أسواق الأسهم الخليجية. ولفت في هذا الصدد الى ان التداول الكبير على أسهم شركات الاتصالات القطرية والسعودية مصدره خليجي. وذكر ان ضعف اداء السوق الاماراتية يعود الى أسباب اخرى، منها ضعف الاستثمار المؤسسي، ومحدودية صناديق الاستثمار المشتركة وموجوداتها بالمقارنة مع الأسواق الخليجية المجاورة. وأكد ان بعض الأسواق الخليجية استطاعت استقطاب جزء من أموال المقيمين على أرضها من خلال أدوات استثمارية مختلفة، فيما لا تزال الأسهم هي الاداة الاستثمارية الوحيدة في سوق الأسهم الاماراتية. ولفت الى ان الدور الذي تلعبه البنوك في الامارات لا يزال "محدوداً للغاية" بالمقارنة مع البنوك في أسواق الأسهم الخليجية، سواء من حيث تأسيس الصناديق الاستثمارية والاستثمار المباشر في الأسواق وتقديم القروض لمشتري الأسهم.