نجحت الاتصالات ومساعي التوفيق في قطع الطريق على تجدد "الاشتباك السياسي" بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري اللذين أبديا تجاوباً مع جهود توفير أجواء هادئة أتاحت لجلسة مجلس الوزراء التي عقدت امس، تجاوز الخلافات التي كانت تهددها بسبب التباين في وجهات النظر في الملفات الخلافية التي نوقشت بروحية التوافق على تبديد تعقيداتها. ولعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري دوراً، ليس في تجنّب انفجار أي خلاف وعودة الأمور الى نقطة الصفر فحسب، بل وفي التوصل الى مخارج تحفظ للوزراء دورهم في التعبير عن رأيهم بصراحة أو ابداء ملاحظاتهم بعيداً من التوتر والانفعال، للحؤول دون اللجوء الى التصويت اذا كان يؤدي الى انقسام في الحكومة لا يرغب به الحريصون على التوافق. وانضم الى بري الذي كان طوال اليومين الأخيرين على تواصل مع الحريري، خصوصاً بعد اجتماعه مع نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس الذي التقى فور عودته من الخارج الرؤساء الثلاثة، اضافة الى عدد كبير من الوزراء وبينهم محسوبون على رئيس الحكومة. وعلمت "الحياة" ان فارس الذي مرّت علاقته سابقاً بالحريري بحال من الفتور، نقل اليه أجواء ايجابية عن لحود الذي اكدت مصادره انه على استعداد للتعاون خلافاً لكل التأويلات السلبية التي تسيطر على العلاقة بين الرئيسين، اذ لا مجال الا للتفاهم وان اختبار النيات التي يبديها الجميع سيكون في مجلس الوزراء حيث لا يجوز ان يفسر ابداء الرأي الذي هو أمر طبيعي على انه انحياز الى جانب هذا الرئيس او ذاك ضد الآخر. وقال فارس ان سبب غيابه عن جلستي مجلس الوزراء السابقتين كان حصر جدول الاعمال بالأمور العادية واستبعاد الجوهرية. وأشار الى ان الامور بدأت تسير في الاتجاه الصحيح آملاً ان تتمكن الحكومة من الاقلاع من جديد. كما ان الوزراء الذين التقاهم بري استعداداً للجلسة، أكدوا انهم لن يكونوا سلبيين ولا يرغبون في اللعب على التناقضات بين الرئيسين، خصوصاً ان ما يهمهم هو تجاوز الشلل الذي يصيب الحكومة ويضرب صدقيتها، بخاصة ان الظروف الدقيقة التي تمر فيها المنطقة تتطلب الارتفاع الى مستوى المسؤولية. وتمنى بعض الوزراء على الحريري التعاطي معهم بانفتاح وعدم تصنيفهم في خانة الخصوم في حال حصول اي تباين لدى مناقشة اي مسألة تطرح في مجلس الوزراء، مشيرين الى الدور الايجابي الذي لعبه الوزراء المقربون من رئيس الحكومة في التوصل الى مخارج لائقة للقضايا العالقة وفي مقدمها التعيينات في الضمان الاجتماعي والاستملاكات التي حصرت بالمدارس وهو بند قرر الحريري التعاطي في شأنه على قاعدة عدم الاختلاف مع رئيس الجمهورية، بما فيه احتمال تأجيله بعد صرف النظر عن قصر المؤتمرات، وتقرير ديوان المحاسبة عن مراقبة ادارة الهاتف الخلوي والمطالعة الصادرة عن مجلس شورى الدولة في هذا الخصوص، وملف الاعلام ككل والتوافق على احالة قضية "تلفزيون الجديد" الى القضاء المختص. وفيما أكد الوزراء ان الحريري ابدى تجاوباً مع الجهود التي سبقت الجلسة وبدا مرناً، قال هؤلاء ان بري أسهم في فك الارتباط بين العلاقة الشخصية للرئيسين وبين تسهيل عمل مجلس الوزراء، لأن حسم الجدل في الملفات الخلافية يهيئ المناخ لتطبيع العلاقة بين الرئيسين، والذي لا يجوز تجميد كل شيء الى حين حصوله لأن الوضع الراهن لم يعد يحتمل الشلل القائم والاحتقان السياسي. واشار الوزراء الى دور دمشق، عبر رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان العميد الركن رستم غزالة الذي شجع المسعى الذي تولاه بري وأيد تحرك الوزراء لتبديد اجواء التشنج من دون ان يتدخل في التفاصيل الخاصة بالملفات العالقة ناصحاً تغليب التفاهم. بدوره دعا وزير البيئة فارس بويز الى "فك الارتباط بين الكرامات والمواقع وبين مواضيع مجلس الوزراء التي تهم البلاد".