تراقب أجهزة الاستخبارات الأميركية عن كثب ما يجري في العراق لكن الأدلة التي وعدت واشنطن بعرضها قد تكون جدا ضئيلة بالكاد كافية لطرح جملة من الافتراضات كما يرى عدد من الخبراء في مجال الاستخبارات. وكان بوش قد أكد الثلاثاء ان واشنطن ستعرض على مجلس الامن معطيات سرية تثبت على حد قوله ان العراق يملك اسلحة دمار شامل ويقيم علاقات مع شبكات ارهابية منها تنظيم القاعدة.. لكن السفير الروسي في الاممالمتحدة سيرغي لافروف رد في اليوم التالي نود رؤية ادلة غير قابلة للجدل قبل الذهاب الى الحرب. وفي الواقع تملك الولاياتالمتحدة وسائل ضخمة للتجسس على العراق بدءا من صور الاقمار الصناعية والمراقبة الجوية ورصد الاتصالات الى جانب المعلومات التي يبوح بها المعارضون العراقيون. غير ان المدير السابق لقسم مكافحة الارهاب في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) فينسنت كانيسترانو يعتبر ان على الولاياتالمتحدة في هذه المرحلة ان تثبت علنا وبصورة واضحة ان العراقيين يخزنون اسلحة دمار شامل. والمشكلة هي انها لا تملك شيئا تمسك به العراق متلبسا بالجرم المشهود. واضاف في المقابل ان هناك عناصر جيدة جدا تؤكد ان العراق يلعب لعبة الخداع. وأكد في هذا السياق ان اجهزة الاستخبارات الاميركية لديها معلومات جيدة جدا تؤكد انه خرق نظام الاتصالات في المقر العام لمفتشي الاممالمتحدة في بغداد وزرع فيه اجهزة تنصت.. واضاف ان ذلك يعطي قليلا من التقدم لاجهزة الاستخبارات العراقية، ليس كثيرا لكن بالشكل الكافي الذي يمكنهم من نقل بعض الامور، مؤكدا ان ما تملكه الولاياتالمتحدة يتمثل في رصد اتصالات قام بها مسؤولون عراقيون وهم يأمرون فرقهم في مواقع مختلفة ستتعرض للتفتيش بنقل معدات. لكن عمليا هذا كل ما يملكونه. ولمراقبة العراق من الجو لا تتردد واشنطن في الاستفادة من كل الوسائل. فهناك ستة اقمار صناعية عسكرية لمكتب الاستطلاع الوطني (ان ار او) مصوبة بشكل دائم على العراق لتزود البنتاغون بشكل مستمر عمليا بصور عن مواقع حساسة. بيد ان هذه الاقمار الصناعية المخصصة للتجسس عمياء عندما يتعلق الامر بالنظر الثاقب عبر الجدران. ولفت كانيسترانو في هذا الصدد الى ان صور الاقمار الصناعية لا تقدم اي مساعدة. فهي تظهر بعض الامور تتحرك لكنها لا تبين لنا مضمونها. ولجهة المعلومات التي يبوح بها معارضون عراقيون أكد كانيسترانو ايضا انها تفتقر عموما الى المصداقية لان كثيرين منهم يختلقون قصصا. اما في ما يتعلق بالعلاقات بين بغداد والشبكات الارهابية وخصوصا تنظيم القاعدة، فقال ان الادلة ضئيلة جدا وتفتقر بشكل فظيع الى المصداقية. يبقى ثمة سؤال مطروح وهو لماذا واشنطن لا تتقاسم الادلة التي تزعم بانها تملكها مع الاممالمتحدة؟ وفي هذا الخصوص يتساءل المحلل في مركز الابحاث الخاص غلوبال سيكيوريتي باتريك غاريت اذا كان في حيازة ادارة بوش حقا دليل حاسم واذا كانت تعلم اين يوجد كل شيء فاننا نتساءل لماذا لم تطلع (المفتشين الدوليين) عليها ولم تبلغ معلوماتها السرية جدا الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويذكر كانيسترانو ايضا ان اجهزة الاستخبارات الاميركية ليست معصومة عن الخطأ فهي ارتكبت في الماضي اخطاء مريعة مثل القصف خطأ سفارة الصين في بلغراد في العام 1999. واضاف ثمة مثال آخر وهو قصف مصنع الشفاء للادوية في السودان في العام 1998 والذي قدم على انه منشأة كيميائية.