قال مسؤولون أميركيون إن أنصار الرئيس العراقي السابق صدام حسين يعملون على تجنيد مقاتلين عرب ومسلمين آخرين، إضافة إلى العراقيين، لمحاربة القوات الأميركية والحليفة في العراق. لكن مسؤولاً أميركياً رفيعاً نفى أن يكون المقاتلون العرب في العراق يعملون برعاية من حكومات بلادهم. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس عن الجنرال رايموند أودريانو، قائد الفرقة المدرعة الرابعة في الجيش الأميركي، أن قواته التي تتولى عملية مراقبة الحدود العراقية تمكنت من ضبط الحركة على الحدود مع إيران وإلى حد كبير مع سورية، لكن القطاع الغربي في العراق ما زال سهل الاختراق ويشكل خطورة خاصة. ووفقاً للصحيفة وقع في العراق خلال الأسبوعين الأخيرين 131 اشتباكاً بين القوات الأميركية والمقاومة العراقية، تسعون منها كانت هجمات نفذها رجال المقاومة على المعسكرات والدوريات ونقاط الحراسة الأميركية في مواقع مختلفة. وأكد مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون وجود مقاتلين عرب من جنسيات مختلفة "أكثر بكثير مما نعلم". وتواجه القوات الأميركية، بالإضافة إلى المقاتلين العراقيين، مقاتلين عرباً من سورية والسعودية واليمن والجزائر ولبنان والشيشان. وأضافوا ان عدداً من المقاتلين من جنسيات عربية مختلفة كانوا موجودين في العراق قبل الحرب وشاركوا في المعارك التي تصدت للقوات الأميركية قبل دخول العاصمة العراقية، لكنهم تفرقوا، ليواصل قسم منهم المشاركة في عمليات المقاومة التي تواجهها القوات الأميركية والحليفة في الأسابيع الأخيرة. ولفتوا إلى أن جهوداً تبذل لتجنيد مقاتلين عرب ومسلمين جدد. ونقلت الصحيفة عن الجنرال ويليام ويبستر، نائب قائد القوات البرية الحليفة في العراق، أن عناصر من حزب "البعث" العراقي وأنصاره السابقين في غرب العراق وشماله يوجهون نداءات إلى حركات خارج العراق لإرسال مقاتلين إلى العراق، بالإضافة إلى تسليحهم المقاتلين العاملين في الأراضي العراقية حالياً. وتنبهت القوات الأميركية إلى دور المقاتلين العرب والمسلمين في العراق إثر الهجوم الذي شنته الأسبوع الماضي على معسكر لتدريب رجال المقاومة في بلدة الراوة الواقعة على بعد 150 ميلاً شمال غربي بغداد، حيث ألقت القوات الأميركية القبض على اثنين من المهاجمين تبين لاحقاً أنهما سوري وسعودي، كما عثر في المعسكر على عدد من جوازات السفر الأجنبية. وذكر مسؤولون أميركيون ان الأسيرين، السوري والسعودي، أبلغا المحققين أنهما تلقيا أموالاً لقاء تجنيدهما لمقاتلة القوات الأميركية. ولعب المقاتلون العرب دوراً بارزاً في التصدي للقوات الأميركية خلال الحرب، حيث دخلت العراق أفواج من المتطوعين العرب جاؤوا من سورية وحاربوا في بغداد. وتأكدت القوات الأميركية من هوية هؤلاء المقاتلين من خلال جوازات السفر التي عثر عليها مع المقاتلين الذين سقطوا دفاعاً عن بغداد. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن استمرار تجنيد المقاتلين خارج العراق مسألة بالغة الخطورة، وتوحي بأن وراء هذه العملية منظمة قوية لأنها تحتاج إلى تنظيم دقيق وأموال كثيرة. وما يقلق الأميركيين حقاً أن من يريد محاربتهم الآن لم يعد بحاجة إلى السفر مسافة طويلة إلى دول مجلس التعاون الخليجي للعثور على الجنود الأميركيين وضربهم، فهو قادر على القيام بذلك على مقربة منه في العراق، من دون عناء كبير. ونقلت الصحيفة عن محلل استراتيجي أميركي أن الميليشيات التي تقاتل الأميركيين في العراق حالياً تهدف إلى ضرب معنويات الجنود الأميركيين وإرغام الإدارة الأميركية على اتخاذ قرار سريع بالانسحاب. ووفقاً للتقديرات الأميركية كان في معسكر التدريب الذي هوجم بالقرب من الراوة حوالى 70 مقاتلاً من جنسيات عربية مختلفة، كما أشارت معلومات متوافرة لدى القوات الأميركية إلى أن عدداً آخر من المقاتلين العرب كانوا في طريقهم من سورية إلى المعسكر ذاته. ولم تستطع القوات الأميركية تحديد عدد المقاتلين العرب الذين قتلوا في الهجوم، لصعوبة فرزهم عن المقاتلين العراقيين الآخرين. لكن القوات الأميركية اعترفت بأنها واجهت مقاومة شرسة من جانب المقاتلين في المعسكر الذين تمكنوا من اسقاط طائرة هليكوبتر أميركية، وجرح في العملية ضابط أميركي. ويرى المحللون في البنتاغون أن الوصول السريع للقوات الأميركية إلى بغداد من الكويت أدى إلى عدم انتشار هذه القوات في جميع المناطق، ما ساعد أنصار صدام على إعادة تجميع أنفسهم في المناطق التي تأخر دخول القوات الأميركية إليها، معتمدين على أن أجهزة حزب البعث والسلطة في هذه المناطق لم تضرب ولم يقتل أحد من المسؤولين البعثيين فيها. وتعليقاً على هذا الوضع نقلت الصحيفة عن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أن "هذا يعني أن الصراع ما زال موجوداً مع النظام بشكل جزئي" في العراق. من جهتهم يجد الجنود الأميركيون صعوبات خاصة في مواجهة المواطنين العراقيين خلال محاولتهم فرض النظام في بغداد والمدن الأخرى، فحتى الأطفال أصبحوا مصدر قلق خاص لهؤلاء الجنود. ونقلت الصحيفة عن الضابط كريس لافيتو المشارك ضمن القوات التي تحاول فرض النظام في بغداد: "لم نعد نعرف بعد كيف نرد على الناس"، وأضاف أنه اعتقد بأن الحرب انتهت، لكنه يدرك الآن أنه لا يمر يوم من دون وقوع حادث ما، مشيراً إلى الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي وفي بغداد بالذات، فيما أصبح الجنود الأميركيون يشعرون الآن أنهم أهداف سهلة للمقاومة العراقية. ونقلت الصحيفة عن عدد من الجنود الأميركيين أن وسائل الإعلام لا تعطي صورة حقيقية عن عمليات المقاومة وتكتفي بذكر الحوادث التي يقع فيها ضحايا، لكن ما ينشر عنها يشكل فقط نسبة ضئيلة من الهجمات بالرصاص والقنابل اليدوية التي تجري ليلياً. وقال الضابط نيكولاس برايت إن مراقبة السطوح مسألة أساسية لأن الجنود الأميركيين يتعرضون منها للهجمات بشكل متواصل. ولفت إلى أن الجنود الأميركيين في بغداد، البالغ عددهم 54 ألف جندي، أهداف متحركة للمقاومة العراقية، مشدداً على أن هذا ليس شعوره وحده بل شعور الجنود الآخرين "وإذا قال أحد منهم غير ذلك فهو يكذب".